كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

قبل انتخابات 7 حزيران/ يونيو الماضي كانت الصحف ووسائل الإعلام الإنجليزية مشاركة بكل ثقلها في الحملة الدعائية التي كانت تستهدف تلويث صورة أردوغان وحزب العدالة والتنمية، فبينما كانت مجموعة دوغان الإعلامية تهتم بالمهمة الداخلية، كانت في المقابل مجموعة الإعلام الإنجليزية بي بي سي هي من تقود الجبهة الخارجية العالمية في الحملة التي كان هدفها تحقير أردوغان ومقامه في مقابل التعظيم من شان القائد الكردي الوسيم الشاب صاحب الكاريزما ذو الـ42 عاما صلاح الدين ديميرطاش. لكن ومع تبدل الأوراق السياسية في المرحلة الحالية نرها وقت قلبت المجن على دميرطاش وحزب الشعوب الديمقراطية بسبب إطلاقهما العنان لحزب العمال الكردستاني الذي عاث في المدن التركية فسادا، وقالت صحيفة الإيكونوميست إنه في حال حصلت انتخابات في الوقت الحالي فإن صلاح الدين ديميرطاش وحزبه لن يتعدوا العتبة الانتخابية هذه المرة وسيمنون بخسارة ساحقة.

هذا التغير في الخطاب والرؤية عند الإنجليز لا يعني سحب يدهم التي تدعم الإرهاب، فهم ما زالوا إلى الآن الصوت الذي يوصل من خلاله قيادات حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل رسائلهم إلى العالم، وهم كذلك ما زالوا مستمرين في تغطيتهم لرؤية حزب الشعوب الديمقراطية السياسية، لكن سقوط الحصانة عن ديميرطاش وحزبه يأتي بسبب انتهاء المهمة الموكلة لهم، ومع الأخطاء الكبيرة التي قام بها ديميرطاش وحزبه أصبح في منظور الإنجليز حصانا مصابا، وعندها كان لابد  من تغيير الحصان، فالإنجليز كانوا وما زالوا الأمهر في سياسيات تغيير الحُصن؛ فهم لا يأخذون حصانا مصابا إلى ساحات الوغى. إن تدخلات حزب الشعوب الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني لم ترقى إلى أن تجعلهم أحد لاعبي الشطرنج في اللعبة السياسية، فهم ورغم كل ما قدموه لم يعدو عن كونهم بيدق ووكلاء للسياسيات الخارجية التي تريد فرض إرادتها السياسية على تركيا.

بعدما استنفذ حزب الشعوب الديمقراطية وديميرطاش كل ما يستطيعون تقديمه، بدأت تلك الأيادي الخارجية بمشروع جديد يُعيد تنظيم الكيان السياسي في مظلة حزب الشعوب الديمقراطية والكيان العسكري في مظلة حزب العمال الكردستاني بمشروع يحفظ الإرادات ويبعثها من جديد. وما الضغوط الأممية هذه الأيام على تركيا إلا باكورة هذا المشروع الذي يهدف إلى إعطاء نفس جديد لحزب العمال الكردستاني؛ حتى يجمع شتاته ويستمر بإرهابه المُشرعن الذي لم ينقطع منذ 40 عاما، فهم يريدون إقناع تركيا بهذا حتى يوقعوها بفخ حلقة الإرهاب المفرغة.

يحاولون منذ فترة طويلة إقناعنا بأن حزب الشعوب الديمقراطية منفصل تماما عن حزب العمال الكردستاني، لكن تجربة وخبرة الحكومة التي اختبرت هاذين الكيانين تعلم حقيقة الأمر ومقياسه الطبيعي، فقد علمت الحكومة بعد البحث والتجربة بالعلاقة التي لا تنفك بين الحزبين، فالأول فرع وامتداد للثاني، كما علمت القدرات والطاقات الحقيقية لحزب العمال الكردستاني، وبدأت في المقابل بخطتها الثابتة المستمرة رغم كل الضغوطات التي تبغي من خلالها سحقه هو ذراعه السياسي. وهنا أنهي كلامي بمثل شعبي للهنود الحمر "إذا رأيت سمكتين وهما تتعركان في نهر ما، فاعلم أن أقداما إنجليزية عملاقة كانت قد سارت في المكان قبل المعركة".

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس