مصطفى كرالي أوغلو - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

في البداية أود أن أبارك للسيد أحمد داود أوغلو على ترشحه لمنصب رئاسة الوزراء وقيادة حزب العدالة والتنمية. كما أريد أن اهنئ حزب العدالة والتنمية لاستطاعته على تخطي هذه المرحلة الانتقالية التي تكون عادة مليئة بالاضطرابات والصعوبات، من دون أي إشكاليات تذكر. لقد استطاع حزب العدالة والتنمية بخبرة كادره الإداري، اجتياز هذه المرحلة الانتقالية التي لا تقل صعوبة عن خوض معركة انتخابية ما، بنجاح تام.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار فوز مرشح حزب العدالة والتنمية "رجب طيب أردوغان" في الانتخابات الرئاسية بنسبة 52 بالمئة من أصوات الناخبين، فإننا ندرك مدى قوة الشخص الذي سيخلف أردوغان من بعده من خلال قدرته على تحمل مثل هذه المسؤولية الكبيرة. فحزب العدالة والتنمية بترشيحه لداود أوغلو لمنصب رئاسة الوزراء والحزب، يظهر مدى إدراكه لثقل الوعود التي قطعها للمجتمع التركي فيما يتعلق بالعام 2023. وبعبارة أخرى يمكنني أن أقول إنهم غير مستعدين للتفريط حتى بصوت واحد في انتخابات عام 2015.

لقد استطاع رجب طيب أردوغان أن يدير هذه المرحلة الانتقالية بكل مهارة. فقد استحق من خلال هذه الإدارة وحدها أن يبرز للجميع خبرته السياسية. حيث أنه قاد هذه المرحلة الحرجة بأقل الخسائر، وبنفس الوقت استطاع أن يحقق مكاسب كثيرة لحزبه. لقد انتهج أردوغان منطقا ثابتا. حيث أنه لم يكتفِ بتعيين خلفه فحسب، بل استطاع أن يجعل أعضاء حزبه يتبنون منطقه ونمطه الذي انتهجه هو.

اختيار داوود اوغلو لم يكن لفترة مؤقتة وليس بداعي العاطفة

إن من أهم ميزات داود أوغلو التي أوصلته إلى رئاسة الوزراء والحزب، أنه يتمتع بميزة الاستمرارية في الإجراءات والتنفيذ. بالإضافة لامتثاله إلى العمل المنظم مع أركان الدولة وارتباطه الشديد بمبادئ حزبه. وإذا ما أخذنا بعبن الاعتبار كل هذه الصفات المجتمعة في شخص داوود أوغلو، فإننا نستطيع أن نقول إن حزب العدالة والتنمية بقيادة داود أوغلو، سيمضي قدما نحو قيادة البلاد خلال السنوات العشر القادمة. وإن اختيار داود أوغلو كان قرارا عقلانيا ومنطقيا.

اختيار البروفسور داود أوغلو لم يكن بسبب حبه للعمل الجماعي المنظم فقط، ولا لأنه شخصية معروفة في الأوساط الدولية ولديه الخبرة الكافية في المجال السياسي فقط، ولم يتم اختياره لأنه أكاديمي فقط، بل تم اختياره لأنه وبالإضافة إلى كل ما ذكرناه، مرتبط بهوية الحزب بشكل كبير.

فإذا ما نظرنا إلى أهداف ومبادئ حزب العدالة والتنمية، رأينا أن اسم داود أوغلو هو الأنسب لهذين المقامين.

لم يكن اختيار داود أوغلو وليد المشاعر العاطفية، ولم يتم اختياره كحل مؤقت لهذه المرحلة الانتقالية. فالشخص الذي سيخلف زعيما مثل أردوغان لا بد أن تواجهه تحديات سياسية. لأنه أولا سيقارن بسلفه أردوغان، ومن ناحية أخرى سيعمل بالتنسيق مع رئيس الجمهورية الجديد المتمثل في شخص أردوغان.

وكان السيد أوغلو قد أشار قبل عدة أشهر إلى صفات رئيس الوزراء الجديد، حيث قال "إن رئيس الوزراء الجديد يجب أن لا يكون ضعيفا كما أنه لا يجب أن يختلق مشاكل"، وانطلاقا من قوله هذا نستطيع أن نتعرف على سياسته في إدارة البلاد.

زعيم الكادر الثاني الجديد

بما لا يدع مجالا للشك، إنّ داود اوغلو من خلال اهتماماته الواسعة، ملمّ بكل الأمور المتعلقة فيما يخص إدارة الدولة. فلا ينحصر إلمام داود أوغلو في الشؤون الخارجية فقط، بل هو محيط بالشؤون الداخلية والاقتصادية أيضا. وسيظهر هذا الامر جليا بعد استلامه لمنصب رئاسة الوزراء. حيث من الممكن أن يستغرق ظهور لمسات داود اوغلو فترة زمنية معينة، ولكن من خلال العمل المتكاتف مع رئيس الجمهورية، فإن هذه الفترة الزمنية لن تطول وستكون أقصر من المتوقع.

ومما لا شك فيه أن قيادة دولة مثل الجمهورية التركية ليست بالأمر السهل. فإن رئيس الوزراء الجديد وبالتعاون مع أردوغان سيحمل على عاتقه مسؤولية إدارة البلاد، كما أنه سيكون مسؤولا عن أدق التفاصيل فيها.

تمكّن حزب العدالة والتنمية خلال 12 عاماً من أن يتخلص من الوصاية العسكرية، كما تمكن من تطوير اقتصاد البلاد. وإلى جانب النجاح الدبلوماسي استطاع أن يحدث ثورة فكرية في البلاد. فهذا الحزب بفضل كل هذه التغييرات استطاع أن ينشئ تركيا جديدة. والآن ومع الكادر الجديد، ستكون أولويات الحزب إرساء الديمقراطية في البلاد و رفع مستوى رفاهية الدولة.

أتمنى أن يكون وجه رئيس الوزراء الجديد خيراً على ديمقراطيتنا و حقوقنا ومستقبلنا.

عن الكاتب

مصطفى كرالي أوغلو

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس