
ترك برس
مُعضلتا الإرهاب والهجرة من أكثر المُعضلات والعقبات التي أصبحت تواجه أمن واستقرار وتقدم العديد من الدول حول العالم، ولوحظ في الفترة الأخيرة أن هاتين المشكلتين سيطرتا بشكل جَلي على جميع اجتماعات المحافل الدولية التي كان أخيرة اجتماع دول العشرين "الاقتصادي" في مدينة أنطاليا التركية، واجتماع "التغير المُناخي" في العاصمة الفرنسية "باريس".
ويرى الخبير في قضايا الإرهاب "أوزجان كوكنال" أن "مُعضلتي الهجرة والإرهاب ترتبطان بشكل قوي بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، عدم الاستقرار هو السبب الأساسي لهاتين المُعضلتين وتفاقهمها، وهناك ارتباط طردي بين هاتين المُعضلتين وعدم الاستقرار الداخلي على كافة المستويات، عدم الاستقرار الداخلي يولد الضغط لدى المواطنين ويدفعهم إما إلى الهجرة أو القيام بالأعمال الإرهابية".
ويُشير كوكنال، في مقاله "الإرهاب والهجرة" الذي نُشر في صحيفة ملييت، إلى أن "تركيا اليوم من الدول التي تتصدر الدرجة الأولى من بين الدول التي تواجه هاتين المُشكلتين، وذلك لأن تركيا الدولة الوحيدة التي تنعم بالاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت، وبكل أسف، منطقة عائمة في معمعات عدم الاستقرار السياسي وبالتالي الاقتصادي والاجتماعي".
ويوضح كوكنال أن "تركيا اليوم تحوي قرابة 3 مليون مُهاجر مُختلف الجنسية، وتقع بشكل مباشر أمام بوابة "الشر الإرهابي" المعروف "بداعش" والذي نفذ إلى الأن عمليتين إرهابيتين في تركيا، لا يوجد أي دولة حول العالم تُعاني من هاتين المُشكلتين بقدر تركيا".
وفي سياق متصل، يشير موقع "أجانس" التركي إلى أنه في حين تقوم تركيا باتباع سياسية "الباب المفتوح" أمام اللاجئين المتدفقين إليها، تقوم بعض دول الغرب بقبول عدد محدود من المهاجرين، وتقوم بعض الدول الأخرى بطردهم وبناء السياج الحدود الشائك لإعاقة عبورهم إليها، وحتى هناك بعض دول الغرب التي تقوم بإثقاب القوارب البالونية التي تنقل المهاجرين وتتسبب في إغراقهم.
ويقول الموقع إن "سياسة الباب المفتوح تجعل من تركيا أكثر دولة عُرضة لتكاليف مُستلزمات اللاجئين".
وحسب صحيفة ملييت؛ فإن الهجرة لها نوعان؛ الهجرة الطوعية التي تأتي في إطار بحث إنسان عن مكان أخر لتأمين عيش اقتصادي كريم بناء ً على رغبته وإرادته التامة، والهجرة القسرية التي تأتي في إطار اضطرار الناس تغيير أماكن إقامتهم غصبا ً لأسباب طبيعية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية، وتُعتبر هجرة الأوروبيين إلى أمريكا الشمالية من أكبر موجات الهجرة التي تمت عبر التاريخ لأسباب ثقافية واقتصادية وسياسية.
وحسب ما بينته الصحيفة، فإن أكبر موجة للهجرة القسرية في وقتنا الحالي، هي الهجرة التي تعرض لها الشعب السوري الذي لجأ معظمه لتركيا التي تكلفت للكثر من التكاليف الاقتصادية والاجتماعية، لتوفير مكان إقامة كريم لهؤلاء اللاجئين الذين وصل تعدادهم قرابة المليونين ونصف المليون نسمة.
ومن جانبها، كشفت الخبيرة السياسية "توجا غينج ترك" أن "التدهور الاقتصادي والكبت السياسي يُعدان الدافعان الأساسيان للعديد من الأفراد حول العالم للانضمام إلى المنظمات الإرهابية، لأن التدهور الاقتصادي يُسبب للأفراد العديد من المشاكل الاجتماعية والحياتية، ويودي بهم إلى حالة عدم تحمل ضغوط الحياة التي يُعد العامل الاقتصادي السبب الأول في تولدها، والكبت السياسي يُشعر الفرد بالقهر والحاجة إلى الانتقام".
وتُشير غينج ترك، في دراستها الأكاديمية "الإرهاب وانعكساته على تركيا"، إلى أنه "إلى جانب الاقتصادي يوجد عوامل دينية وقومية وسياسية أيضا ً تدفع البعض إلى ممارسة الأعمال الإرهابية، ولكن يبقى العامل الاقتصادي والكبت السياسي المُغذيان الأساسيان اللذان يدفعا الأفراد إلى الإلتحاق بالمنظمات الإرهابية"
وترى غينج ترك أنه "في الآونة الأخيرة، استهدف شابان "تركيان" تجمعين لليساريين في مكانين مختلفين، حيث كان مكان الاستهداف الأول شانلي أورفا والثاني أنقرة، وتبين فيما بعد أن الشابين ينتميان إلى تنظيم "داعش الإرهابي"، وبالبحث عن الدوافع وجدت ثقافية دينية سياسية، حيث يُعارض الشابان الفكر والإيدولوجية والإطار الثقافي العام لليساريين في تركيا".
وتبين الخبيرة أن "خروج تنظيم إرهابي مثل داعش في العراق وسوريا، عاد بنتائج سلبية غير مباشرة لتركيا، حيث جعل ثلة من الشباب "المتعصبين" دينيا ً يهمون لممارسة بعض الأعمال الإرهابية ضد الكيانات التي يرونها مُخالفة لفكرهم ومعتقدهم، وهذا مايجعل أنقرة تعيش على وقع الحذر الدائم لتجنب مثل هذه الوقائع التي يمكن أن تحدث في أي وقت، في ظل اتساع رقعة نفوذ داعش الجغرافية ورقعة تأثيرها الإعلامية".
وتذكر الباحث السياسية "فاطة تونجا"، في مقالها "مابين هجمات باريس وأنقرة"، أن "أزمتي الهجرة والإرهاب أصبحتا من أكثر الأزمات التي تعاني منها معظم الدول حول العالم، ويبقى لتركيا النصيب الأكبر من هذه المعاناة، ولكن سياسة تركيا الأمنية الحذرة التي عقبت هجمات أنقرة التي وقعت في أكتوبر الماضي، ستكون كفيلة في رأب الهجمات الإرهابية، وكما أن الدعم الأوروبي لتركيا سيساعدها في تحمل تكاليف الهجرة القسرية لعدد كبير من اللاجئين".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!