
ترك برس
تناول تقرير بصحيفة يني شفق التركية تداعيات تصاعد التوتر بين إسرائيل وتركيا في سوريا بعد سقوط نظام البعث في ديسمبر 2024، مشيراً إلى أن مواجهة عسكرية بين الطرفين "لم تعد مجرد احتمال بل باتت وشيكة".
يبرز التقرير، وهو من إعداد الكاتب بولنت أوراك أوغلو، مخاوف إسرائيل من التفوق العسكري التركي، خاصة مع إمكانية نشر أنقرة أنظمة دفاع جوي وطائرات متقدمة قرب الحدود الشمالية لإسرائيل، ما يهدد بحرمانها من حرية العمل الجوي في سوريا.
كما يناقش التقرير تحولات النفوذ الإقليمي بعد انسحاب القوات الأميركية وتقليص الدورين الإيراني والروسي، مع دعوة إسرائيل للضغط على واشنطن للتدخل لاحتواء النفوذ التركي.
ويرصد أيضا العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في سوريا، والمشهد الجيوسياسي الجديد الذي أعقب الإطاحة بالأسد، حيث برزت تركيا كلاعب رئيسي في المعادلة السورية.
وفيما يلي نص المقال:
أعرب عوديد عيلام، رئيس قسم مكافحة الإرهاب السابق في جهاز "الموساد"، عن قلق إسرائيل من مواجهة عسكرية محتملة مع تركيا في سوريا، بسبب قدرات تركيا العسكرية المتفوقة. وأكد عيلام أن على إسرائيل أن تحث الولايات المتحدة على التدخل لوقف تركيا. وفي مقال نشره بصحيفة "إسرائيل هيوم"، أشار عيلام إلى أن كلاً من تركيا وإسرائيل تتجهان نحو صدام محتمل في الأراضي السورية، موضحًا أن المرحلة التي تلت نظام البعث في سوريا انطلقت بسرعة كبيرة، ما أفرز واقعًا استراتيجيًا بالغ التعقيد لإسرائيل، في وقت تستمر فيه إسرائيل بارتكاب المجازر في قطاع غزة، وتواصل احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية، مضيفاً: "إسرائيل تعيد توجيه تركيزها، لكنها تخشى المواجهة".
ولفت عيلام في مقاله إلى أن تل أبيب كانت تركز حتى الآن على إيران، لكنها اليوم "أمام لاعب جديد، هو تركيا، التي تملك ثاني أقوى جيش في حلف الناتو، كما أن قدراتها الاستخباراتية والجوية تتفوق بكثير على القدرات الإيرانية."
السؤال لم يعد هل ستقع مواجهة، بل متى؟
وذكّر إيلام بالهجمات الجوية التي شنّها الجيش الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة على بعض المناطق في سوريا، مشيرًا إلى أن إسرائيل تشعر بقلق بالغ من احتمال إنشاء قواعد عسكرية تركية في الأراضي السورية، ووجود القوات المسلحة التركية بالقرب من الحدود الشمالية لإسرائيل. ويرى عيلام أن على إسرائيل إجراء تغييرات تكتيكية جذرية لمنع تركيا من نشر نظام دفاع جوي في سوريا، مشيرًا إلى أن السيناريو الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإسرائيل هو نشر تركيا سربًا من طائرات إف-16 وأنظمة الدفاع الجوي "حصار" و"إس-400" في سوريا، وهو ما يعني أن عمليات إسرائيل في المنطقة لن تبقى دون رد. وبعيدًا عن القلق العسكري، قال عيلان "إن مواجهة إسرائيل المباشرة مع تركيا لم تعد سيناريو نظريًا"، مشيرًا إلى أن "التساؤل ليس هل سيقع الصدام بل متى سيقع". وأكد عيلام أن تركيا فاعل عسكري مهم لدول مثل أذربيجان وقطر وليبيا، مضيفًا: "تركيا لم تعد ضيفًا في سوريا، بل هي المضيفة".
هل يجب على إسرائيل أن تطلب دعم الولايات المتحدة؟
لفت "إيلام" الانتباه إلى موقف الولايات المتحدة الصامت إزاء تنامي النفوذ التركي، مشيرا إلى أنه يجب على إسرائيل أن تطلب من واشنطن التدخل لكبح دور أنقرة، وكتب في هذا السياق: "في مثل هذا الوضع، لا يمكن سوى لقوة عظمى واحدة أن تخلّ بتوازن القوى: الولايات المتحدة. وحده العم سام قادر على بناء الجسور، والتوسط، وتهدئة الأوضاع، لكنه لا يتدخل بأي شكل من الأشكال. على إسرائيل أن تدعو واشنطن إلى التدخل فوراً والانخراط الفعلي في المشهد."
ومنذ سقوط نظام البعث في الثامن من ديسمبر 2024، تواصل إسرائيل احتلالها لأراضٍ سورية، وتنفّذ ضربات جوية تستهدف مناطق مختلفة داخل الأراضي السورية. فقد شنّ الجيش الإسرائيلي، في الثاني من أبريل، أكثر من 14 غارة جوية على مطار حماة والمناطق المحيطة به، بالإضافة إلى استهداف مطار T4 العسكري في محافظة حمص، ومنشأة عسكرية في العاصمة دمشق، إلى جانب هجمات بقذائف الهاون والمدفعية طالت غرب محافظة درعا. ووفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا"، فإن الهجمات التي استهدفت درعا أسفرت عن مقتل تسعة مدنيين، ووقوع عدد كبير من الجرحى. وفي الثالث من أبريل، استهدفت إسرائيل مدينة الكسوة في دمشق بغارة جوية جديدة.
تحليل مفصل في مجلة نيوزويك: هل تؤدي التوترات بين حليفين أساسيين لواشنطن، إسرائيل وتركيا، إلى زيادة خطر اندلاع صدام عسكري في سوريا بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول؟
بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر، تشكلت معادلة جيوسياسية جديدة في سوريا. فإسرائيل، التي تستمد زخمًا من "انتصارها" في الحرب ضد حماس والجماعات المدعومة من إيران، وسّعت نطاق سيطرتها في جنوب سوريا إلى ما وراء مرتفعات الجولان المحتلة، وبسطت سيطرتها على أراضٍ جديدة بهدف إقامة منطقة عازلة ضد خصومها المحتملين. ومن جهة أخرى، تواصل تركيا حماية قواعدها في شمال سوريا، مستفيدة من علاقاتها الوثيقة مع الجماعات الإسلامية السورية لتعزيز نفوذها في المناطق التي تضاءل فيها نفوذ إيران وروسيا. ويحذر الخبراء من نشوب من صراع محتمل.
وقد أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إعجابه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبشكل خاص عن علاقته المتينة بالرئيس التركي أردوغان. وبعد قرار ترامب سحب عناصر تنظيم "بي كي كي/واي بي جي" الإرهابي تدريجيًا من مناطق شمال سوريا وشرق الفرات، رفض جميع مطالب نتنياهو، وواصل خططه لسحب جميع عناصر التنظيم الإرهابي من سوريا. وكما أسلفت في مقال سابق فقد أفادت شبكة إن بي سي في أوائل فبراير/شباط، نقلاً عن مسؤولين في وزارة الدفاع، أن الولايات المتحدة ستسحب جميع قواتها من سوريا في غضون ثلاثة أشهر على أبعد تقدير.
ولا يقتصر قرار انسحاب القوات الأميركية من سوريا على إدارة ترامب أو البنتاغون فحسب، بل تشير التقارير إلى وجود تعاون وثيق بين القيادة المركزية الأميركية والرئيس السوري أحمد الشرع. وتأتي هذه التحولات بالتزامن مع المفاوضات النووية الجارية مع إيران، وتصاعد التهديد الحوثي في اليمن، وسحب روسيا لمنظوماتها الدفاعية الجوية من الأراضي السورية، ما يشير إلى تغير في تموضع القيادة المركزية الأميركية.
ومن أبرز التطورات التي رسّخت الوجود الأمريكي في سوريا، سيطرة فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" على العاصمة دمشق. فقد بدأت القيادة المركزية الأمريكية منذ ذلك الحين تعاونًا وثيقًا مع الرئيس السوري أحمد الشرع.
ووفقاً لتحليل الخبير في معهد الشرق الأوسط، تشارلز ليستر، فقد ساهم هذا التعاون في إحباط 9 مخططات هجمات كبرى لتنظيم داعش الإرهابي، وأسفر عن تحييد العديد من كبار قادة التنظيم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!