جلال سلمي - خاص ترك برس

اقترح الكثير من الباحثين والخبراء السياسيين والنفسيين والاجتماعيين الأتراك، بعد انخفاض نسبة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، بأن الحزب بحاجة ماسة إلى إضافة أسلوب الاتصال المباشر مع الناخب أي عن الطريق اللقاء وجهًا لوجه ومناقشة الأهداف لحملته الانتخابية في الانتخابات البرلمانية المُبكرة المرتقب عقدها بتاريخ 1 تشرين الثاني/ نوفمبرالقادم.

وهنا يطفو على السطح السؤال الذي يطرح نفسه وهو كيف يمكن لحزب العدالة والتنمية "حزب يمين الوسط واليسار" تسيير حملته الانتخابية بناءًا على أسلوب أو سياسة وجهًا لوجه؟

يقوم رئيس فرع مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في إسطنبول ميديام يانيق أحد أهم الباحثين السياسيين والاجتماعيين الأتراك المُقترحين لتلك الفكرة أو الأسلوب، بتعريف هذه الحملة الانتخابية المُعتمدة على اللقاء وجهًا لوجه مع الناخب بأنها "حملة تعتمد على مجموعات حزبية خاصة بالأحياء تعمل على زيارة البيوت بيتًا بيتًا، وتعمل على التحدث مع كل شخص بشكل مباشر ومُطول وتلتقي الناخب أكثر من مرة بأسلوب لائق لإقناعه بمدى نجاعة الأهداف الانتخابية المستقبلية لحزبها".

ويوضح يانيق بأنه "لكي يتمكن أي حزب سياسي وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية من تسيير حملته الانتخابية على أساس اللقاء وجهًا لوجه يجب أن يكون متمتعًا بثلاث خصائص أساسية هي:

ـ أن يكون لديه مجموعات حزبية قوية ونشطة ومُنظمة على مستوى الأحياء والحواري.

ـ وجود أفكار وقيم وإيدولوجية مثالية تجعل منتمي الحزب على مستوى الأحياء يعملون بشكل نشط.

ـ وجود عامل نفسي لدى منتسبي الحزب يجعلهم يهدفون إلى تحقيق النجاح بكل الوسائل.

وحسب يانيق؛ حزب العدالة والتنمية يمتلك هذه الخصائص الثالث بداخله لا سيما أنه حزب مركزي شامل لجميع الفئات والطوائف والعقائد والعروق دون أي تمييز أو  تفرقة، مبادؤه الانفتاحية ستجعله حاملًا لهذه الخصائص وستمكنه من تسيير أسلوب اللقاء وجهًا لوجه بشكل جيد ولكن يبقى مستوى نجاحه موصول بمدى نشاط أفراده ومنتسابيه وحرصهم.

وتؤكد الكاتبة السياسية في جريدة يني شفق التركية فاطمة باربار أوغلو، في مقال لها بعنوان "الخسارة كانت أمر لا بد منه" نُشر عقب خسارة حزب العدالة والتنمية لنسبة الأغلبية، بأن "أحد أهم الأسباب التي جعلت حزب العدالة والتنمية يخسر نسبته الدائمة في الانتخابات الأخيرة هو ثقة كوادره ومناصريه ومنتسبيه العمياء بانتصاره وفوزه الأكيد الأمرالذي جعلهم لا يعملون بجد ونشاط مطلوب، هذا التقاعس نتج بشكل كبير عن الفوز المتتالي لحزب العدالة والتنمية في عدد كبير من الانتخابات البرلمانية والبلديات والرئاسة أيضًا".

وتضيف الكاتبة أنه "لا بد لحزب العدالة والتنمية من طرح هذا التقاعس جانبا ً لكى يتمكن من الفوز في الانتخابات المقبلة وإن لم تشد كوادره الهمم خاصة في مجال الحملات الانتخابية الاجتماعية المباشرة التي لاقت إهمال كبير من قبل شباب حزب العدالة والتنمية وهذه الحملات الاجتماعية لا بد أن تتم من خلال التواصل المباشر والشخصي مع الناخب".

وكما تؤكد الكاتبة أنه "لا بد من تزيين هذه الحملات الانتخابية الاجتماعية ببريق إيدولوجي حاضن وليس مُبعد أو مُقصي، وحزب العدالة ذو إيدولوجية حاضنة ولكن يبدو في الفترة الأخيرة بأنه ابتعد عنها بعض الشيء بعد حدوث المظاهرات الشعبية المناهضة للحكومة عام 2012 وقام في حينها أردوغان بصرف بعض التعابير المُفرقة القاسية التي قامت بإحداث شرخ شعبي كبير بين فئات المجتمع المختلفة، لا بد لحزب العدالة والتنمية قبل أن يبدأ بحملته الانتخابية الاجتماعية المباشرة أن يعود إلى ثوبه الناعم الحاضن الأصلي ولا بد أن يتخلى كوادره عن السياسات التقسيمية المُقصية لفئات أخرى، إذا كنت حزب أغلبية حاكم لا بد أن تحتضن الجميع كي تستمر لا أن تقصي البعض".

ويبين الكاتب في جريد مِلييت التركية محمد تازكان، في مقال له بعنوان "ماذا لو فاز الناخب في انتخابات 01 نوفمبر" نُشرت بتاريخ 2 أيلول/ سبتمبر 2015، بأن "حزب العدالة والتنمية تعلم درسه جيدًا وفي الانتخابات البرلمانية القادمة ستكون حملته الانتخابية أقرب للشعب والأفراد وستتوج بالأسلوب المباشر المخاطب للأفراد، وتعتبر الإرادة والعزيمة التي حصل عليها كوادر ومنتسبي حزب العدالة والتنمية بعد نتائج الانتخابات الأخيرة هي المحرك الأساسي والفعلي لهم لإجراء حملات انتخابية اجتماعية قريبة أكثر للفرد بعينه ويبدو بأن حزب العدالة والتنمية سيحقق نسبة أعلى في الانتخابات القادمة لا سيما في ظل استعداد كوادره لتسيير الحملة الانتخابية على أساس اللقاء المباشر وجهًا لوجه".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!