أوكان مدرس أوغلو - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

لقد أصبحت مهمة النخب السياسية في أعلى مستويات الأهمية والخطورة عندما أصبح الأمر يتعلق بفهم الرسالة السياسية التي تبعثها أخطر وأكبر العمليات الدموية التي تشهدها البلاد، وترتبط هذه العمليات بأقدام خارجية متمثلة بوكالات الاستخبارات المتعددة؛ وتأتي لأسباب وأهداف مختلفة، وما يزيد المهمة تعقيدا هو ما ظهرت عليه هذه الأطراف من حرفية وإتقان لأعمالها وعملياتها، لكن ومهما طال الأمد فان الحقيقة ستظهر في النهاية. وعند التكلم عن المتورطين بهذه الأحداث الدموية يجب أن لا ننسى الأيادي الداخلية التي تساعد وتدير هذه الأفعال الإرهابية.

يكاد يجمع كل الأطراف بان هذه الهجمات كانت قادمة من سوريا وان أكثر من دفع فاتورة الأزمة السورية في دول الجوار هو تركيا وحزب العدالة والتنمية بالتحديد، وبعد أربع سنوات من اندلاع الأزمة نرى أن أنقرة لن تكون أحد أطرافها.

في زيارة أردوغان لليونان عام 2004 التقى هنالك بالأسطورة اليونانية في كرة القدم هاغي؛ وأثناء حوارهما سأل أردوغان هاغي، فقال له: "لماذا توقفت عن لعب كرة القدم؟ استمر باللعب..."، ورد عليه هاغي "لم يعد جسدي قادرا على مواكبة أسلوب لعبي...".

لقد وصلت تركيا إلى حدودها في حملها العسكري والدبلوماسي والإعلامي والجماهيري والتقني فيما يتعلق بقدرتها على التدخل في السياسية السورية، فقد أصبحت تركيا تعيش اليوم تهديد انتشار عدوى العمليات اليها؛ فيهددها ويقول "لا تكوني طرفا في الأزمة السورية وإلا فُتحت عليك أبواب العمليات لتجعل من أنقرة هدفها التالي".

يحاول كل من محور أمريكا وإنجلترا ومحور إيران وروسيا أبعاد تركيا عن مسرح الحدث وإفقادها فعاليتها بعدما أنتجوا داعش وكبّروه ليساعدهم في إعادة إنتاج شرق أوسط جديد، وأنتجوا بعدها حالة "عدم استقرار تحت السيطرة" في تركيا عن طريق استخدام داعش وحزب العمال الكردستاني، فبعدما حصل حزب الشعوب الديمقراطية على نسبة 13% في الانتخابات الأخيرة والتي تمثل 80 مقعدا في البرلمان؛ حصلت التحركات المشبوهة التي يتم إدارتها من جبل قنديل لتعيد الكلمة والمشهد للسلاح عبر الإرهاب والأحداث الدموية الأخيرة وما سبقها؛ وفي نفس الوقت نرها تعلن عن عزمها في وقف إطلاق النار من طرفها! وبينما هي تقوم بلعبة الدخول والخروج من المعركة كان فرعها السوري يقوم بتكثيف تواجده وتعزيزه على الحدود السورية التركية.

من خلال كل هذه الحقائق والحسابات السياسية المعقدة فان الحزب سيسعى إلى الحفاظ على مكتسبات السياسية التي حققها في الانتخابات السابقة؛ ليعيد الكرة مرة أخرى في انتخابات 1 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، وسيسعون في ذلك عبر قوة الصناديق باستراتيجيات داخلية مثل التقليل من شرعية الانتخابات والطعن بها، او استراتيجيات خارجية عبر التسويق لفشل حزب العدالة والتنمية، ولان مشروع رئيس الجمهورية هو المفتاح؛ فان الأضواء ستعود ليتم تسليطها على الرئيس أردوغان عبر تضخيم المشاكل وربطها بسياسته من أجل دفع التأييد الشعب عنه ومن ثم عزله.

عن الكاتب

أوكان مدرس أوغلو

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس