جلال سلمي - خاص ترك برس

التقى كل من رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بالمستشارة الألمانية "انجيلا ميركل" في العاصمة التركية "أنقرة"، وذلك عقب وصول المستشارة الألمانية إلى العاصمة التركية "أنقرة"، بتاريخ 8 شباط/ فبراير 2016، للمرة الثالثة على التوالي في أقل من ستة شهور.

وقُيمت الزيارات المتتالية لميركل في فترة زمنية قياسية لا يمكن أن تتحقق فيها زيارة رفيعة المستوى بهذا القدر، على أنها مؤشر أساسي لحجم حاجة الاتحاد الأوروبي الماسة لتركيا، لتوحيد الجهود الأوروبية التركية لحل أزمة اللاجئين الشديدة التي أصابت الاتحاد الأوروبي، جراء تدفق الآلاف من اللاجئين إليها.

وبهذا الصدد، توضح الخبيرة في الشؤون الأوروبية التركية، "فاطمة تونجاي"، أن تكرار زيارة ميركل لتركيا خلال فترات وجيزة، بلا شك يدل على حاجة الاتحاد الأوروبي الشديد لتقوية أذرع التعاون بينه وبين تركيا، ولكن محاولة الطرفين إلى قلب جوهر ونتائج المحادثات لصالحهما جعل هذه الزيارات والمشاورات تتمدد وتسير نحو التعقيد.

وتضيف تونجاي، في دراستها الأكاديمية التي نُشرت على الصفحة الرسمية لمركز أنقرة للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 9 شباط 2016، أن الجانب الأوروبي، كما تعود دومًا، يحاول الاستفادة من قوة تركيا في صد تدفق اللاجئين نحو الاتحاد الأوروبي بأقل ثمن ممكن، أي دون اكساب تركيا فرصة لإحداث تقدم سياسي واقتصادي في مجال رفع مستوى عضويتها داخل كيان الاتحاد الأوروبي، ولكن على الصعيد الأخر، تحاول تركيا تقييم هذه الفرصة الذهبية، من خلال كسب أكبر قدر ممكن من الامتيازات السياسية والاقتصادية التي تؤهلها إلى إمكانية الوصول إلى باب العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي.

ومن جانبه، يشير الخبير في الشأن التركي الأوروبي "أحمد بابيش"، في مقاله "ميركل تتحدث في تركيا، والولايات المُتحدة الأمريكية تنصت، نُشرت على الصفحة الإلكترونية لمركز أبحاث العلاقات الدولية الاستراتيجية، إلى أن السبب الرئيس وراء تعقيد الاتحاد الأوروبي للمشاورات الجارية بينه وبين تركيا، والتي دفعت ميركل لتكرار زيارته لتركيا أكثر من مرة، مرده إلى الضغط الشعبي والإعلامي الضخم الذي تواجه الحكومة الأوروبية "الديمقراطية" في بلدانها.

ويبين بابيش أن دول الاتحاد الأوروبي تُدار من قبل حكومات ديمقراطية قادمة إلى سدة الحكم من خلال الانتخابات، وهذا ما يدفعها إلى أخذ الضغط الشعبي والإعلامي بعين الاعتبار، فتقوم بتعقيد شروطها الخاصة بنوعية التعاون بينها وبين تركيا لاحتواء أزمة اللاجئين المتفاقمة على العلاقات السياسية والاقتصادية بين دول الاتحاد.

وفي تقريرها "اتفاقية اللاجئين بين تركيا وأوروبا العوائد والتضحيات"، تلمح صحيفة "حرييت" إلى أن الاتحاد الأوروبي قبل بتوقيع اتفاقية اللاجئين مع تركيا، في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وتعهد من خلالها بالتالي:

ـ تسريع عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي كعضو أساسي.

ـ منح تركيا 3 مليار يورو لتقديم خدمات بشكل أفضل للاجئين.

ـ منح المواطنين الأتراك حق السفر بدون تأشيرة إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ـ قبول الاتحاد الأوروبي ل 400 ألف لاجئ بطريقة قانونية.

أما على الصعيد التركي، فتذكر الصحيفة أن تركيا تعهدت بالآتي:

ـ رفع مستوى المراقبة الحدودية.

ـ محاربة عصابات تهريب اللاجئين بشكل جاد.

وتلمح الصحيفة إلى أنه منذ توقيع الاتفاقية المعنية وحتى الآن، حدث بعض الانخفاض في أعداد اللاجئين المنطلقين من تركيا نحو الاتحاد الأوروبي، وهذا يحمل صور دلالية على قدرة تركيا بالإيفاء بما تعهدت به، فيجعلها تضع عدد من الشروط التي تضمن حل قضية اللاجئين بشكل جذري، وتقدم لها بعض المكتسبات الإيجابية في قضية انضمامها بشكل كامل، وهذا ما يزيد تعقيد المشاورات بين الاتحاد الأوروبي الذي يحاول مراوغة تركيا لتخفيف حدة الضغط الشعبي والإعلامي المتراكم عليه، وتركيا التي تسعى إلى الاستعجال في استغلال الفرصة السانحة لها.

وإضافة إلى نقاط الخلاف المذكورة، والتي تزيد من تعقيد المشاورات الجارية بين الطرفين وبالتالي تزيد من تكرار المقابلات رفيعة المستوى بينهما، يشير موقع "خبر 3" التركي، في تقريره "ميركل في تركيا للمرة الثالثة، لماذا؟"، إلى أن ثمة نقاط تجعل من ميركل تُكرر زيارتها لتركيا في فترة قصيرة جدًا، من حيث مستوى الزيارات الرفيعة المتبادلة بين البلدان، موضحًا أن النقطة الأهم بين هذه النقاط هي رغبة الاتحاد الأوروبي في تسلم تركيا مسؤولية اللاجئين بأسرع وقت ممكن، وسط أجواء من المماطلة في الإسهام في الميزانية الخاصة باللاجئين ووضع شروط تقديم الدعم حسب ما يراه مناسب وليس حسب ما تبينه الأوضاع المحيطة باللاجئين في تركيا، ولكن على صعيد أخر، تصر تركيا على زيادة ميزانيتها الخاصة باللاجئين، لكي تتمكن من القيام بالمهام المطلوبة منها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!