ترك برس 

نشرت صحيفة "موسكو تايمز" مقالا للمحلل السياسي والخبير في معهد الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ديمتري فرولوفسكي، حول الضغوط التي تواجهها العلاقات التركية الروسية في ضوء هجمات النظام السوري على إدلب والتي تهدد بحدوث فتنة بين أنقرة وموسكو، رأى فيه أن العلاقات بين البلدين ستستمر براغماتية باردة.

ويشير فرولوسكي في بداية مقاله إلى أن التراشق بالبيانات بين موسكو وأنقرة في أعقاب غارات طائرات النظام على نقطة المراقبة التركية يفرض مزيدا من التمعن والدراسة للعلاقات التي كانت متوترة بالفعل بين البلدين، وكانت السبب الرئيسي وراء رحلة الرئيس أردوغان غير المتوقعة إلى موسكو.

وأضاف أن موسكو سعت للحفاظ على نمط تفاعلي وبراغماتي إلى حد ما مع الوجود التركي في شمال سوريا، ولم تكن تنوي شن هجوم واسع على آخر معقل للمعارضة المسلحة حتى الآن؛ لأنه كان يمكن أن يضر بالعلاقات وربما يتحول إلى صراع بالوكالة مع تركيا.

وفي المقابل لقيت هذه المرونة  قبولا حسنا في أنقرة التي تنظر إلى روسيا كقوة رئيسية لها سياسة إقليمية متسقة غير مهتمة بتجميد الصراع والسماح لإدلب بالوجود بمفردها، مع ضمان التفوق المطلق في القوة الصلبة. 

ووفقا للمحل الروسي، فإن البلدين يعتقدان فيما وراء الكواليس أن سيطرة النظام على إدلب هي مسألة وقت فقط، في حين أن وقف إطلاق النار قد يسمح بإعادة هيكلة العلاقات الثنائية والمساومة على مجال نفوذ مستقبلي لأنقرة.

وأوضح أن اللقاءات المتبادلة بين مسؤولي البلدين قد تبدو غير عادية، لكنها لا ينبغي أن تصرف الانتباه عن الصورة الأوسع، إذ تسعى القوات الروسية وقوات الأسد إلى فرض سيطرتها الكاملة على الطريقين السريعين M4 و M5 بأسرع ما يمكن وتزاحم تركيا ووكلائها، مما يجبرها على التخلي عن مراكزها الـ19 الممتدة عبر إدلب، من الشمال إلى الجنوب.

ولفت إلى أن أنقرة تسعى جاهدة لإبطاء الزخم وربما تجميد تقدم النظام لأطول فترة ممكنة. لكن هذه المرة، يبدو أن موسكو ليست مستعدة لوقف إطلاق نار آخر يختبر في نهاية المطاف حدود العلاقات الحالية ويتطلب إجراءات من كلا الجانبين.

ويذكر فرولوسكي أن الصعب التكهن بما إذا كانت هناك تصعيدات أخرى قد تحدث ، لكن هناك آمال في حدوث بعض التغييرات في التفاعلات الثنائية. 

وبين أن موسكو، رغم أنها تتصرف من موقع قوة ولا توجد لديها أي نية لتجميد الصراع، لكنها بالمثل ليست على استعداد لممارسة ضغوط إضافية على علاقاتها المعقدة بالفعل مع أنقرة. لأنه إذا تم دفع تركيا إلى الزاوية، فإنها يمكن أن تغذي حربًا بالوكالة أو أن تقترب من واشنطن، مما قد يعقد الصورة.

ورأى أن الاجتماع الحالي بين فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان يساعد على تهدئة التوترات قبل القمة الثلاثية المقررة في أيلول/ سبتمبر. 

وتوقع ألا يتغير موقف روسيا من العمليات في إدلب، لكنها قد تعيد ضبط الاستراتيجية نحو تأكيد السيطرة على إدلب قطعة قطعة، وهو ما يعد تنازلا في حد ذاته بالنظر إلى الحقائق الحالية.

واعتبر في المقابل أن تعزيز أنقرة لثقلها الجيوسياسي من خلال تقوية التعاون مع الولايات المتحدة، لن يكون له تأثير حاسم على علاقاتها مع موسكو.

وأوضح أنه على الرغم مما يتردد من سعي تركيا إلى تعاون أقوى مع واشنطن لبناء كتلة قوة في شمال شرق سوريا بعد الاتفاق على إنشاء منطقة آمنة، فما تزال تصرفات أمريكا في الشرق الأوسط غير متوقعة على الإطلاق.

وعلاوة على ذلك ما تزال الخلافات كبيرة بين أنقرة وواشنطن  حول تنظيم "ي ب ك"، بينما تبدو روسيا، على الرغم من كونها خصمًا إقليميًا، أكثر قابلية للتنبؤ بها، وبالتالي فهي أسهل في التعامل معها.

وخلص فرولوسكي إلى أنه من غير المرجح أن يتغير نمط العلاقات الروسية التركية، وأن تبقى براغماتية باردة في صميمها حتى في المستقبل القريب. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!