عبد الرحمن ديليباك – صحيفة يني عقد - ترجمة وتحرير ترك برس

تنتظرنا انتخابات برلمانية مليئة بالمفاجئات. الجميع يتشوّق أولًا لمعرفة الخطوات التي سيخطوها حزب العدالة والتنمية، ومن ثمّ يتوقون لمعرفة مصير حزب الشعوب الديمقراطي ويبحثون عن جواب لإمكانية تجاوز هذا الحزب للعتبة الانتخابية خلال الانتخابات البرلمانية المبكرة القادمة والتي ستجري في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر.

وفي حال فقد حزب العدالة والتنمية بعضًا من أصوات ناخبيه خلال الانتخابات القادمة، فإنّه سيتمكّن من استلام سلطة البلاد لوحده في حال لم يتمكّن أحد حزبي الشعوب الديمقراطي أو الحركة القومية من تجاوز العتبة الانتخابية أو تمكّن أحد منهما من تجاوز العتبة بفارق بسيط.

حسب اعتقادي فإنّ الإشاعات التي تدور حاليًا في الأوساط الإعلامية بخصوص حزب العدالة والتنمية اتفاقًا مع حزبي السعادة والاتحاد الكبير، لن تتحقق. وإن تحقق هذا الاحتمال فإن أنصار هذين الحزبين سوف يدلون بأصواتهم لصالح العدالة والتنمية. لا سيما أن رئيس حزب الاتحاد الكبير، يشغل منصب وزير الثقافة في الحكومة الانتخابية الحالية. ولا ننسى شغل طوغرول توركيش من حزب الحركة القومية منصب نائب رئيس الوزراء. وهذا سيؤدّي بشكل أو بآخر إلى نزوح بعض أنصار الحركة القومية لصفوف العدالة والتنمية.

كما يجب أن نوضّح بأنّ هناك العديد من أنصار العدالة والتنمية أدلوا بأصواتهم لصالح الحركة القومية خلال انتخابات 7 حزيران/ يونيو الماضي، وذلك بسبب خشيتهم من تفوّق حزب الشعوب الديمقراطي على الحركة القومية في البرلمان. فهؤلاء عندما أقدموا على هذه الخطوة، قالوا بأنّ العدالة والتنمية سوف يتصدر الانتخابات وسينفرد بالسلطة لوحده بكافة الأحوال. لكن في المقابل فإنّ عدم تمكّن العدالة والتنمية من التفرّد بالسلطة والمواقف التي بدرت من رئيس حزب الحركة القومية "دولت بهتشلي" حيال عملية التحالف من أجل تشكيل الحكومة الائتلافية، جعل من هؤلاء الذين أدلوا بأصواتهم لصالح الحركة القومية يفكّرون مجدّدًا بالخطوة التي أقدموا إليها خلال الانتخابات الماضية.

ومن المعروف أن كل صوت يذهب لحزب الحركة القومية، يكون لصالح حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي.

إن عناد حزب الحركة القومية وامتناعه عن المشاركة في الحكومة الانتخابية، جعل من حزب الشعوب الديمقراطي، شريك في الحكومة الجديدة. ومن الواضح أن الجميع لا يريدون رؤية هذه الحالة الراهنة خلال الانتخابات المقبلة. ففي حال لم يتمكن حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي من تجاوز العتبة الانتخابية، فإنّ العدالة والتنمية سوف يحقق الأغلبية العظمى خلال الانتخابات المقبلة. ولو بقي أحد هذين الحزبين دون العتبة الانتخابية، فإن العدالة والتنمية سيتمكّن من الانفراد بالسلطة لوحده وهذا ممّا لا شك فيه. وإن الشارع التركي يرى بأن حزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، سوف يخسرون أنصارهم خلال الاستحقاق الانتخابي القادم.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار عودة الناخبين التابعين لحزب الشعب الجمهوري والذين أدلوا بأصواتهم لصالح حزب الشعوب الديمقراطي خلال الانتخابات الأخيرة إلى صفوف حزبهم، فإن حزب الشعب الجمهوري سوف يستعيد نسبته المعتادة في الانتخابات البرلمانية.

من جانب آخر فإنّ معظم استطلاعات الرأي تشير إلى أن نسبة العدالة والتنمية ستصل إلى 44 بالمئة خلال الانتخابات القادمة. وهذه النسبة قابلة للزيادة خلال الانتخابات القادمة. وهذا يعني أنه لا يوجد أي خطورة على تفرد العدالة والتنمية بالسلطة لوحده، لا سيما أن تدني نسبة حزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، سوف تنعكس إيجابا على العدالة والتنمية حتّى ولو تدنّت نسبة العدالة والتنمية إلى 40 بالمئة.

وبناء على كل ما سبق نستطيع أن نقول بأن العدالة والتنمية سيتصدّر قائمة الأحزاب الفائزة خلال الانتخابات المقبلة. أمّا بالنسبة لعدد المقاعد التي سيفوز بها العدالة والتنمية، فإن ذلك سيتحدّد من خلال نسبة حزبي الشعوب الديمقراطي والحركة القومية. فنسبة هذين الحزبين سيؤثران على عدد مقاعد العدالة والتنمية في البرلمان بشكل مباشر.

وسبب ذلك أن حزب العدالة والتنمية نال المرتبة الثانية في كافة المناطق التي فاز فيها حزبي الشعوب الديمقراطي والحركة القومية. فوجود حزب الشعب الجمهوري في تلك المناطق يكاد أن يكون معدومًا. كما أنني أود أن أشير إلى أن ارتفاع نسبة حزب الشعب الجمهوري، لن يؤثر إيجابًا على عدد مقاعده في البرلمان لأن الحزب لن يتمكّن من تحقيق الأغلبية في المناطق الكردية والمناطق المؤيدة لحزب الحركة القومية.

من جهة أخرى فإن الأوساط السياسية تتوقع هبوطًا في نسبة حزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطي خلال الانتخابات المقبلة، فالأول سيشهد هبوطًا بسبب تعنّته خلال محادثات تشكيل الحكومة الائتلافية والآخر بسبب مواقفه من المنظمة الإرهابية (PKK). حتّى أن بعض المحللين قالوا بأن هناك احتمال عدم تمكّن الحزبين من تجاوز العتبة الانتخابية. ولا بد لي في هذا الصدد من التنويه إلى أن رئيس حزب الحركة القومية سيكون المسؤول المباشر عن فقدان حزبه لأصوات الناخبين، وذلك بسبب التذبذب في مواقفه.

إن هذه الانتخابات ستكون بمثابة ميلاد جديد للأحزاب الأربعة الموجودة حاليًا في البرلمان.

عن الكاتب

عبد الرحمن دليباك

كاتب في صحيفة يني عقد


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس