ولاء خضير - ترك برس

ما بين رفض وقبول، وتردّد، وعدم ترحيب. مرت قضية طلب انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي بمراحل متفاوتة، اختلف فيها تصويت الدول، وانتظرت تركيا سنين عديدة  لقبول عضويتها، ليس لأنها "الطرف الضعيف"، لكن الذي يثير مخاوف دول الاتحاد هو أن تتجاوز تركيا خلال سنوات قليلة أقوى الدول، وهو ما سيمنحها الأغلبية في البرلمان الأوروبي، ويجعلها صاحبة موقف ورأي في سياسات الاتحاد، وهو ما ترفضه كثيرٌ من دول الإتحاد "الغربيّة".

بيد أن أسباب رفض الاتحاد لانضمام تركيا، يصب في خانات أخرى، لعل أهمها، كون الاتحاد الأوروبي لا يرغب في دولة عضوة، تكن لها حدود مشتركة مع سوريا وإيران والعراق، - باعتبارهم دول صراع وحروب-، عدا عن أن عدد سكان تركيا البالغ حوالي 78 مليون نسمة، يُصعب من قدرة الاتحاد الأوروبي على استيعابهم.

أما الادعاء الحاصل بأن الديمقراطية التركية لا تشبه الديمقراطيات الأوروبية، وأن الجزء الأكبر من مساحة تركيا يقع في القارة الآسيوية، كما أن الاتحاد يُصرح مرارا وتكرارا، أن تركيا ثقافيًا وحضاريًا واجتماعيا – كونها دولة مسلمة - لا تتشابه مع أوروبا.

وهناك أيضًا جملة من القضايا السياسية، منها النزاع طويل الأمد بين تركيا وقبرص (الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي)، وقلق الاتحاد إزاء وضع حقوق الإنسان في تركيا، وأزمة التأشيرات، واتفاقية إعادة قبول المهاجرين غير الشرعيين، ومما يحكم أيضا، تقرير التقدم في المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

إلا أنّ قضية "قبرص" تظل عقبة رئيسية، في وجه دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث سبق وأقر البرلمان الأوروبي مشروع قرار، "غير ملزم" بشأن تركيا، يدعوها إلى سحب جنودها من جمهورية شمال قبرص التركية، وتسليم منطقة "ماراش" القبرصية، إلى الأمم المتحدة.

إلا أن كافة الأسباب مجتمعة، لا يمكن أن تأخذ بالحسبان، وتكون سبب أساسي لرفض انضمام تركيا، فمباحثات الانضمام تجري بين الفينة والأخرى، وسط تقدم جزئي، وهو ما صرح به رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، هو "أن تركيا على عتبة عهد جديد في عام 2016م، وستنضم إلى الاتحاد الأوروبي قريبًا، بعد تحقيقها تقدما اقتصاديا، وتقدما سياحيا، تعود فائدته على الاتحاد الأوروبي".

وفي حين، يريد الاتحاد الأوروبي تشجيع تركيا على المساعدة في ايقاف سيل المهاجرين المتدفق إلى أوروبا، كورقة لاعبة وحاسمة في قبوله للانضمام، تأخذ الأحداث الأخيرة منحنى آخر، يعلو بأهمية انضمام تركيا وبشكل جدّي إلى الاتحاد.

وكانت تركيا قدمت بطلب رسمي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1987م، ووقعت اتفاقية اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995م، وفي عام 1999م، اعتُرِف بتركيا رسميًا كمرشح للعضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، غير أن مفاوضات العضوية الكاملة، لم تبدأ إلا عام 2005م، في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية، ودون تحديد سقف زمني لها.

الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، هي الدول الثمان والعشرون ذات العضوية، والتي بدأت في التكوين من ستة دول في عام 1951، ويتكون الاتحاد الآن من ثمان وعشرين دولة جمهورية، وتعتبر كرواتيا آخر الدول المنضمة للاتحاد في في سنة 2013.

أما بالنسبة للدول الأعضاء فهي كالتالي، مرتبة حسب الأقدمية في الانضمام للاتحاد: ألمانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، وفرنسا، ولوكسمبورغ، وهولندا، والدنمارك، والمملكة المتحدة، وجمهورية أيرلندا، واليونان، وإسبانيا، والبرتغال، والسويد، والنمسا، وفنلندا، وإستونيا، وبولندا، والتشيك، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وقبرص، ولاتفيا، وليتوانيا، ومالطا، والمجر، وبلغاريا، ورومانيا، وكرواتيا، ومن الدول المرشحة للانضمام: آيسلندا، وصربيا ومقدونيا.

لا تنوي تركيا انتظار عضوية الاتحاد الأوروبي لأكثر من 50 عاما، فقد كان هدفها الأول، هو تحقيق تنمية اقتصادية، وقد تحققت، وأنظارها اليوم تتجه نحو بلوغ معايير الاتحاد الأوروبي، وهو ما أكدته  قمة بروكسل، التي جمعت تركيا بالاتحاد، لأول مرة منذ انقطاع دام 11 عاما.

وتضمنت القمة، خطة عمل مشتركة "لاحتواء تدفق اللاجئين"، وجولة هامة من المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، تبدأ مطلع العام المقبل عام 2016، ولمدة 3 أشهر، وتفضي لتسهيل انضمام أنقرة للاتحاد، وإلغاء التأشيرات بين الطرفين، ابتداء من تشهرين تشرين الأول/ أكتوبر 2016م. وهو ما اعتبر يوما تاريخيا لتركيا.

تفرض إنجازات تركيا، ونموها الاقتصادي المزدهر، على دول الاتحاد التفاوض الجدي لقبول انضمامها بأقرب وقت، لا سيما أن تركيا تواجه كثيرا من الأخطار، والتهديدات الحاصلة في المنطقة، وأن الاتحاد إن لم يوجد تحالفًا دوليًا، ولغة مشتركة موحدة مع تركيا، سيواجه الأخطار بشكل مكثف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!