ترك برس

بعد شيوع مشكلة الإرهاب في أوائل التسعينيات، خرجت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة والمُلقبة بالمرأة الحديدية مارجريت تاتشر في تصريح صحفي خاص بالإرهاب قالت فيه "التلفاز هو أكسجين الإرهاب"، وبما أن تركيا تواجه أحد أكبر المنظمات الإرهابية حسب التصنيفات الدولية فلا بد من إلقاء نظرة على مدى استخدام هذه المنظمة والتي تُعرف باسم حزب العمال الكردستاني أو "بي كي كي" للتلفاز ومدى تأثير حربها الإعلامية على تركيا ومواطنيها وأنصار المنظمة نفسها.

في إطار جميع هذه الأسئلة قام الباحث في معهد الفكر الاستراتيجي البروفسور حسن تحسين فاند أوغلو بدراسة الموضوع في تقرير تحليلي مُفصل بين فيه مدى استخدام حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" للتلفاز للترويج لأعماله وتصوير نفسه كمقاتل من أجل الحرية، وفي مقدمة تقريره يقوم فاند أوغلو بتعريف الإعلام بهذا الشكل "هو قطاع حر يوفر الحق الطبيعي للمواطن في معرفة ما يدور حوله ويحاول التناسق مع ميول المجتمع للحفاظ على بقاؤه لا سيما أنه قطاع تحت ضغوط اجتماعية واقتصادية مستمرة".

ويشير الباحث إلى أن "الإرهاب يرغب دومًا في تركيا والعالم أجمع باستخدام الإعلام بشكل نشط لتحقيق أهدافه والوصول إليها. ويُعد الإعلام الأكسجين المغذي للإرهاب الذي لا يمكن أن يستغني عنه إطلاقًا، وفي حقيقة الأمر الإعلام هو بمثابة إعلان مُروج للإرهابيين مهما اختلفت أهدافهم وانتماءاتهم وأساليبهم".

وإلى جانب فاند أوغلو فإن الكثير من الخبراء المختصين بموضوع الإرهاب والأمن الدولي يوضحون بأن "الإرهاب يسعى لاستخدام الإعلام لخلق "دراما" مُحزنة تجذب الملايين من البشر، لأن الدراما هي من أكثر المواد جذبًا للناس. ويهدف الإرهاب من خلال الظهور على الإعلام للحصول على عنصر التكرار الإعلامي الذي يتم من خلال عرض الحدث الإرهابي الذي قام به عدة مرات على قنوات مُتعددة، مما يظهره بأنه فاعل قوي له العديد من الأحداث في الميدان ويملك عنصر تأثير قوي".

ويضيف الخبراء بأن الإرهاب يسعى لاستخدام الإعلام لتحقيق الأهداف التالية:

ـ كسب تعاطف أنصاره والعمل على زيادة أعدادهم.

ـ إظهار نفسه كعنصر قوي ومؤثر في الميدان إقليميًا ودوليًا.

ـ تحريض المواطنين على السلطة الحاكمة بعد كشف ثغرات هذه السلطة وضربها في أكثر من مكان وزمان.

ـ إيصال أهدافه للرأي العام المحلي والدولي.

وفي إطار هذه الأهداف والتوضيحات يسعى فاند أوغلو إلى توضيح مدى استخدام حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" للإعلام ومدى تأثير ذلك. يوضح فاند أوغلو أن "الهدف الرئيسي لبي كي كي هو إضعاف تركيا، والإخلال بنظام أمنها الداخلي والخارجي، وتدمير معنويات مواطنيها وجعلهم يعيشون في حالة عدم استقرار وتأسيس دولة كردية مستقرة في أقرب فرصة ممكنة تكون فيها تركيا ضعيفة".

ولتأسيس دولة مستقلة لا بد من دعم أوروبي وأمريكي خاص على جميع المستويات المدنية المجتمعية والحكومية الرسمية ولا بد للتنظيم من إظهار نفسه كمظلوم مضطهد الحقوق يدافع عن حقوقه المضطهدة والمسلوبة، ولا بد من إظهار السلطة الحاكمة "تركيا" على أنها ضعيفة ولا تستطيع حماية أمنها واستقرار أنصارها ومواطنيها. ولتنفيذ جميع هذه الأهداف التي تسعى أي منظمة إرهابية لتنفيذها، لا بد من استخدام فعال للإعلام بكافة أنواعه مثل التلفاز والدعايات السياسية المحترفة ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائل التواصل المباشر مثل اللقاءات والتصريحات الصحفية في وسائل الإعلام الغربي، وتجد هذه الوسائل صدى وتفاعلًا قويًا من قبل الاتحاد الأوروبي الذي لا تريد دوله تطور تركيا وتقدمها".

ويفيد أفاند أوغلو بأن "أكبر دليل على نجاح بي كي كي هو الضغط الغربي المُستمر الذي تقوم به دول الاتحاد الأوروبي من خلال تقارير التقييم التي تصدر من الاتحاد الأوروبي بخصوص تركيا، وتبين دومًا أن تركيا تضطهد الحقوق الإنسانية الطبيعية للمواطنين الأكراد وأنه لا بد لها من إعطاء المواطنين الأكراد حقوقهم دون أي نقص، وعلى الرغم من قيام تركيا بإعطاء المواطنين الأكراد العام الماضي الكثير من الحقوق السياسية الديمقراطية والاجتماعية والثقافية في إطار عملية السلام أو المصالحة الوطنية إلا أن تقرير الاتحاد الأوروبي جاء "موبخًا" لتركيا، في رأيي، وادّعى التقرير بأن تركيا لم تتقدم أبدًا في قضية إعطاء الحقوق للمواطنين الأكراد على أراضيها. يجب ألا ننسى بأن لوسائل الإعلام التي يستخدمها بي كي كي ضد تركيا في الساحات الأوروبية المُتاحة لاستقبال هذه الوسائل والتفاعل معها تأثير كبير على إقناع الاتحاد الأوروبي بأن تركيا ما زالت دولة متخلفة مضطهدة لحقوق الأقليات".

ويشير أفاند أوغلو إلى أن "بي كي كي يهدف من خلال استخدام وسائل الإعلام إلى إرسال رسالة إلى جماهيره وأنصاره بأنه ما زال قويًا وما زال يدمِّر ويهدم. كما يهدف بي كي كي إلى استقطاب جماهير كردية جديدة من خلال إقناعها بأنه هو الحزب القوي الوحيد الذي يمكن الدفاع عن حقوقهم وحمايتهم، والدليل على نجاحه في هذه النقطة هو العدد الهائل الذي انضم له في الفترة الأخيرة والأصوات الكثيرة التي حصل عليها ممثله السياسي حزب الشعوب الديمقراطي".

وفي نهاية تقريره يعرب الباحث عن أسفه من أن قنوات الإعلام التركية أيضًا تشترك مع بي كي كي في دعايته السياسية من خلال نشر الأعمال التي يقوم بها وتكرارها، الأمر الذي يساعد القنوات الغربية على إيجاد مواد إعلامية مضرة بأمن تركيا لنشرها، وأيضًا الأمر الذي يرهق المواطن ويدمر معنوايته ويجعله يشعر بضعفه وضعف دولته، ويزيد من ضغط المواطن على الدولة لتصبح الأخيرة في حالة توتر كبير حائرة لا تدري ماذا تفعل؟؟، لتفادي هذا التوتر لا بد من إلغاء نشر هذه الأعمال كما يفعل التلفزيون الأمريكي والإنجليزي واللذان يمنعان نشر أي أعمال إرهابية تضر بالأمن القومي لبلادهم، عملية حظر نشر هذه الأعمال يمكن من خلال قانون النشر التركي رقم 3984 والذي ينص على حظر "نشر  أي مواد إعلامية تخل بالأمن القومي لتركيا" يمكن اعتبار هذه الأعمال من أخطر ما يضر بالأمن القومي التركي."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!