جلال سلمي - خاص ترك برس

بعد الانقلاب العسكري الدموي الذي حدث في تركيا بتاريخ 12 أيلول/ سبتمبر 1980 قرر قادة الجيش المُدبرين للانقلاب إغلاق جميع الأحزاب السياسية التي كانت قائمة قبل تاريخ الانقلاب بهدف تأسيس أحزاب جديدة ذات إيدولوجية جديدة غير متعصبة وغير منوطة بأي إيدولوجية خاصة بالقطبين اللذين كانا يحكمان العالم في ذلك الوقت.

كتب قادة الجيش ومستشاروهم الدستور التركي الجديد عام 1982، وفي ربيع 1983 بدأت الأحزاب السياسية الجديدة تطفو على الساحة وظهرت في ذلك الوقت ثلاثة أحزاب هي؛ حزب الديمقراطية القومي بزعامة تورغوت سون ألب ومن ثم أولكو سويلاماز أوغلو والحزب الشعبي بقيادة نجدت جالب ومن ثم أيدين جوفان جوركان وحزب الوطن الأم بزعامة تورغوت أوزال رجل الانفتاح التركي.

ويمكن سرد المبادئ العامة الخاصة بحزب الوطن الأم بالشكل التالي:

ـ حزب محافظ وليبرالي وديمقراطي واشتراكي حاضن لجميع أطياف وفئات المجتمع التركي.

ـ حزب مُتبني لفكرة الانفتاح الاقتصادي الليبرالي الذي يدعم عملية التبادل التجاري ويشجع الاستثمار الأجنبي ويحفز عملية الخصخصة وتنشيط القطاع الخاص.

ـ حزب يحترم الدستور التركي ومبادئه.

ـ تأسيس تركيا المُكتفية ذاتيًا دون التبعية لأيٍ من القطبين العظميين في العالم.

ـ الامتثال لمبدأ تنويع العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع جميع الدول دون استثناء.

جرت أول انتخابات ديمقراطية بعد الانقلاب العسكري بتاريخ 20 أيار/ مايو 1983 وحاز حزب الوطن الأم على الصدارة بنسبة 45,14 % وبذلك بدأ عهد حكم حزب الوطن الأم الذي ارتبطت فترة حكمه بالانفتاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بفضل الخبير الاقتصادي زعيم الحزب ورئيس الوزراء فيما بعد تورغوت أوزال.

وبعد حكم الوطن الأم لتركيا في السنوات الأربع الأولى من حكمه حيث الازدهار والانفتاح الاقتصادي، جرت الانتخابات البرلمانية الجديدة بتاريخ 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1987 ولكن في هذه الانتخابات استطاع حزب الوطن الأم الحصول على نسبة 36,31 % فقط، ويعود السبب في ذلك إلى رجوع بعض القادة السياسيين السابقين إلى أنقرة بعد نفيهم إلى إسطنبول ودعمهم من بعيد للأحزاب السياسية الجديدة التي تأسست بدعم معنوي منهم مثل دعم سليمان داميرال لتأسيس حزب الطريق القويم بقيادة أحمد تونا عام 1985 ودعم بولنت أجاويد للحزب اليساري الديمقراطي الذي تأسس من قبل زوجته رهشان أجاويد ولكن استطاع حزب الوطن الأم أن يتصدى الصدارة في الانتخابات واستطاع تأسيس حكومة بمفرده بعد انضمام حزب الديمقراطية الحر وريث حزب الديمقراطية القومي له.

بعد انتخابات 1987 انتهت فترة رئاسة كنعان إيفرين فقرر تورغوت أوزال ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية وبتاريخ 31 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989 تم انتخابه من قبل البرلمان كرئيس للجمهورية، وبعد تنحي أوزال عن زعامة الحزب وتوليه رئاسة الجمهورية بدأت الخلافات المتعلقة بزعامة الحزب تطفو على السطح وقُرر استلام يلديريم أق بولت لزعامة الحزب ولكن الخلافات لم تهدأ بل زادت حدة وشدة.

وفي يونيو 1991 تم عقد انتخابات لأعضاء الحزب لانتخاب زعيم جديد وترشح مسعود ييلماز ويلديريم أق بولوت وحسن غوزال ومحمد كيتشيجيلار تم دعم مسعود ييلماز من قبل ليبرالي الحزب وأنصار أق بولوت وخسر منافسيه وأصبح زعيمًا للحزب ثم رئيس وزراء تركيا وفور توليه لرئاسة الوزراء اتخذ قرار الانتخابات المُبكرة.

دخل حزب الوطن الأم أول انتخابات برلمانية عُقدت بتاريخ 20 نوفمبر 1991 بزعامة مسعود يلماز وانخفضت أصواته إلى 24% وبذلك أصبح حزب الوطن الأم حزب معارض بعد قيادته تركيا لمدة 8 سنوات واستمرت أصوات حزب الوطن الأم في الانخفاض إلى عام 2002 حيث لم يدخل البرلمان إطلاقًا وبتاريخ 31 نوفمبر 2009 تم إغلاقه بشكل رسمي.

ويعزو الكثير من الباحثين السياسيين سبب فشل حزب الوطن الأم في قيادة تركيا إلى الخلافات الجسيمة التي حدثت بين قيادته ودعم أوزال رئيس الجمهورية الذي كان يجب أن يتمتع بالموضوعية والابتعاد عن هذه الخلافات مرشحًا عن الأخر الأمر الذي تسبب في فقد الثقة لدى الشعب التركي تجاه الحزب وقيادته.

ـ النجاحات التي استطاع حزب الوطن الأم تحقيقها خلال فترة حكمه:

ـ نقل نظام الحكم بشكل تدريجي إلى الجهاز المدني من خلال دعم تولي محافظين مدنيين إدارة المناطق والمحافظات وخاصة بعد دعم تورجوت أوزال لأول محافظ مدني يتولى محافظة منطقة كارتال بتاريخ 16 آب/ أغسطس 1991 وغيرها الكثير من الإجراءات التي من خلالها تم تجريد الجهاز العسكري من المقامات الإدارية التابعة للدولة.

ـ تبني نظام "السوق الحر" والذي يدعم عمليات التبادل التجارية مابين تركيا والدول الأخرى ويدعم عمليات المشاريع الريادية الخاصة وعمليات الخصخصة والانتقال من البورصة الثابتة إلى البورصة المتموجة والتي تعتمد على أرقام وإحصاءات الاستثمار والصادرات والورادت وتكون مُقنعة للمستثمر المحلي والأجنبي بشكل أكبر وأيضًا تشجيع الاستثمار الأجنبي بوسائل شتى وبالتالي تحقيق انفتاح اقتصادي يعود على الدولة والمواطن بمردود ربحي ملحوظ وهذا ماحدث بالفعل بعد أن أصبح نصيب الفرد من الدخل 1636 بعدما كان 502 دولار.

ـ تنويع العلاقات السياسية التركية مع عدد كبير من الدول ومن القطبين الغرب والشرقي وبشكل خاص الدول العربية التي كانت الأنظمة السابقة الحاكمة في تركيا تتجنب تطوير العلاقات السياسية معها.

ـ تطوير العلاقات السياسية مع الدول العربية فتح أفق أخرى لتطوير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فتم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الطرفين تشمل تطوير التجارة والحركة السياحية تبادل الطلاب وبناء مراكز الأبحاث الثقافية المُتبادلة الأمر الذي جعل هناك انفتاح اقتصادي وسياسي وثقافي.

-----------------------

المراجع:

http://www.kalkinma.gov.tr/Pages/60OncesiDonem.aspx

http://www.haberform.com/haber/ozalin-hayati-siyasi-hayati-ozal-turkiyey... 92645.htm

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!