ولاء خضير - خاص ترك برس

يقال في الروايات والقصص التركية القديمة، أن العُرس كان يتم خلال أربعين يوم وليلة، ولكن في منطقة الأناضول العُرس يتم في ثلاثة أيام، وفي أيامنا الحالية أصبح يومين فقط، وفي الغالب هم يومي نهاية الأسبوع في تركيا (السبت والأحد)، ويكون حسب الوضع الاجتماعي والاقتصادي لكل عائلة.

وبما أن تركيا تتميز باتساع مساحتها الجغرافية، فإن تقاليد الزفاف المتبعة فيها تختلف من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وأن الطبيعة الجغرافية المختلفة لتركيا تؤثر في العادات، خاصةً وأن جزءًا منها يقع في آسيا، وجزء آخر يقع في أوروبا.

الطلبة

لا بد أن يقوم العريس بزيارة لبيت العروس ليطلبها من أبيها، ويتم ذلك عندما يذهب العريس مع كبار وفضلاء العائلة، في يوم الأحد أو يوم الخميس، لاعتقادهم بأنها أيام تجلب الطالع الحسن.

ويقوم كبير عائلة الشاب، كالأب أو الجد، بطلب يد الصبية للشاب على سنة الله ورسوله قائلًا: "نريد بنتكم فلانة لابننا فلان بشرع الله وسنة نبيه"، وهذه العبارة بالتركي هي (Allah’ın emri peygamberin kavli ile kızınız ayşeyi oğlumuz emreye istiyoruz)، وبعد الموافقة يتم قراءة الفاتحة بعد ذلك.

وفي تركيا ليس هناك ما هو متعارف عليه في الكثير من البلاد خاصة العربية، وهو ما يعرف بالمهر، أي المعجل والمؤجل، وكل ما يقوم به العريس هو إحضار طقم من الذهب لإلباسه للعروس في يوم الزفاف.

وأحيانا يكون للعروس رأي في ما تطلبه لمهرها، بعضن يطلبن أداء الحج مقابل موافقتهن، وبعضهن أيضا تطالبن العريس بأن يحفظ سورا من القرآن حتى توافقن عليه،حيث أن الطابع الديني الملتزم لدى بعض الأتراك ينعكس في مثل هذه الأمور.

الخطبة

يقوم العريس بتلبيس خاتم الخطوبة في نفس يوم قراءة الفاتحة، أو في يوم آخر يتفق عليه الطرفان، حيث  يعاود أهل العريس زيارة بيت العروس، ويحضرون معهم باقة ورد، وشوكولا، للاتفاق على تفاصيل يوم الخطبة.

ومن العادات الفكاهية التي تتميز بها الطُلبة لدى الأتراك، أنه عندما تقوم العروس بتقديم القهوة للضيوف، تضع في فنجان القهوة المخصص للعريس ملحًا بدلًا من السكر، ويكون الفنجان مغلفًا بشريط أحمر، ويجب عليه أن يحتسي القهوة، وتقبلها دون انزعاج أو استغراب، وتكون بشرة خير للعروس، وبأنه يتقبلها كيفما كانت.

أما خواتم الخطوبة عند الأتراك، وتحديدا مدن الأقاليم التركية، ما زالت لها طابعها المميز والمستمر حتى الآن، فعلى سبيل المثال، يختار العروسين فى معظم الأحيان خواتم زفاف نفس التصميم، ولكن تختلف فى نوع المعدن، إما ذهب أو فضة، والأهم أن الخاتمين لا بد أن يربطا سويا بعد الشراء بشريطة من قماش الساتان الأحمر.

والغرض من ربط الخاتمين سويا هو كنوع من الرباط الأبدي، ويسمح فقط لوالد العروسة أو والدتها بفك هذا الرابط، كنوع من الموافقة والسماح لهذا الرجل بالخطبة من ابنته، وفك قيدها من الجو الأسري التي اعتادت عليه، وتمهيدها للانتقال لبيت الزوجية، وتليها مرحلة تلبيس الشبكة، وتلف أيضا بأشرطة ساتان حمراء.

ليلة الحناء

المراسم التي تُقام في اليوم السابق للعُرس، تُدعى بليلة الحناء، حيث يقوم الطرفان بعمل ليلة خاصة للحناء، وعلى الأغلب تكون من تنظيم أهل العروس.

ويجتمع النساء في بيت العروس، وبعد التسلية، يبدأن بغناء الأغاني الحزينة توديعا للعروس، وحزنا على فراقها.

ويتم إحضار الحناء التي تم بلها بالماء في صينية خاصة، وعليها شمع، و يتم الدوران بها حول العروس، ومن ثم توزع الحناء على الحاضرين، وعندما يحين الوقت لوضع الحناء في يد العروس تغلق العروس يدها ، فتأتي أم العروس، وتضع قطعة ذهب في يدها، فتفتح العروس يدها للحناء، ويتم وضع الحناء للعروس بشكل دائرة في كف اليد، وعلى العقدة الأخيرة من كل إصبع.

وغالبًا ما تقترن الحناء باللون الأحمر، وترتدي الفتاة فستانًا من اللون الأحمر هو يسمى بالتركي (bindallı) أو (yöresel kıyafet)، ثم ترتدى العروس وشاحًا أحمر اللون مزخرفًا ومزينًا فوق ملابسها لتغطية وجهها، حتى يقوم العريس برفع هذا الغطاء عنها.

الزواج (ليلة الزفاف)

اليوم التالي لليلة الحناء، هو يوم أخذ العروس، ويوم العُرس، ويبدأ الفرح في بعض الأحيان منذ ساعات الصباح بالطبل والمزمار.

ويحلق العريس في صباح يوم العُرس، ويأحذ حمامه التركي الشهير، ويتم تحضير العروس كذلك، ثم يجتمع أهل العريس لأجل الذهاب لبيت العروس وأخذها، إذ يقوم عم أو أخ العروس بربط الرباط الأحمر حول خصرها، وهذا أهم شيء فى الزفاف.

وبعد ذلك تودع العروس عائلتها، وقبل أن تخرج من البيت تقوم بالسلام، ومصافحة صديقاتها اللواتي لم يتزوجن بعد، من باب طرح البركة في يدهن على أمل الزواج القريب.

ويقوم أهل العروس بمسك مرآة للعروس عند خروجها من بيت والدها من أجل أن ينور عليها طريقها، ويقوم أهل العريس برمي "الملبّس" أو نقود معدنية أو مكسرات تجلب البركة للبيت.

وفى بعض القرى، والأحياء الشعبية يتراقص شباب القرية فى تجمعات بالقرب من منزل العروسين، ويتم تجهيز الطعام يوم العرس، بواسطة أهل العروسة، وهذا فى القرى فقط.

وفيما يتعلق بالأعراس ذات الطابع الحديث، فقد بدأ الاتجاه حديثًا في تنظيم حفلات الزفاف نهارا وليس ليلا، حيث يتم نقل العروسين بالسيارات المزينة والفارهة.

وفي ختام الاحتفال بمراسم الزفاف، يوضع على العرسان شريط أحمر طويل، وذلك بهدف السماح للمعازيم بتنقيط العريس أو العروس، وذلك بإلصاق الأوراق المالية ـ أو الليرة الذهبية مرفقة بدبوس، وإلصاقها على الشريط إما للعريس أو للعروس.

ويكون عقد القران إما في مقر البلدية، أو فى صالة زفاف راقية، ثم  يفرح العروسان فى صالة فندقية، أو قاعة أفراح مُجهّزة لاستيعاب ضيوفهم وليلتهم المميزة، بالإضافة إلى موائد طعام كبيرة وفخمة ومجهزة، وقائمة طعام بأيدي كبار الطهاة فى الفندق.

كما أن التقاط صور الزفاف، شيء مهم بالنسبة للأتراك، لذا فهم يلتقطون صور فنية جميلة، في أماكن أثرية، أو سياحية تخليدا لذكرى طيبة في نفوسهم.

فنجدهم في بعض الأحيان وعلى سبيل المثال أمام عربات القطار القديمة يلتقطون صورهم التذكارية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!