ترك برس - TRT عربي

وُقِّع في 27 من أبريل/نيسان قرار إنشاء أول وادي هيدروجين في تركيا وأول مصنع محلي للهيدروجين الأخضر في خطوة نحو تحول تركيا إلى استثمارات مصادر الطاقة المستدامة واقتصاديات الانبعاثات الصفرية.

وحسب بيان صادر عن وزارة الصناعة والتكنولوجيا، نقلته وكالة "الأناضول"، يُواصل "مجلس البحث العلمي والتكنولوجي التركي" (TÜBİTAK) بحثه عن حلول ضد تغير المناخ بطريقة متعددة الأوجه، إذ وُقّع على مشروعَين مهمَّين للغاية في نطاق هذه الدراسات.

وصرّح وزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى ورانك في هذا الصدد بأن مشروعي "وادي الهيدروجين في جنوب مرمرة" و"منصة شاطئ جنوب مرمرة للهيدروجين" سيمكنا تركيا من التقدّم للأمام في مجال إنتاج الهيدروجين، بالإضافة إلى تصديره.

وأُقيم حفل التوقيع في مبنى أكاديمية الطيران القديم DHMI الواقع في منطقة مطار "أتاتورك" على هامش فعاليات مهرجان "تكنوفيست" لتكنولوجيا الطيران والفضاء في إسطنبول، واعتبر الوزير ورانك أن "استثمارات الهيدروجين لا غنى عنها لمستقبل تركيا والتي تتزايد أهميتها في العالم"، وفق ما نقلته الأناضول.

ما الهيدروجين الأخضر؟

الهيدروجين الأخضر هو مصدر طاقة بديل للعديد من التطبيقات الصناعية إذ يستخدم في الصناعات الكيميائية وعديد من عمليات الإنتاج الأخرى، كالأسمدة وإنتاج الأمونيا، وهي المادة الخام لإنتاج المستحضرات الصيدلانية. كما يستخدم الهيدروجين في مصافي النفط لتحسين جودة الوقود وتقليل الملوثات.

ويجري إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق استخدام الكهرباء المتجددة لتشغيل آلات تعمل على تفكيك الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أي نواتج ثانوية.

وعن عملية الإنتاج يقول الصحفي المختص بالقضايا البيئية، زاهر هاشم، لـTRT عربي: "يُعد الهيدروجين أكثر العناصر وفرة في الكون، لكنه لا يوجد على شكل مركبات طبيعية صرفة على كوكب الأرض، بل يجب استخلاصه من المركبات الأخرى عن طريق عمليات كيميائية".

كيف يساهم الهيدروجين الأخضر في الحد من التغير المناخي؟

أدت الرغبة في تحقيق أهداف مكافحة التغير المناخي وتصفير انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2050، إلى زيادة الاهتمام تدريجياً بالهيدروجين الأخضر في كل العالم، وحسب "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" (IPCC)، فإن السبب الرئيسي في تغيّر المناخ هو حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال كلمة له عام 2021 في مؤتمر الأمم المتحدة المعني من آثار تغير المناخ قائلاً: "كوكبنا الهش على حافة الهلاك، لا نزال نقترب من كارثة مناخية، حان الوقت لإعلان حالة الطوارئ وإلا ستكون فرصتنا في الوصول بانبعاثات الكربون إلى الصفر ستكون معدومة".

وحول كيفية مساهمة الهيدروجين الأخضر في الحد من التغير المناخي، قال الصحفي زاهر هاشم لـTRT عربي إن "الهيدروجين الأخضر يساهم في تخفيف انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري التي قادت إلى تغير المناخ، وذلك لأن عملية استخلاصه ذات بصمة كربونية صفرية، لا ينتج عنها سوى غاز الأكسجين".

لذلك تعد خلايا الوقود الهيدروجيني الأخضر من أكثر الوسائل الصديقة للبيئة في توليد الطاقة، وتحظى باهتمام كبير لتطويرها وتسخيرها في المستقبل في تشغيل السيارات الكهربائية وتزويد المنازل بالكهرباء، حسب هاشم.

وبجانب الهيدروجين الأخضر، يشير هاشم إلى نوع آخر من الوقود الهيدروجيني يسمى الهيدروجين الرمادي، وهو الهيدروجين الناتج عن عملية فصله عن الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي، لكن هذه الطريقة ينتج عنها انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لذلك فهي أقل كفاءة بيئياً.

تركيا تتجه إلى مصادر الطاقة الخضراء والمتجددة

تحتل تركيا المرتبة 12 في العالم، والمرتبة الخامسة أوروبياً من حيث "القدرة المركبة" على انتاج الطاقة المتجددة. كما يرى الخبراء أن أنقرة يمكنها أيضاً تصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا في المستقبل.

وشهدت تركيا زيادة ملحوظة في مجال الاستثمار بالطاقة الخضراء والمتجددة، آخرها كان تزويد محطة "آق قويو" التركية لأول مرة بالوقود النووي في 27 أبريل/نيسان الماضي، وذلك لاستخدامها في أغراضٍ سلمية عبر توفير طاقة نظيفة.

وبهذا الصدد، تهدف خطة الطاقة الوطنية التركية التي أعدتها وزارة الطاقة والموارد الطبيعية إلى تشغيل ما مجموعه 96.6 غيغاوات من الطاقة الكهربائية في البلاد في الفترة الممتدة بين 2020-2035 عن طريق الهيدروجين الأخضر وزيادة سعة جهاز التحليل الكهربائي، وهو أحد المكونات الرئيسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، إلى 5 غيغاوات بحلول عام 2035.

فضلاً عن خلط الغاز الطبيعي المستخدم مع أنواع الوقود النظيف الأخرى مثل الهيدروجين والميثان الصناعي، لتقليل انبعاثات غاز الاحتباس الحراري، إذ سيجرى رفع نسبة الهيدروجين الأخضر في الغاز الخليط إلى 3.5% مع حلول عام 2035، ومن المتوقع استخدام طاقة الهيدروجين في المرحلة الأولى لتلبية احتياجات قطاع الصناعة.

وحسب تقرير لموقع "TRTHABER"، من الممكن أن تصل تركيا إلى إنتاج سنوي من الهيدروجين الأخضر يصل إلى 3.4 مليون طن في عام 2050 مع زيادة نسبة الموارد المتجددة في سلة إمدادات الكهرباء الحالية والاستثمارات اللازمة.

وبالنظر إلى أن استهلاك الهيدروجين الأخضر في تركيا سيقتصر على 1.9 مليون طن كحد أقصى حتى عام 2050، من الممكن تصدير ما يقارب 45-60% من الإنتاج، وهذا يعني أنه يمكن بيع ما بين 1.5 ومليوني طن من الهيدروجين الأخضر الذي تنتجه تركيا إلى الدول الأوروبية، حسب التقرير.

ويرى الصحفي المختص بقضايا البيئية، زاهر هاشم، أن الاستثمار في الهيدروجين الأخضر سيعزز هدف تركيا في الوصول إلى صفر انبعاثات عام 2050، كما ستعزز منشأة الهيدروجين الأخضر إنتاج طاقة كهربائية بكفاءة عالية تدعم محطات شحن السيارات الكهربائية التي بدأت تركيا إنتاجها وبيعها مؤخراً.

كما أن الانتقال إلى الطاقة الخضراء سيعزز أيضاً استراتيجية تركيا الهادفة إلى تخفيض انبعاثات الكربون من 21% إلى 41%، وذلك بحلول عام 2030، وفق هاشم.

كما لفت هاشم إلى مشاريع كبيرة أُخرى تجريها تركيا في مجال الطاقة النظيفة، مثل محطة "كاليون كارابينار" في ولاية قونية وهي أكبر محطة للطاقة الشمسية في أوروبا والتي تعرقل انبعاث أكثر من 1.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون وتلبي احتياجات الكهرباء المنزلية لمليوني شخص.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!