ترك برس

قبل 102 عامًا، أرسلت 12 سيدة من "سيلفان" في ديار بكر جنوب شرق تركيا، برقية احتجاجية للرئيس الأمريكي ويلسون، أعربن فيها عن ردة فعلهم على احتلال اليونانيين لإزمير، ومما ورد فيها:

"لقد سمعنا باحتلال إزمير ظلما من قبل اليونانيين المتعطشين للدماء، ستهتز البشرية جمعاء من هذا الاحتلال اليوناني، حتى أنه سيجعل النبي المسيح يرتجف في قبره".

وقد أجرى رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة دجلة، الدكتور أوكتاي بوزان، بحثا عن 12 سيدة من سيلفان اللواتي كتبن هذه الأسطر، وهن فاطمة وشريفة وصادقة وشهيدة وعدالة ولطفية وغوليستان ولمياء وبديا وعائشة وخديجة ومنيرة، كرسالة موجهة للرئيس الأمريكي في تلك الفترة.

كان سبب الرسالة صدور قرار احتلال اليونان لإزمير في مؤتمر باريس للسلام، حيث أعرب رئيس الوزراء اليوناني إلفتيريوس فينيزيلوس، في مذكرة قدمها للمؤتمر عن أن أسباب احتلاله لإزمير هي إيمانه بمبادئ ويلسون، ليتم الاحتلال ويؤدي إلى اضطراب الأوضاع في الأناضول. وحينها، كانت ردة فعل نساء الجنوب الشرقي شبيهة بما فعلته نينة خاتون (البطلة الشعبية التي قاتلت الروس)، حيث أكّدن في رسالتهن دعم النساء لحرب الاستقلال وللمنظمات المحلية، خاصة بعد صدور قرار باحتلال اليونان لإزمير.

انتهز اليونانيون فرصة ضعف الدولة العثمانية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، بعد قيام كل من بريطانيا وفرنسا وأمريكا بإصدار قرار ينص على احتلال إزمير، وعلى أن يتم تنفيذ الاحتلال من قبل الأدميرال البريطاني كالثورب، ثم اقتريت عدة سفن حربية تابعة لقوات الحلفاء من ميناء إزمير في 13 أيار/ مايو 1919، وبمجرد أن وطئت أقدام اليونانيين إزمير، ارتكبوا بالمذابح وهاجموا معتقدات سكان المنطقة.

ونقلا عن تقرير مراسل TRT الكردية أحمد يوكوش، فقد "تسبب الغزو اليوناني في 15 مايو 1919، بإظهار ردود فعل شعبية في ديار بكر وجميع أنحاء البلاد".

كما تبين أن 12 سيدة من منطقة سيلفان، التي تبعد 1500 كيلومتر عن إزمير، أرسلن برقية احتجاجية ضد الاحتلال للرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، عبر وزارة الخارجية في إسطنبول يوم 22 مايو 1919. 

كانت الرسالة الموجهة للرئيس الأمريكي ويلسون، والموقعة من 12 سيدة، بالنيابة عن 30 ألف سيدة من منطقتي سيلفان وكولب، كما تضمنت الرسالة دعوة لزوجة الرئيس وللنساء الأمريكيات، ورد فيها هذه الكلمات:

"نتأمل القيام بتنفيذ مبادئ رئيس حكومتكم ويلسون، المعروف بحكمته وعدله وضميره، لقد سمعنا باحتلال إزمير ظلما من قبل اليونانيين المتعطشين للدماء، ستهتز البشرية جمعاء من هذا الاحتلال اليوناني، حتى أنه سيجعل النبي المسيح يرتجف في قبره، لم يسجل التاريخ مثل ما قام به اليونانيون من قتل وظلم في روملي، نسمع اليوم ببالغ الحزن والأسى عن الظلم الذي يرتكبه اليونانيون في ولاية إزمير على مرأى دول الحلفاء".

"نناشد سيدات أمريكا العزيزات، اللواتي يتمتعن بقلب حساس ورحيم، والرئيس المحترم ويلسون، ذو الشخصية الرائدة التي تسعى لسلام وأمن البشرية، بصفتنا سيدات عثمانيات نضحي بأزواجنا وأبنائنا بعد إعلان حكومتنا الحرب، يمضي الوقت وقلوبنا حزينة تصرخ من الألم، كما تبكي نساؤنا وأطفالنا ببؤس، لا يوجد لدى اليونانيين ذرة من العدالة والإنسانية، فهم يقتلون الرجال ويغتصبون النساء المسلمات في ولاية إزمير بدعم من دول الحلفاء، نسمع صوتنا بالاحتجاج ضد الفظائع التي ارتكبها اليونانيون، بالنيابة عن السيدات الملتزمات بالصمت، نقول لكن أيتها الممرضات ذوات القلب المرهف، بأن التاريخ يشهد إلى اليوم على عدل الدولة العثمانية وحفاظها عليه، وعلى عدم إمكانية تدمير الدين الإسلامي ولا موته، لذلك وباسم الدين نقول لكم لم يعد بإمكاننا تحمل هذه الفظائع، بالرغم من كل شيء لو قام جميع المسلمين في الأراضي الإسلامية باسم الدين، و لو قامت القيامة، فلا أحد يتساءل عن سبب الفوضى في العالم بأكمله، نناشد ضمائركم المخلصة الطاهرة باسم الإنسانية والسيدات، لا نطلب منكم البكاء بل نلتمس منكم التمكين حتى نحافظ على حقوق شعبنا المظلوم".

أشار الدكتور بوزان، إلى أن نتيجة بحثه تثبت لعب 12 سيدة من سيلفان دورا نشطا في المنطقة فترة حرب الاستقلال، وقال: "كان مقر الجيش الثاني في ديار بكر خلال الحرب العالمية الأولى، كما أصدر مصطفى كمال باشا، أمرا بتسليم الفيلق 16 للجيش الثاني، الذي تم نقله في آذار/ مارس 1916 إلى سيلفان، قام الفيلق بتحرير موش وبيتليس من الإحتلال الروسي في أثناء تواجد مقره في سيلفان، الذي كان له دور مؤثر في دعمه للنضال الوطني في حرب الاستقلال".

أعرب بوزان، عن ظهور ردة فعل من عدة مناطق بالأناضول ضد الاحتلال الظالم فترة الحرب العالمية الأولى، وقال: "لاقى الفيلق ترحيبا شعبيا في أثناء تأديته مهمته في سيلفان، كما أن موقف أهالي جنوب شرق الأناضول بشكل عام وأهالي سيلفان بشكل خاص من النضال الوطني يجب أن تدرج في كتب التاريخ الرسمية، مع ذكر أسماء أبطال مدنها وقراها، وينبغي أن تستخدم في حياتنا الديناميكية، سنقوم أيضا بتثبيت هذا النوع من المقاربة بين الوحدة والأخوة الوطنية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!