جلال سلمي - خاص ترك برس

"لم يستطع حزبا الشعب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني جعل أنصارهم يتحركون بجدية بدعواتهم الإعلامية التي انطلقت تحت شعار "الشعب الثوري" ولكن بعد هذه التفجيرات التي أسعدتهم بشكل مغمور سيجدون إمكانية ضخمة لدعوة الملايين ورائهم."

اعتبر عدد من الباحثين السياسيين بأن التفجيرات الأخيرة التي أصابت مهرجانًا أُقيم من أجل الدعوة للسلام هي تفجيرات سياسية، ورأى الكثير من الباحثيين أيضًا بأن هذه التفجيرات هي الأخطر والأقوى في تاريخ أنقرة العاصمة التي تُوصف بأنها من أكثر العواصم هدوءًا واستقرارًا.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الصحة محمد مؤذن أوغلو تعقيبًا على هذا التفجيرات أكد الأخير بأن "هذه التفجيرات فتحت جرحًا عميقًا في أحشائنا لن نستطيع نسيانه أبدًا خاصة أنه جرح يصيب العاصمة التي عُلم عنها بأنه من أكثر الأماكن استقرارًا وهدوءًا في العالم".

ووصف الخبير في قضايا الإرهاب محمد علي أوزجان بأن "هذه التفجيرات هي إرهابية بكل المقاييس ولا يمكن تصنيفها بغير هذا الشكل"، وأشار أيضًا إلى أن "منفذي هذه التفجيرات الإرهابية يسعون إلى تهييج العاطفة الدرامية لدى الشعب وبالتالي التأثير عليه من عدة جوانب بشكل سلس ومُقنع، وتستخدم هذا الأسلوب بشكل خاص الأقليات ذات الأهداف السياسية والتي ترى من هذه التفجيرات رصيدًا مُربحًا لها لتوجيه الرأي العام على حسب مصالحها وسياستها".

ويتطرق الباحث السياسي ميديام يانيق في مقال له بعنوان "الرسائل السياسية لتفجيرات أنقرة" بتاريخ 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 في جريدة ستار، ويبين يانيق بأن هناك عدة أهداف سياسية واضحة أراد منفذي هذا الانفجار الحصول عليها من وراء هذا الانفجار الإرهابي؛ ويمكن تناول هذه الرسائل السياسية بالشكل التالي:

ـ رفع وتيرة التوتر السياسي قبيل الانتخابات:

من  المعروف بأنه قبل انتخابات 7 حزيران/ يونيو 2015 أيضًا تم إحداث نفس التفجيرات في مدينة دياربكر وسط مهرجان خاصة بحزب الشعوب الديمقراطي الذي استغل هذا الانفجار كدعاية سياسية له تحت شعار "اضطهاد المواطن الكردي في ممارسة حقوقه الديمقراطية" وبالفعل نجح في اقناع العديد من المواطنين الأكراد بأنهم مضطهدين وبأنه في صدد الدفاع عنهم وإرجاع حقوقهم إذا ماقاموا بانتخابه واحتضانه وهذا ماقاموا به بالفعل، واليوم تتكرر الصورة ويتكرر الهدف ولكن مع اختلاف بسيط في المكان والجهة المُستهدفة التي أصبحت أوسع من الجهة المُستهدفة ما قبل 7 يونيو 2015، الجهة المُستهدفة هنا لا تضم مواطنين أكراد فقط بل يساريين وشيوعيين يمكن استقطابهم من خلال استخدام نقطة عدائهم لحزب العدالة والتنمية وجذب البعض لهم من خلال تصوير أنفسهم بأنهم مدافعين عنهم وعن أهدافهم تمامًا مثلما حدث قبل 7 يونيو.

ـ الرابح الأكبر هو حزب الشعوب الديمقراطي:

حزب الشعوب الديمقراطي هو حزب يساري شيوعي ويحاول في الفترة الأخيرة ترويج نفسه بين الكتل اليسارية على أنه الحزب اليساري الأكثر نجاحًا في تركيا والأقدر على الوقوف ضد حزب العدالة والتنمية الذي تمكن من إدارة البلاد لمدة ثلاثة عشر عامًا متتالية ويُتوقع بأن يستمر  في إدارة البلاد بعد فوزه بانتخابات 1 تشرين الأول/ نوفمبر المُرتقبة ولكسر هذا الاحتمال الإيجابي الخاص بحزب العدالة والتنمية يحاول الأن حزب الشعوب الديمقراطي تحصيل أكبر ورقة ربحية من وراء هذه التفجيرات الملعونة قانونيًا وسياسيًا.

ـ إيقاع أكبر قدر ممكن من عدم الثقة الشعبية بحزب العدالة والتنمية:

على الرغم من أن الحكومة الحالية هي حكومة مؤقتة إلا أن من يقودها هو حزب العدالة والتنمية؛ حزب الأغلبية الذي يسعى إلى أن يشكل حكومة بمفرده في الأيام المقبلة، وهذه التفجيرات سلبية لصالح حزب العدالة والتنمية الذي يحاول ربط اسمه بالاستقرار السياسي والاقتصادي والعدالة السياسية والاجتماعية البعيدة عن التفرقة والتمييز الاجتماعي والطبقي والعرقي.

الكل يعي بأن حزب العدالة والتنمية لا يمكنه إطلاقًا أن يضر باسمه بواسطة هذه التفجيرات، ولكن يبدو أن المتربصين به سيتبعون نفس سيناريو تفجيرات ديار بكر وسيرددون أسطوانة "جر حزب العدالة والتنمية تركيا إلى مستنقع الاقتتال الداخلي" و"اضطهاد حزب العدالة والتنمية لمعارضيه السياسيين"، هذه الأسطوانات وغيرها ركيكة ولا صحة لها من ناحية واقعية ولكن حزب الشعوب الديمقراطي والأحزاب الأخرى لن تتوانى في ترويج اسم حزب العدالة والتنمية بهذا الشكل، هذه الأحزاب تستخدم هذه التفجيرات الأليمة في مصالحها الحزبية لأنها ليس لديها أهداف وطنية مثل حزب العدالة والتنمية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!