
جلال سلمي - خاص ترك برس
أصبح من المعلوم لجميع المتابعين للتطورات الجارية في المنطقة بأن هناك العديد من خرائط الطرق المستقبلية التي تُرسم من أجل المنطقة والتطورات الجارية فيها، وبما أن هناك العديد من الخرائط تُرسم حسب مصالح كل دولة وكل كيان سياسي له يده الفاعلة في المنطقة فإن هذا يعني بأن جميع هذه الخرائط ستتأهل لخريطة طريقة مستقبلية واحدة ستظهر سماتها وعناصر الرئيسة بعد توضيح كل دولة خريطتها الخاصة بها.
وفي ظل هذه الموجات المتغيرة بشكل دائم في المنطقة تتطرق الباحثة السياسية خديجة كاراهان إلى التطوارات الناتجة عن هذه الموجات المتغيرة بشكل دائم في المنطقة من خلال حصرها وحصر تأثيرها على تركيا وذلك في مقال تقييمي بعنوان "تركيا والخطط المستقبلية الخاصة بالمنطقة" نُشرت بتاريخ 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 في جريدة يني شفق، وتبدأ كاراهان مقالها بالقول؛ "أطلعت الأسبوع الماضي على تقرير منظمة العفو الدولية المعنون باسم "نحن لم نكن نملك مكانًا آخر نذهب إليه" (We had no where else to go).
كان هذا التقرير يتناول المواطنين السوريين الذين أُجبروا على الهجرة وترك بيوتهم في شمال سوريا ونزحوا إلى خيام اللجوء الموجودة في تركيا، وقال هؤلاء المُهَجرون غصبًا في التقرير بأن أحد عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي قال لهم: "إما أن تنضموا إلينا أو تتركون بلداتكم وتذهبوا من هنا، وهددونا بأننا إن لم نترك القرية فسيبلغون جيش الولايات المُتحدة الأمريكية بأننا عناصر من داعش وبالتالي سيأتي الجيش الأمريكي في اليوم التالي لطردنا وهدم بيوتنا، وعندما قلنا إنه ليس لنا مكان آخر للذهاب إليه قالوا لنا اذهبوا إلى جهنم".
وتبين كاراهان بأنه "من خلال هذا التقرير يتضح بأن تركيا بانتظار سيل ضخم من المهجرين العرب والتركمان المطرودين قسرًا من بيوتهم في قرى شمال سوريا نتيجة لخريطة الطريق المدعومة أمريكيًا في سبيل تأسيس دولة كردية مماثلة للدولة الكردية في شمال العراق، هذه الخريطة الأمريكية ستحدث تغيير ديمغرافي في المنطقة ينقلب على وحدة سوريا التاريخية والثقافية والجغرافية وستتكلف تركيا سيل الهجرة الذي سينتج عن ذلك وكما أن هذه الخريطة ستمهد الطريق لاضطراب داخلي بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني المخدوع بهذه الخريطة وأهدافها الانفصالية لفترة طويلة".
وتوضح كاراهان بأن "اتفاق حزبي العمال الكردستاني "الكردي التركي" والاتحاد الديمقراطي "الكردي السوري" يجعل الخطر الجسيم على تركيا أكبر حجمًا وأكثر تأثيرًا لا سيما في ظل الدعم الأمريكي والروسي المشترك لهذين الحزبين، وهذا ما يجعل تركيا أمام تحدٍ على أكثر من جبهة، هذه الجبهات جبهة داعش وجبهة العمال الكردستاني وجبهة الاتحاد الديمقراطي التي تمثل الخطر الاستراتيجي لتركيا لا سيما بعد تزويده لحزب العمال الكردستاني بالدعم اللوجستي والدعم المعنوي الانفصالي".
وتشير كاراهان إلى أن "أي خارطة طريق تُحاك من قبل الولايات المُتحدة الأمريكية وروسيا لا تخدم تركيا إطلاقًا وذلك لأنه لا يمكن لهذه الدول مراعاة مصالح دولة أخرى لا تخدم مصالحها والحقيقة تؤكد بأن هناك اختلاف كبير جدًا بين المصالح التركية القريبة إلى مصالح الثوار السوريين والمصالح الروسية الرامية إلى تثبيت نظام الأسد في سوريا مهما كلف الثمن ومصالح الولايات المُتحدة الأمريكية الهادفة إلى تقسيم سوريا دويلات صغيرة تهدف إلى إضعاف المنطقة وحماية المصالح الإسرائيلية".
إلى جانب كاراهان يؤكد الباحث حسن كاهرامان، في مقال سياسي له "حاجة تركيا إلى الحزم" نُشر بتاريخ 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 في جريدة يني شفق، أن "تركيا اليوم في أمس الحاجة إلى خطط تكتيكية قوية لكي تتمكن من إثبات نفسها كلاعب أساسي ورئيسي في القضية السورية لأنها بالفعل هي المتضرر الأول من أي تحييد يمكن أن يطرأ على الأهداف الأساسية للثورة السورية، ويبدو بأن تركيا بحاجة إلى تضفير جهودها مع الدعوات السعودية والقطرية من أجل التوحد تحت سقف اتفاقي مُوحد من أجل إحداث تغيير إيجابي لصالحهم".
ويرى كهرامان بأنه "إن لم تتمكن تركيا من التدخل العسكري المباشر في القضية السورية، فإن يمكن لها مع الدول القريبة لها من ناحية المصالح المشتركة دعم الثوار السوريين بجدية عالية من أجل مساعدتهم في صد خطط خرائط الطرق الروسية والأمريكية المُنقلبة على المصالح المشتركة لجميع دول الشرق الأوسط بدون استثناء".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!