بريدل ديدي أوغلو - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

يوجد في جغرافيتنا القريبة ميزان كبير. في إحدى كفتيه تجلس أوكرانيا وفي الكفة الأخرى توجد إسرائيل. فإذا ازداد القتال في إحدى الكفتين، يقل وينخفض في الكفة الأخرى، وإذا توقف القتال في إحداها بهدنة ما، تبدأ الحرب في الكفة الثانية. وكأن الأحداث مرتبطة ببعضها البعض.

إذا لم تكن تلك الأحداث صدفة وكانت فعلا مرتبطة ببعضها البعض، فهذا يعتبر خبر جيد، لأنه سيكون من الممكن السيطرة على هذا الوضع. وإذا كانت فعلا كذلك فإننا نعتقد أن هناك من رتّب لهذه الحروب لتكون بهذا الترتيب.

في الوقت الحالي اتفقت حماس وإسرائيل على هدنة. أقول في الوقت الحالي، لأنه لا يوجد أي ضامن لاستمرار وقف إطلاق النار من عدمه. الغزيون لا يشعرون بالأمن حتى الآن، لذلك لا يريدون بناء بيوتهم المدمرة فورا.

الهدنة الحالية هي مدخل لشروط وقف دائم لإطلاق النار. لكن وحسب المعلومات التي وصلتنا من الصحافة فإن إسرائيل وافقت على عدم خرق التهدئة وتخفيف الحصار عن غزة بشرط عدم إطلاق أي صاروخ عليها من قطاع غزة. وبما أن إسرائيل تقول أن كل هجمة شنتها على غزة كانت بسبب إطلاق الصواريخ عليها فإن التهدئة على كف عفريت. أما تخفيف الحصار فهو أمر ضروري، لكي تنفتح حماس على الخارج، وحتى يصل الخارج إلى غزة. وتخفيف الحصار سيشمل سيلا من المساعدات سيتدفق إلى غزة ولربما تتخوّف إسرائيل من المواد التي ستدخل وبالتي من الممكن أن يكون ذلك سببا جديدا للعدوان على غزة.

روسيا وأوكرانيا

أما في كفة الميزان الثانية أي في أوكرانيا فإن الانفصاليين قد وصلوا إلى البحر الأسود من خلال سيطرتهم على ميناء " نوفوازوفسك". هذا التطور الاستراتيجي حدث مباشرة بعد انتشار خبر فشل اجتماع الرئيس الروسي مع الرئيس الأوكراني في التوصل إلى نتائج إيجابية.

روسيا لم تستطع إقناع أوكرانيا لأن انضمام أوكرانيا لمعسكر الغرب يحمل بالنسبة لها أهمية حيوية كبيرة. بينما لم تستطع أوكرانيا إقناع روسيا لأن الأولى تحارب باسم الانفصاليين الجنود الروس المتواجدين على أراضيها. كان يجب أن تكون المباحثات تستند إلى عدم تطوير العلاقات بين أوكرانيا والغرب في مقابل أن تتوقف روسيا عن شن هجماتها في الأراضي الأوكرانية. وما دامت أوكرانيا لم تتنازل لتحقيق المطالب الروسية فإن القوات شبه العسكرية تحت اسم الانفصاليين أو المتمردين ستستمر في القتال ولن يستطيع أحد إيقافها .

ربما لا تنتظر أوكرانيا أن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية للانفصاليين بتفجير المنطقة كما تفعل داعش في العراق. فهدف أوكرانيا أن يعاقب الغرب روسيا ومن خلال ذلك يتم إنقاذ أوكرانيا. لكن وكما يحدث في إسرائيل بالضبط، فهل يوجد توافق وتلاؤم بين مطالب الشعب وما تطلبه الحكومة الأوكرانية؟ لا نستطيع الجزم بذلك. عدم استقرار الحكومة والبرلمان في أوكرانيا يشير إلى تنوّع خيارات الشعب.

أمريكا وروسيا

إذا نظرنا إلى التصريحات القادمة من إسرائيل، نرى أن شروط وقف إطلاق النار تدل على فشل إسرائيل السياسي. باختصار إسرائيل توحي لنا أنها رضخت للضغوط الأمريكية وجلست على طاولة المفاوضات. فإذا نجحت أمريكا فعليا في إجبار إسرائيل على الجلوس على طاولة المفاوضات، يجب عليها أن تُجلس روسيا أيضا إلى طاولة مفاوضات مع الأوكرانيين. لكن حتى تدخل أمريكا في مفاوضات قوية تريد أولا تقوية نفوذ الانفصاليين وبعد ذلك تبني أسس المفاوضات على أساس انسحاب الانفصاليين من مناطق نفوذ جديدة سيطروا عليها حتى لا تتغير الطلبات إلى طلبات أخرى.

إذا تطورت الأمور بهذا النوع من خلق التوازن، فإن المشاكل بين روسيا وأمريكا تكون قد تقدمت إلى الأمام. لكن المشكلة الأساسية، هي التوازن بين هاتين الدولتين، هذا التوازن الممتد من أوكرانيا إلى روسيا، ومن قبرص إلى كوريا، المشكلة هل سيُدخلون لاعبين جدد إلى المعادلة؟. من الواضح أن اللاعب الذي أوجد لنفسه مكانا في اللعبة سيتم إخراجه إلى الخط، وسيدخل مكانه لاعب جديد من ناد احتياطي. هذا اللاعب، يجب أن يكون عبارة عن دولة لها تاريخ في تثبيت معادلات التوازن، كي تحافظ على توازن كفتي الميزان بين أمريكا وروسيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس