جلال سلمي - خاص ترك برس

بعد انتهاء تركيا من إجراء انتخاباتها البرلمانية بتاريخ 7 حزيران/ يونيو 2015 بدأت هناك العديد من التطورات والأحداث المزعزعة للاستقرار السياسي والاقتصادي التركي بالظهور وبكل وضوح على السطح، حيث بدأت تهديدات حزب العمال الكردستاني "الإرهابي المتمرد" بالظهور على الساحة وادعى العمال الكردستاني بأنه لن يصبر طويلًا على عملية السلام وبالفعل بعد أيام قلائل بدأ العمال الكردستاني باغتيال عدد من عناصر الشرطة والجيش التركي وبدأ يعيث بالفوضى في تركيا.

وإلى جانب حزب العمال الكردستاني قامت داعش بتهديد تركيا أكثر من مرة وتوعدت بفتح إسطنبول ورفع رياتها فوق مآذنه، وقامت داعش بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2015 بتنفيذ تفجيرات سوروج التي أسفرت عن مقتل 32 شخص وجرح أكثر من 50 شخص آخر وبالتحديد بعد هذا التاريخ بدأت تركيا بالدخول تحت ظلال عدم استقرار سياسي وأمني ملحوظ.

ولدراسة حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني هذه قام مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" بتناول الموضوع في دراسة أكاديمية بعنوان "لماذا تركيا مزعزعة؟"، يبين سيتا في بداية تقريره أن "حزب العمال الكردستاني انقلب على عملية السلام الداخلي لسبب معروف وواضح وهو محاولته استخدام حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني المحيطة بتركيا وحالة التعاطف والدعم الدوليين الضخمة مع الأكراد في شمال سوريا لإقامة إقليم كردي مستقل في شرق وجنوب شرق الأناضول".

وتوضح سيتا أنه "للأسف حتى حزب الشعوب الديمقراطي الذي يُعد الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني والمواطنين الأكراد لم يحترم موقعه السياسي والبرلماني وبدلًا من أن يقوم بتشجيع الحل السياسي يقوم بين الفينة والأخرى وعلى لسان زعمائه وقادته بالتعبير عن تحديه للحكومة التركية وإجراءاتها الأمنية ويبين أن ما تقوم به الحكومة الأمنية من إجراءات أمنية تجعل الطرف الآخر، حزب العمال الكردستاني، يقوم بعملية الدفاع المشروع عن نفسه، ويقوم حزب الشعوب الديمقراطي بين الفينة والأخرى بدعوة مناصريه للخروج والتظاهر في الشوارع لمنع تمادي الحكومة في الإجراءات الأمنية والاعتراض على هذه الإجراءات الأمر الذي يجعل الشباب التركي القومي للخروج ضد هذه التظاهرات ويشتبك الطرفان ويبدأ الانقسام الاجتماعي بالطفو على السطح".

ويؤكد سيتا أن "حزب العمال الكردستاني سيستمر في هجماته واشتبكاته مع عناصر الشرطة والجيش التركي لأن قادته مقتنعون وبشدة بأن هذه الفرصة السانحة لهم في تأسيس إقليم مستقل في شرق الأناضول وجنوب شرقه لن تكرر مرة أخرى ويجب عليهم القتال وبكل شراسة وضراوة من أجل تحقيق هذا الهدف، أما جناحه السياسي حزب الشعوب الديمقراطي فلن يتوانى عن التحركات "المتخاذلة" التي يقوم بها لأنّه أثبت بعد تأييده لتحركات حزب العمال الكردستاني بأن هدفه الأساسي من عملية السلام الداخلي ليس السلام كما يدعي بل فرض السيطرة على المواطنين الأكراد في منطقتي شرق وجنوب شرق الأناضول لإظهار نفسه على أنه الممثل السياسي والشرعي الوحيد للمواطنين الأكراد في تلك المناطق".

ويعدّد سيتا المؤشرات التي تبين عدم جدية حزب الشعوب الديمقراطي في دعم الحل السياسي للمشكلة الكردية في تركيا على الشكل التالي:

ـ تغطيته لقيام حزب العمال الكردستاني بقطع الطرق الرئيسية في شرق وجنوب شرق تركيا وجمع الضرائب في تلك المناطق وقتل من يخالف أهداف العمال الكردستاني وقيامه بتبرير جميع هذه الإجراءات الخارجة عن القانون بتبريرات غير معقولة وغير منطقية.

ـ التحدث وكأنه الحزب الوحيد الممثل للمواطنين الأكراد وتوبيخه للأحزاب والإيدولوجيات الكردية الأخرى وتأييده لعمليات قتل وتهجير هذه الأحزاب والإيدولوجيات بشكل واضح وضمني.

ويفيد سيتا أنه "على الصعيد الأخر يوجد غضب تركي شديد تجاه الأعمال الإرهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني ضد عناصر الشرطة والجيش في شرق وجنوب شرق الأناضول وهو مادعى القوميين وحتى غير القوميين الأتراك للخروج أفواجًا معترضة على هذه العمليات ومتظاهرة ضدها بشكل سلمي حينًا وسالكة أساليب فوضوية حينًا آخر وذلك من خلال حرقهم لمراكز حزب الشعوب الديمقراطي للتعبير عن غضبهم وسخطهم من العمليات الإرهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني ضد قوات الأمن".

وبما يخص داعش والحركات التكفيرية يبين سيتا بأن "تصريحات وزير الداخلية بأن قوات الأمن وجهاز الاستخبارات  التركيان يعملان وبكل حزم من أجل القضاء على جميع الخلايا التي يمكن أن تكون نائمة وتابعة لداعش في تركيا تأتي لتؤكد على اختبار تركيا الصعب مع الخروقات الأمنية المتوقعة في ظل التزعزع الأمني التي تواجه في الداخل وفي الخارج".

ويوضح سيتا في نهاية دراسته أن "التهديد الأمني الملموس لتركيا والمزعزع الأساسي لاستقرارها الآن هو تهديد حزب العمال الكردستاني المتغلغل في المدن والقرى الموجودة في جنوب وجنوب شرق الأناضول ولكن بما يخص داعش فهي تعتبر تهديدًا أمنيًا لتركيا ولكنه تهديد أمني خارجي تعمل تركيا وبكل حزم لمنع تغلغله للداخل التركي ويبدو بأن النجاح حليفها في ظل تعاونها وتحالفها مع القوى الدولية من أجل القضاء على داعش بشكل كامل".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!