الأناضول - ترك برس

حققت مسيرة السلام الداخلية (انطلقت قبل أكثر من عامين) في تركيا، رفاهية واستقراراً لولايات شرقي وجنوب شرقي البلاد، خلال فترة وجيزة نسبياً، انعكست بشكل إيجابي على جميع مناحي حياة المواطنين، بحسب البيانات والتقارير الصادرة عن عدة جهات رسمية.

وأجرت الحكومة التركية بعد انطلاق مسيرة السلام، جملة من الإصلاحات والاستثمارات شرقي وجنوب شرقي البلاد، أنعشت الحياة فيها، من النواحي التعليمية والاقتصادية والصحية والسياحية والزراعية والحيوانية، كما انخفضت نسبة البطالة فيها.

إلا أنَّ تنظيم "بي كي كي" الإرهابي، استغل تلك الفترة الزمنية، ورأى فيها فرصة لإعادة هيكلة نفسه، وفقاً لتصريح "بولند أرينج" نائب رئيس الوزراء، المتحدث باسم الحكومة، صباح اليوم الخميس، والذي قال إن "التنظيم استغل مسيرة السلام الداخلية في أفعاله وأقواله، مقابل صدق الحكومة في التعاطي معها"، مبيناً أن تركيا تعرضت عقب الانتخابات العامة التي جرت في 7 حزيران/ يونيو الماضي، إلى 42 حادثًا إرهابيًا، ذهب ضحيتها 6 جنود، و4 من عناصر الشرطة، إضافةً إلى إصابة 8 جنود و24 شرطيًا.

وواصل التنظيم خلال الفترة الماضية، اختطاف العديد من الشبان والأطفال إلى الجبال، وخداعهم بغية ضمهم إلى صفوفه، وأقدم على ارتكاب أفعال من شأنها عرقلة مسيرة السلام الداخلية، فيما ازدادت وتيرة الهجمات الإرهابية، عقب تصريحات أطلقتها التنظيمات الإرهابية في تموز/ يوليو الماضي، نحو استهداف السدود وآليات البناء، وحرق السيارات والآليات المستخدمة في بناء السدود والمطارات والطرق ومشاريع البنى التحتية، وتهديد المقاولين والعمال، من أجل عرقلة الاستثمار، كما اعتدوا أثناء مظاهرات غير مرخصة على أبنية حكومية، بينها مدارس وسيارات وأماكن العمل.

حجم الاستثمار

حالة الاستقرار التي حققتها مسيرة السلام، لولايات شرقي وجنوب شرقي تركيا، جلبت معها أعداداً كبيرة من المستثمرين والصناعيين، لدرجة أنَّ المناطق الصناعية امتلأت عن بكرة أبيها، ما أجبر الحكومة على تأسيس مناطق صناعية جديدة، في ولايات "ديار بكر" و"باتمان" و"ماردين" و"شانلي أورفا" و"آدي يمان".

وشهدت ديار بكر خلال العامين الماضيين، زيادة في حجم الاستثمار تقدر بـ 50%، وكان ما يقارب من 100 مستثمر بانتظار توسعة المنطقة الصناعية في الولاية. وفي ولاية باتمان كان عدد المعامل قبل مسيرة السلام 50 معملاً، بينما وصل عقب انطلاق العملية، 75 معملاً، بجانب انتظار 200 مستثمر لتخصيص أماكن لهم في المنطقة الصناعية. وفي ماردين ينتظر 170 مستثمرا تخصيص أماكن لهم في المنطقة الصناعية من أجل إنشاء معامل فيها.

وفي العام 2012، سنَّت الحكومة قوانين خاصة في 15 ولاية، بغية تشجيع الاستثمار، ووصل بفضلها حجم الاستثمار عام 2014، 3 مليارات و473 مليون ليرة تركية (أكثر من مليار و300 مليون دولار) أي أكثر من ضعفين ونصف الضعف، مقارنة بعام 2010، وفي نفس الفترة شهدت زيادة الطلب على الأيدي العاملة بنسبة 24 %.

حجم الصادرات بلغ 10 مليارات دولار

مع إقبال المستثمرين إلى الولايات المذكورة، ازداد حجم صادراتها، حيث بلغ عام 2012، تسعة مليارات دولار ليرتفع نهاية العام الماضي إلى 10.4 مليار دولار (بحسب هيئة الإحصاء التركية)، محققاً زيادة بنسبة 17%، وفي نفس الفترة الزمنية حقق حجم الصادرات في 14 ولاية شرقي البلاد، زيادة بنسبة 33 %، ليرتفع من 927 مليون دولار عام 2012، إلى مليار و200 مليون نهاية 2014. كما ارتفع حجم الصادرات في 14 ولاية جنوبي البلاد، من 8.1 مليار دولار، إلى 9.2 مليار دولار. والأمر اللافت في الأرقام التي كشفتها هيئة الإحصاء، ورود أسماء ولايات جديدة، بين الولايات المصدرة للمنتجات التركية، مثل ولاية "تونجلي"، والتي بلغت قيمة صادراتها 328 ألف دولار، مع نهاية عام 2014.

188 مواطن يعودون لقراهم

بعد سنوات طويلة من الأحداث الإرهابية التي شهدتها الولايات المذكورة، اضطر 386 ألف و360 شخصاً لمغادرة قراهم، عاد منهم 187 ألف و861 شخصاً، بعد انطلاق عملية السلام، في إطار مشروع العودة إلى القرى وإعادة التأهيل.

زيادة الثروة الحيوانية

تبلغ مساحة المراعي في تركيا 14.6 مليون هكتار، يقع قرابة نصفها في ولايات الشرق وجنوب الشرق، إلا أنها لم تستثمر نظراً لإنعدام الأمن، وخلت من الثروة الحيوانية، ومنذ أكثر من سنتين ونصف، وبعد انطلاق مسيرة السلام، تمَّ استخدام ثلاثة ملايين ونصف المليون هكتار من المراعي، من قبل مربي المواشي في تلك المنطقة، ما انعكس بشكل كبير على الثروة الحيوانية في البلاد برمتها.

إعادة إحياء السياحة

كشفت مسيرة السلام الوجه الثقافي والحضاري لمناطق شرقي وجنوب شرقي تركيا، بعدما خفت صوت الإرهاب، وازدهرت السياحة الدينية والثقافية، حيث ارتفعت نسبة السياح الأجانب في ولاية ديار بكر بنسبة 130 %، وبنسبة 35% للسياح المحليين، وفي "ماردين" بلغ عدد السياح المقيمين فيها العام الماضي 4 ملايين، وعدد السياح الزائرين لها ليوم واحد مليون سائح.

كما شهدت المنطقة العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية والمسابقات والبطولات الرياضية، الأمر الذي انعكس على حياة السكان المعيشية، بزيادة فرص العمل، وزيادة الطلب على الأيدي العاملة.

أحداث تشرين أول/أكتوبر 2014

بعد الهجوم الذي شنه تنظيم "داعش" على مدينة عين العرب (كوباني) السورية، دعا حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) (غالبية أعضائه من الأكراد)، أنصاره للنزول إلى الشارع، وأدت المظاهرات غير المرخصة أيام 6 - 8 تشرين الأول/أكتوبر، إلى مقتل 42 شخصاً، وجرح ما يقارب من 200 آخرين، وارتكاب أعمال تخريب، طالت المدارس والمكاتب والمتاحف والبنوك والمحلات، وحرق العديد من السيارات. وبعد الأحداث، قام جناح الشباب التابع لتنظيم "بي كا كا" بحفر 184 خندقاً في قضاء "جزرا"، وأكثر من 40 خندقا بمدينة "سيلوبي" التابعتين لولاية "شرناق"، بهدف إعاقة دخول سيارات الشرطة التركية.

ممارسة التهديد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة

قام عناصر التنظيم وأتباعه، بتهديد المواطنين في الانتخابات العامة، التي جرت في 7 حزيران/يونيو الماضي، لحملهم على التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي، ورفعوا شعارات عنصرية في محافظة "وان" من قبيل، "يمنع دخول غير أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي".

هجوم "سوروج" الإرهابي

بذريعة هجوم "سوروج" الإرهابي، (وقع في 20 تموز/يوليو الجاري، وراح ضحيته 32 قتيلا، وقرابة 104 مصابين بولاية أورفا جنوب شرقي تركيا)، خرجت مظاهرات غير مرخصة بين 20-22 من الشهر ذاته، تسببت بإصابة 11 شرطياً و24 شخصاً بجروح، وأعمال تخريب طالت المباني العامة وسيارات المواطنين والمحلات.

هجمات إرهابية نفذها تنظيم "بي كي كي"، خلال الفترة الماضية

19 آب/ أغسطس 2014، استشهاد الملازم إمره آس (23عامًا)، وجرح جندي في ولاية وان.

25 آب/ أغسطس 2014، استشهاد الشرطي عثمان بال (25 عاما)، في ولاية ديار بكر.

9 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، استشهاد نائب مدير أمن ولاية بينغول وآمر شرطة وإصابة مدير أمن الولاية، في كمين للتنظيم.

29 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، استشهاد ضابط الصف نجدت آي دوغان، في ولاية ديار بكر، إثر هجوم مسلح شنه ملثمون أثناء تسوقه برفقة زوجته.

11 نيسان/ أبريل الماضي، إصابة 4 جنود بجروح، ومقتل 5 إرهابيين، أطلقوا النار على جنود في ولاية أغري.

29 نيسان/ أبريل الماضي، استشهاد مختار قرية باغ غوزيه، وأحد حراس القرية، في هجوم مسلح، بولاية سيرت.

25 أيار/ مايو، استشهاد أحد حراس قرية أرجيش، بولاية وان، في هجوم مسلح شنه أحد عناصر "بي كا كا"، وتم التعرف على هويته.

7 تموز/ يوليو، استشهاد الشرطي بنيامين تورغوت، إثر هجوم مسلح استهدف سيارته، بولاية سيرت.

20 تموز/ يوليو، استشهاد ضابط الصف مسلم أونال، وجرح جنديين آخرين في اشتباك مع عناصر "بي كا كا" ببلدة كومور، بولاية آدي يمان.

22 تموز/ يوليو، استشهاد الشرطيين فياض يومشاك، وأوكان أجار، في هجوم تعرضا له بمنزلهما بقضاء جيلان بينار، بولاية شانلي أورفا.

23 تموز/ يوليو، استشهاد شرطي المرور تانسو أيدن، وإصابة الشرطي علي قره خان، إصابة بليغة، في هجوم مسلح، بولاية ديار بكر.

25 تموز/ يوليو، استشهاد عسكريين برتبة صف ضابط في قوات الدرك، بانفجار سيارة مفخخة، وإصابة 4 آخرين بجروح في ولاية ديار بكر.

26 تموز/ يوليو، إصابة ثلاثة عناصر شرطة بجروح، جراء هجوم مسلح، في قضاء نصيبين بولاية ماردين.

27 تموز/ يوليو، استشهاد الرائد في الدرك أرسلان كولاكسيز، بعد استهدافه في سيارته التي كان يستقلها برفقة زوجته وطفله، بقضاء ملاز كرد بولاية موش.

28 تموز/ يوليو، استشهاد ضابط الصف ضياء سارب كايا، بعد استهدافه من قبل مسلحين، في ولاية هكاري.

جدير بالذكر أن مسيرة السلام الداخلي انطلقت قبل أكثر من عامين، بمفاوضات غير مباشرة بين الحكومة التركية، وزعيم بي كا كا، عبدالله أوجلان، المسجون في جزيرة "إمرالي"، منذ عام 1999، وذلك بوساطة حزب الشعوب الديمقراطي (غالبية أعضائه من الأكراد)، وبحضور ممثلين عن جهاز الاستخبارات التركي. وشملت المرحلة الأولى من المسيرة، وقف عمليات المنظمة الإرهابية، وانسحاب عناصرها خارج الحدود التركية، وقد قطعت هذه المرحلة أشواطًا ملحوظةً.

وتضمنت المرحلة الثانية عددًا من الخطوات الرامية لتعزيز الديمقراطية في البلاد، وصولًا إلى مساعدة أعضاء المنظمة - الراغبين بالعودة والذين لم يتورطوا في جرائم ملموسة - على العودة، والانخراط في المجتمع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!