نهال بينغيسو قراجة - خبر تورك - ترجمة وتحرير ترك برس

بعد الهجمات الإسرائيلية على طهران، ارتفعت حرارة السياسة الأمريكية ليس فقط في السياسة الخارجية، ولكن أيضًا في قلب واشنطن. لكن هذه المرة، لم يكن الانفجار على خريطة الشرق الأوسط، بل داخل اليمين الأمريكي. اسم المشكلة: انعدام التوجّه. والعَرَض: الانقسام.

المقابلة التي جرت مؤخرًا بين تاكر كارلسون وتيد كروز كانت صورة حية لهذا التصدع.

وجهان للمحافظة الأمريكية تصادما على الهواء مباشرة حول التدخل في إيران، حصانة إسرائيل، دور الولايات المتحدة، و"الوضوح الأخلاقي". بدا المشهد أشبه بحفرة أثرية أيديولوجية أكثر من كونه مقابلة.

سؤال كارلسون كان قاسيًا في بساطته:

"أنت تريد تغيير نظام إيران، أليس كذلك؟"

كروز: "نعم."

كارلسون: "هل تعرف عدد سكان إيران؟"

كروز (يتلعثم): "لا."

كارلسون: "تريد تدمير بلد لكنك لا تعرف عدد من تستهدفهم. هذا لا يبدو صادقًا أو جادًا."

ساد صمت متوتر في الأستوديو.

لكن كارلسون لم يتوقف عند هذا الحد. ردًا على تصريح كروز "نحن ندعم إسرائيل الآن"، ذكّره بقوله السابق "قلتَ للتو إننا نهاجم"، ثم طرح تصريح البيت الأبيض قبل يوم: "نحن لسنا جزءًا من الهجوم." وسأله:

"الآن تقول 'نحن'، هل هذه معلومات جديدة؟"

تراجع كروز في ثوانٍ من "نهاجم" إلى "نحن ندعم فقط" لم يكن مجرد زلة لسان. كان انعكاسًا صريحًا للانحناءة الفكرية لليمين الأمريكي في ملف إيران. عزلة حركة "ماغا" الشعبوية اصطدمت بالتدخلية الكلاسيكية للحزب الجمهوري في جملة واحدة.

لأن حركة "ماغا"، التي تمثل القومية الشعبوية لترامب، لم تعد تتحدث بنفس لغة الجسم الرئيسي للحزب الجمهوري (GOP)، الذي يمثل الخط التقليدي والمؤسسي والتدخلي.

وهذا التصدع هو ما دفع دونالد ترامب للانتقال من خطاب "على إيران أن تستسلم دون قيد أو شرط" إلى موقف "سأقرر خلال أسبوعين" في غضون 48 ساعة فقط.

ترامب غادر قمة G7 مبكرًا. لم يحمل معه أي دبلوماسية. وفي طريق عودته، وقف أمام الكاميرات وألقى تصريحًا لا يكسر الصورة النمطية بقدر ما يعززها، ويميل إلى التهديد العضلي:

"نحن نعرف أين يقيم المرشد الإيراني. لن نقتله الآن. على إيران أن تستسلم دون قيد أو شرط."

هذه الجملة كانت تعبيرًا عن رغبة في تشكيل السياسة الخارجية بقوة العضلات.

لكن نفس ترامب تراجع بعد يوم واحد فقط:

"سأقرر خلال أسبوعين."

هذا ليس ندمًا، بل حساب.

بعض الضغط الجماهيري، بعض التوتر داخل الحزب الجمهوري، وبعض الانقسام الخطابي الذي فتحه كارلسون — كلها خلقت ترددًا يبدو كاستراتيجية.

لأن قاعدة ترامب لم تعد موحدة.

فريق يقول: "أمريكا لا تريد حروبًا أخرى في الشرق الأوسط."

وفريق آخر يصرخ: "تحالف غير مشروط مع إسرائيل، وفرض الهيمنة على إيران!"

ترامب من ناحية يرسل رسالة "أنا الأقسى"، ومن ناحية أخرى يسمع نداء ناخبيه القدامى في "ماغا": "العودة إلى الداخل". لأنه وعدهم بأنه سيعيد أمريكا إلى الداخل، ويتوقف عن دفن أرواح وأموال أمريكا في الشرق الأوسط.

لهذا تصريحاته يومًا تبدو كإحاطة حربية، ويومًا آخر كـمحاضرة TED.

إذن، ماذا تُظهر هذه التقلبات؟

المسألة لم تعد فقط ما يقوله البيت الأبيض. لأن اليمين نفسه لم يعد لديه رؤية موحدة للسياسة الخارجية.

قلب الحزب الجمهوري ينبض بين البنتاغون وقناة تاكر كارلسون على يوتيوب.

عندما اشتد الصراع، وضعوا نتنياهو في غرفة الانتظار.

بالطبع، كل شيء ممكن في أي لحظة.

لأن السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت عرضًا للانعكاسات.

لكن المثير للاهتمام هو أن الرمح لم يعد موجّهًا فقط إلى 'العدو'، بل إلى الداخل، إلى أنفسهم.

والبوصلة التي تحدد اتجاه واشنطن لم تعد تأتي من الشرق الأوسط، بل من تصدعاتها الداخلية.

عن الكاتب

نهال بينغيسو قراجة

كاتبة في موقع خبر تورك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس