ترك برس 

يمثل رد فعل تركيا القوي والرافض للتهديدات الأمريكية بفرض عقوبات عليها بسبب شرائها منظومة الدفاع الصاروخي الروسي إس 400، دليلا واضحا على أن هذه القوة الأصغر حجمًا أجبرت الولايات المتحدة على إعادة التفكير في سياساتها المعتادة التي تعتمد على العقوبات كما يرى تقرير لموقع "نيو إيسترن أوتلوك" (New Eastern Outlook). 

ويقول التقرير الذي أعده المحلل السياسي، سلمان رافي شيخ، إن الولايات المتحدة فشلت فشلا ذريعا في إجبار "شريكها الأصغر" السابق تركيا على عدم شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية، على الرغم من أن كبار المسؤولين الأمريكيين، مثل مايك بومبيو، كانوا صاخبين وواضحين بشأن احتمال فرض عقوبات قد تواجهها أنقرة بسبب عصيانها.

وأضاف أنه في الوقت الذي تظل فيه تركيا ثابتة على قرارها بالحصول على S-400 سيكون قرار الولايات المتحدة نقطة انعطاف في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وهو موقف يمكن أن يضر بشدة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. ومن ثم يتعين على الولايات المتحدة أن تسير بحذر عندما يتعلق الأمر بـ"معاقبة" تركيا.

وأوضح أنه على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ أردوغان خلال قمة مجموعة العشرين بأنه لن توقع عقوبات على تركيا، فليس هناك أدنى شك في أن إغلاق أبواب التعاون بقوة أمام تركيا سيكون له عواقب وخيمة على المنطقة.

وأردف أنه حين يجد الجد، فلا يزال بإمكان تركيا طرد القوات الأمريكية من قواعدها في تركيا، وهو ما قد قد يؤدي أيضًا إلى إزالة ما يقرب من 60 سلاحًا نوويًا من الأراضي التركية، وسيعني طرد القوات الأمريكية أن الولايات المتحدة ستخسر قاعدة  عمليات بالغة الأهمية. 

وعلاوة على ذلك، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تهيئ الظروف لبدء تركيا عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال سوريا. وقد يعني القضاء على تنظيم "ي ب ك" أن الولايات المتحدة ستخسر حليفًا مهمًا آخر في المنطقة، مما سيؤدي إلى شل قدرتها على التأثير في الوضع على الأرض في سوريا. 

ولفت إلى أن تركيا أصابت البنتاغون بحالة من التوتر من خلال سلسلة من تحركات الجيش التركي الأخيرة على الحدود مع سوريا، وهو ما دفع وزارة الدفاع الأمريكية إلى تحذير تركيا من القيام بأي تحركات عسكرية من جانب واحد في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة. 

وأشار إلى أنه على الرغم أنه من غير المحتمل في هذه المرحلة أن تبدأ تركيا عملية من تلقاء نفسها، فإن هناك أسبابًا تدعو للاعتقاد بأن تركيا تقوم فعليًا بحركات مضادة، تهدف بشكل أساسي إلى ردع الولايات المتحدة عن فرض عقوبات.

وبصرف النظر عن هذه المخاوف، لا يوجد أي شك أيضًا في أن مواصلة واشنطن الضغط على تركيا، سيعطي الأخيرة ذريعة لتعزيز تعاونها مع روسيا والصين إلى أبعد من ذلك، الأمر الذي سيمكّنها من الاندماج بشكل أعمق مع أوراسيا.

ورأى الكاتب أن الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها في هذه المرحلة بفرض عقوبات على تركيا، لأن هذه الخطوة ستجعل الأمور أسوأ بكثير لكل من واشنطن وتل أبيب، حيث إن الولايات المتحدة لا تريد أن يتدهور الوضع أكثر بين تركيا واسرائيل.

وبين أن الولايات المتحدة على الرغم من أن لديها مخاوف، وأظهرت أن التعاون مع تركيا سيكون محدودا في المستقبل، فإنها امتنعت حتى الآن عن إغلاق الباب بشدة، حيث تعمل السياسية الخارجية الأمريكية في هذه الحالة تحت قيود تمنعها من القيام بما تفعله عادة في ظل هذه الظروف ضد أحد حلفائها.

وخلص إلى القول بأن "الولايات المتحدة ربما لا تزال أكبر قوة في الناتو، لكنها لم تعد قوية بما يكفي لإجبار قوة أصغر بكثير وغير نووية على الخضوع. بل على العكس، فإن هذه القوة الأصغر حجمًا أجبرت الولايات المتحدة على إعادة التفكير في سياساتها المعتادة التي تتألف من عقوبات وتشويه السمعة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!