ترك برس

طرحت الاستقالة المتوقعة لمحافظة المصرف المركزي التركي حفيظة غاية أركان، مساء الجمعة، تساؤلات عن تداعيات القرار على السياسة الاقتصادية والمالية للحكومة، والتي تسير في نهج مختلف منذ بداية الولاية الجديدة للرئيس رجب طيب أردوغان عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بـ مايو/ أيار 2023.

استقالة "أركان" جاءت استقالتها من منصبها بعد 8 أشهر فقط من تسلمها دفة رئاسته، في خطوة لم تكن مفاجئة للساحة الاقتصادية التركية، لتسبق بإعلانها القرار الرسمي للرئاسة التركية الذي اتخذ منحى آخر، حيث أشار إلى إقالة أركان بدلا من مجرد قبول استقالتها، بجانب تعيين نائبها فاتح كاراهان محافظا جديدا للمصرف المركزي.

وفي تغريدة لها على منصة "إكس"، قالت أركان إن قرارها جاء بهدف تجنيب عائلتها وطفلها الذي لم يبلغ عاما ونصف عام مزيدا من التأثر بحملة شنت ضدها بهدف النيل من سمعتها.

وكانت وسائل إعلام تركية قد تداولت الشهر الماضي، تقدم إحدى موظفات البنك المركزي بشكوى إلى مركز الاتصالات في رئاسة الجمهورية، تتهم فيها حفيظة أركان إعطاء والدها صلاحيات واسعة داخل البنك تصل إلى التدخل في إجراءات تعيين وفصل الموظفين، بجانب استغلالها المرافق والمنتجعات التابعة للمصرف لاستخداماتها العائلية، مما أثار ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.

كما نقلت بعض الصحف المحلية آنذاك، انزعاج رئيس الجمهورية التركية من تصريحات أدلت بها محافظة المصرف المركزي السابقة أركان، انتقدت فيها ارتفاع أسعار الإيجارات والغلاء في مدينة إسطنبول، ما دفعها إلى الانتقال للعيش مع والدتها، بعد أن عجزت عن إيجاد منزل بسعر مناسب.

تداعيات الاستقالة على الاقتصاد

وفي معرض رصدها لتداعيات الاستقالة على الاقتصاد، ذكرت شبكة الجزيرة القطرية في تقرير لها، أن الليرة التركية اهتزت بعد الإعلان عن استقالة محافظة المصرف المركزي، ليسجل الدولار نحو 30.5 ليرة تركية، ولكن جاء تعيين الرئيس التركي نائبها فاتح كاراهان كاستجابة سريعة لتهدئة الأسواق المالية.

كما لعب تعليق وزير المالية والخزانة التركي، محمد شيمشك، على الاستقالة، دورا مهما في طمأنة الأسواق والمستثمرين، إذ أكد أن القرار الذي اتخذته حفيظة غاية أركان هو قرار شخصي تماما ووفقا لتقديرها الخاص، كما أكد على نيته التقدم بخطى ثابتة نحو هدف الاستقرار السعري من خلال التعاون والتنسيق القوي كفريق واحد.

وأصدر بنك "جيه بي مورغان" الأميركي، تقريرا تقييميا إيجابيا حول التغييرات الأخيرة في قيادة المصرف المركزي التركي، إذ توقع التقرير تشديد السياسة النقدية مع قيادة كاراهان الذي اعتبره من "المدافعين" عن السياسات النقدية المتشددة، مما يعزز الآمال في تقليل التضخم وتحسين قيمة الليرة التركية.

كذلك أشار التقرير، إلى أن السياسة النقدية ستكون أكثر تركيزا على مكافحة التضخم، مما يعني الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مشيرا إلى أن عدم اليقين حول مدة ولاية رؤساء المصرف المركزي يبقى عاملا يثير القلق لدى المستثمرين.

ومن جانبه، يقول الباحث الاقتصادي محمد أبو عليان، إن عدم استمرار محافظ البنك المركزي لفترة طويلة -لا تقل عن 5 سنوات- يعتبر مؤشرا على عدم استقلالية البنك المركزي وسياسته النقدية، مما يؤثر سلبيا على الاستقرار الاقتصادي ويعكس صورة سلبية للخارج.

لم يعتبر أبو عليان استقالة المحافظ السابقة بعد حملة إعلامية موجهة ضد عائلتها مفاجئة، وتوقع أن يكون تأثيرها محدودا على الليرة والسياسة النقدية، إلى أن يتضح مسار السياسات التي سيتبعها المحافظ الجديد، الذي لا يُتوقع منه إجراء تغييرات كبيرة، لا سيما أن وزير المالية والخزانة التركي، محمد شيمشك هو من اقترح تعيينه.

وهو ما يدل على أن شيمشك لديه تأثير كبير في توجيه السياسات الاقتصادية، سواء المالية أو النقدية، مما يشير إلى استمرارية السياسة الاقتصادية الحالية التي تتماشى مع أهداف الخطة المتوسطة المدى التي تم الإعلان عنها في ديسمبر/كانون الأول 2023.

ومن جهته، اعتبر الباحث الاقتصادي، جاهد كابجي، القلق الذي أحاط بإقالة محافظة البنك المركزي مبالغا فيه، مشيرا إلى أن الأسواق تجاوبت بشكل إيجابي مع هذا التغيير.

وأكد أن الشائعات التي استهدفت حفيظة أركان مثلت تهديدا لمصداقية المؤسسة، مما جعل إقالتها أمرا ضروريا ومفيدا، بحسب وصفه.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!