نهال بينغيسو كراجا - خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس

كشفت روسيا عن وجهها المروع من خلال "استيطانها" في سوريا بحجة مواجهة داعش، وهي لا تقلق حيال قصفها للمجموعات الأخرى غير داعش، وحيال قصفها للمدنيين، كما أنّ طائراتها خرقت الأجواء التركية أكثر من مرة.

كانت ردود فعل أمريكا وحلف الناتو كمن يقول: "يا إلهي، كيف يحصل هذا؟ لا يمكن حصول ذلك"، وتدعم تركيا معنويا، بمعنى أنهم يقولون لتركيا أنتِ كالأسد وتستطيعي القيام ببعض الأمور حيال ذلك.

تصريحات أردوغان بعد الاختراق الجوي الثاني للطائرات الروسية كانت هامة جدا، فقد أعرب أردوغان عن أنّ "أي فعل ضد تركيا هو فعل ضد حلف الناتو، فعلاقتنا بروسيا معروفة، وإذا فقدت روسيا صديقتها وحليفتها، فستفقد الشيء الكثير، وعليها معرفة ذلك".

نعم، أي فعل ضد تركيا هو فعل ضد حلف الناتو، لكن ذلك لا يعني أن يضعوا تركيا في المقدمة لأي توتر بين روسيا وحلف الناتو أو أمريكا، فأمريكا هي التي اتفقت مع بوتين حتى يدخل سوريا، أوباما هو من اتفق معهم.

كان يتوجب على أوباما إدراك أهداف روسيا الحقيقة بعد تدخلها في أوكرانيا، وكان عليه عدم جعل الساحة السورية فارغة، وكان عليه أنْ يوافق فورا على طلب تركيا إنشاء منطقة آمنة يُفرض عليها حظرا جويا، وكان عليه معرفة أنّ الفراغ الناشئ في سوريا ستملئه روسيا، وكان عليه إعاقة دخول روسيا في تلك الساحة.

كما كان يجب على العالم أن يستمع لتركيا ويحقق رؤيتها فيما يتعلق بالقضية السورية، وعلى تركيا أيضا أن تتمسك بموقفها وتتصرف بصورة أكثر إصرارا وعزيمة، وكان عليها أن ترد على إسقاط الطائرة التركية عام 2012، لكن على ما يبدو أنّ الوضع الآن أصبح أكثر صعوبة، وتقلص الدور التركي في سوريا بصورة كبيرة مقارنة مع الماضي.

لكن في المقابل، تركيا كانت تدرك من البداية أنّ استمرار الأزمة السورية بهذا الشكل، سيقود إلى مشاكل عديدة في المستقبل بالنسبة للمنطقة ولحلف الناتو أيضا، وتحدثت عن ذلك في كل المناسبات، وحذرت من العواقب، ولو أنّهم كانوا يتوقعون ما فعله بوتين اليوم لاستمعوا لتحذيرات تركيا في السابق.

لا يكمن مصدر قلق حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية بسبب اختراق الأجواء التركية من قبل طائرات روسية، وإنما مصدر قلقهم يتعلق بوجود صواريخ (S-300) القادرة على ضرب الطائرات الأمريكية التي تقلع من قاعدة "إنجيرليك" الجوية، فالموافقة على استخدام هذه القاعدة الجوية، لا يعني حماية الطائرات التي تقلع منها.

لا أعتقد أنّ تركيا ستنتظر حلف الناتو حتى يتصرف مع اختراق الأجواء التركية، لأنّ الذي لم يستمع للتحذيرات، ولم يساعد أبدا في حل مشكلة اللاجئين، والذي يغض الطرف عن موت اللاجئين وغرقهم في البحر الأبيض المتوسط، والذي اختزل كل القضية السورية بمسألة "مواجهة داعش" برغم استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية وقتل الآلاف من الناس، كل هؤلاء لا يهمهم أمر تركيا وقضاياها.

عن الكاتب

نهال بينغيسو كراجا

كاتبة في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس