محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لو علم كولومبوس حجم الكوارث التي ستقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط في عصرنا هذا، لخجل من نفسه ولما أعلن عن اكتشاف القارة الأمريكية، لما سببته أمريكا من فواجع وكوارث آذت البشر والحجر.

سلسلة أخطاء

نعم، دول الشرق الأوسط بما فيها تركيا، تتحمل الآن تبعات الأخطاء التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، وقد كانت أمريكا سببا في بدء المشاكل بعد الإطاحة بالمصدق في إيران، وهي السبب في جعل حل القضية الفلسطينية بيد الإسرائيليين فقط، وهي من أجبرت مصر على التقرب نحو معسكر السوفييت، وليست انتهاء بالمشاكل الكبرى التي أحدثها احتلال أمريكا للعراق.

وهنا أنا لا أتحدث عن القارة الأمريكية التي اكتشفها كولمبوس، وإنما أتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تكونت من الأوروبيين الذين لم يجدوا مكانا لهم في أوروبا، والتي جعلت أوروبا تدور الآن في فلكها.

كله مجرد كلام

تفتخر هذه الدولة "بالديمقراطية"، وبأنها "دولة قانون" تعترف "بالحقوق والحريات"، لكن هذه القيم هي مجرد قيم تتمتع بها أمريكا داخل إطار دولتها، وعندما تتعرض مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وعلاقاتها لأي خطر، تصبح هذه القيم تحت الأقدام، ومن ضمن ذلك، أنْ تدعم أمريكا صدام ضد الخميني، ثم بعد انتهاء مهمة صدام تقوم بإعدامه.

الحديث عن الصداقة يبقى مجرد كلام فقط، فأثناء قتل الأتراك في قبرص، وأرادت تركيا التدخل، أرسل الرئيس الأمريكي رسالة مكتوبة لرئيس وزراء تركيا يقول فيها :"إذا هاجمكم الاتحاد السوفييتي بسبب قبرص، لن يتدخل حلف الناتو ولن نعمل بهذه الاتفاقية"، وبعد ذلك أطيح برئيس وزراء تركيا من خلال التصويت على الميزانية!

ندرك ذلك متأخرا

أسوء ما في الأمر، أنّ للولايات المتحدة الأمريكية رجالا يتبعون لهم في كل دولة في الشرق الأوسط، وهؤلاء يدركون بعد سنوات طويلة حقيقة ما قاموا به، ولماذا عملوا ولمصلحة مَن وكيف ستتخلص منهم أمريكا بعد انتهاء دورهم، ومن هنا أدركنا متأخرا حقيقة أنّ تسليم أوجلان من كينيا لتركيا كان في نفس السنة التي لجأ فيها فتح الله غولن للولايات المتحدة الأمريكية.

واليوم هناك من يخطط ويحيك المؤامرات ضد رئيس الجمهورية بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وهم يحاولون بكل ما أوتوا من قوة من أجل انعكاس أمريكا في تركيا من أجل تدميرها كما دمرت العراق وسوريا من قبل.

الأخطاء الكبرى الأخيرة

وأكبر الأخطاء التي يعتقد بها البعض الآن، هي قول الولايات المتحدة الأمريكية لحزب العمال الكردستاني "نحن خلفكم ومعكم"، ألم تقل أمريكا ذلك لنظام المالكي وهيأت له الظروف لسحق السنة، ثم مهدت الطريق لداعش وهو يسحق الاثنين سويا الآن؟ والآن أصبح معظم المجتمع يدرك حقيقة ما يجري، وما أتمناه هو أنْ يدرك الرجال الذين يرتكزون على كلام الولايات المتحدة الأمريكية حقيقة ما قامت به أمريكا من قبل مع رجالها، ليعلموا جيدا النتائج المستقبلية التي تنتظرهم.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس