ولاء خضير - خاص ترك برس

تُوصف جزيرة شمال قبرص التركية بأنها، "قطعة من أوروبا فى جاذبيتها وجمالها، ولكن ذات هوية مسلمة"، ويعرفها العالم على أنها جزيرة معزولة وسط البحر المتوسط، إنها جمهورية شمال قبرص التركية، التى تسبب نزاعها مع جارتها قبرص اليونانية على الجانب الآخر، فى وضعها خلف قضبان العزلة الدولية، المفروضة عليها منذ 40 عاما.

ورغم كل المحاولات التي تسعى إليها تركيا لتوحيد هذه الجزيرة، إلا أنها جميعها باءت بالفشل حتى هذا اليوم، بيد أن محاولات توحيدها باقية، وبهذا صرح رئيس الوزراء التركي داود أوغلو، "نصرح أمام العالم بأن تركيا وقبرص التحمتا، بحيث أنهما لن تنفصلان عن بعضهما أبدًا".

النزاع

استقلت قبرص عن بريطانيا التي سيطرت عليها، وأعلنتها مستعمرة ملكية، في عام 1960، وكان هناك توافق وتناوب على السلطة بين القبارصة اليونانيين، والقبارصة الأتراك، إلا أنه في عام 1974 قامت قادة عناصر من القبرصيين اليونان بانقلاب عسكري، بدعم من بعض السياسين المعارضيين، وحاولوا ضم الجزيرة كاملة لليونان.

وأثر هذه الانقلاب، وما أعقبه من أزمة حادة في العلاقات بين المحتمعين اليونانية والتركية، جاء التدخل العسكري التركي لقبرص، وقام باحتلال الجزء الشمالي منها، وتم الإعلان عن إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية فعليا في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1983.

ورغم إعلان استقلالها، إلا أن شمال قبرص تعتبر منطقة متنازع عليها تبعا لهويتها، وانقسامها بين تركيا واليونان، وما زال يدور بها صراع سياسي بين أحقية الاعتراف بين شقي هذه الجزيرة، وهي قبرص اليونانية المعترف بها، وهي عضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقبرص التركية المستقلة، ولكن غير معترف بها سوى من تركيا.

الموقع

جمهورية شمال قبرص التركية، هي جزيرة جميلة صغيرة تقع شمال شرقي البحر الأبيض المتوسط، على مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وهي ثالث أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، من حيث المساحة بعد  جزيرتي صقلية وساردينيا.

وهي مقامة على 35% من بقية مساحة الجزيرة، وعاصمتها "ليفكوشه"، ويفصلها عن الشاطئ الجنوبي التركي 75 كلم.

الأهمية

كانت جزيرة قبرص عبر التاريخ مكان التقاء الحضارات والثقافات، وحيث أن أغلب تاريخها يعود إلى الدولة العثمانية التي حولت الكثير من الكنائس والأديرة التاريخية إلى مساجد، والتي أصبحت بدورها تاريخية أيضا. وهي غنية في التراث التاريخي، والأثري مما يشهده  قدم وتنوع تاريخيا.

وليس هناك شك في أنها أكثر الجزر شهرة، سواء بالنسبة لثراء الطبيعة فيها، أم جمالها الذي لا مثيل له، وموقعها الجغرافي المتوسط الواصل بين القارات.

السكان

يشكل القبارصة الأتراك نسبتهم ما يقارب 25%، وأما القبارصة اليونانيين نسبتهم 70%، أما بقية الأعراق المتبقية فتشكل 5%.

ويبلغ عدد سكانها ما يقارب 210000 نسمة، والقبارصة الأتراك هم مسلمون سنة، ويتكلمون اللغة التركية، أما القبارصة اليونانيون مسيحيون ينتمون إلى الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، ويتكلمون اليونانية، وتعد اللغة الإنجليزية هي اللغة الثانية لكل منهما.

الطبيعة

تمتد أراضي الجمهورية على مساحة 3،335 كم مربعا، أي ثلث من مساحة جزيرة قبرص تقريبا. وتضم جزيرة شمال قبرص مواقع جبلية رائعة، وغابات وسواحل وشواطئ خلابة.

ومن أهم الأماكن السياحية في قبرص الشمالية:

* لفكوشا، وهي العاصمة نيقوسيا.

* غرنه، وهي المدينة الساحلية الأهم سياحيا.

* فاماغوستا، وهي مدينة حدودية مع الطرف اليوناني.

* اسكله.

* جوزال يورت.

وتحيط بشمال قبرص سلسلة مرتفعات جبلية، الجزء الجنوبي من هذه المرتفعات هو أكثرها ارتفاعًا ما يعرف باِسم مرتفعات "كيرينيا"، أما قسمها الشرقي الذي يتسم بالضيق في معظم أجزائه فيُعرف باسم مرتفعات "كارباس".

اللغة

ينص الدستور القبرصي على أن اللغات الرسمية هي اليونانية والتركية، على الرغم من ذلك فإن اللغة الإنكليزية واسعة الانتشار، وهي  لغة التعليم في معظم مناهج مؤسسات التعليم العالي الخاصة.

التعليم

تشكل قبرص مركزا إقليميا ودوليا جذابا للتعليم المميز، والبحوث، والعلوم، والدارسات العلمية، بفضل مناخها المتوسط، ووقوعها على مفترق طريق ثلاث قارات (آسيا، وأوروبا، وأفريقيا)، ولديها بنية تحتية متينة.

ويتوفر بها التعليم الأكاديمي العالي، والتعليم المهني، ضمن الجامعات الخاصة، والعامة، والتي تقدم أفضل البرامج الدراسية، ويتبع بها نظام التعليم سياسات وتوجيهات الاتحاد الأوروبي.

وكما يضم  مجال التدريس بها أكاديميين وباحثين ذو كفاءات عالية، سواء في مرحلة شهادة البكالوريوس، أو في مرحلة الشهادات العليا، وكذلك في مجال البحوث العلمية، لذلك يقدم إليها طلاب من مختلف الجنسيات بهدف الدراسة بها لتميزها، وانخفاض أقساط دراستها بمقارنة بجوارها، واحتوائها على مجتمع طلابي دولي نشط في كافة التخصصات.

عزلة مفروضة

إن أوجه العزلة التى يفرضها المجتمع الدولي والأوروبي على قبرص التركية، متعددة وشاملة كافة أنواع العلاقات الدولية بين دولة شمال قبرص، وأي وجهة عالمية أخرى تقريبا.

حيث أنه لا يوجد طيران مباشر من وإلى شمال قبرص، يأتي من أي دولة سوى تركيا، حتى أن دولة أذربيجان حين وافقت على إرسال طائرات مباشرة إلى قبرص التركية، لم تجد من مسؤولي الشطر اليوناني سوى تهديد بإلغاء رحلاتها لأوروبا كلها.

محاولة إعادة الوحدة

ويلتقي زعيما شطري الجزيرة في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة، في جو إيجابي يتجه نحو البحث عن نتائج، وهما رئيس جمهورية شمال قبرص التركية، مصطفى أقينجي، ورئيس جمهورية قبرص اليونانية، نيكوس أناستاسياديس، ويأملان اليوم خيرًا بالمفاوضات الحالية لحل القضية القبرصية.

وبهذا الصدد، كشف وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، أن بريطانيا مستعدة لإعادة جزء كبير من الأراضي القبرصية التي تقيم عليها قواعد عسكرية بريطانية، في حال إبرام اتفاق سلام، بين القبارصة اليونانيين والأتراك.

وبالنظر إلى السكان القبارصة، فهم يعون جيدا المخاطر، والتكلفة المحتملة، التي قد تنجم عن عدم التوصل إلى حل في الجزيرة، حيث أنهم تعبوا من بقاء قضية جزيرتهم بلا حل، وباتوا يعرفون أن اقتصاد الجزيرة سيصبح أفضل، وأن الجزيرة ستصبح ذات قدرة أكبر على التعامل مع الأزمات، في حال حققت الجزيرة وحدتها المأمولة في أقرب وقت.

وهو ما أكد عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أعرب عن أمله في أن تسهم المياه التي ستُنقل من بر الأناضول التركي، إلى شمال قبرص، عبر مشروع نقل المياه بين البلدين، في دفع عملية السلام في الجزيرة المقسمة، قائلا " فليأخذ أمل السلام نصيبه من تلك المياه القادمة من الأناضول، كما ستأخذ أراضي قبرص نصيبها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!