أردان زنتورك - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

من البداية أقول لكم إن هذا المقال هو بيان تمرد...

شاهدت العيون الباحثة عن النمو الاقتصادي بين ثنايا الدبلوماسية التي يمارسها رئيس الجمهورية منذ 5 سنوات في لقاء قمة ال 20. فهل البحث عن أمل المستقبل ما زال راجحا في الحسابات؟ لا، لأننا نعيش في نظام عالمي ظالم يفرض النزاع والصراع بين الأطراف بشكل مستمر مما يجلب علينا كل أصناف العذاب والويلات. التاريخ الطويل الغني بالتجارب والحكمة من السلاجقة حتى العثمانيين والجمهورية الحديثة يفتح أبوابا تساعد تركيا في مواجهة الإمبريالية وشبيهاتها.

لتوضيح الظلم والفوضى الجارية سأطرح بعض الأمثلة: فبين 7 مليار إنسان يعيش 2.5 مليار في ظروف صحية صعبة للغاية، فهم مثلا لا يجدون حمامات أو حتى مياه نظيفة… بينما في المقابل نجد أن عدد الذين يستخدمون الهاتف الجوال يصل إلى 6 مليار! هذا ما نسميه بالأزمة الاقتصادية اليوم!

حسب التقارير التي تنشرها الأمم المتحدة فإن السمنة هي أكثر المشكل الصحية التي تسبب الكثير من الأمراض، وهي منتشرة بشكل كبير في الدول الغربية الغنية، ولعلاج هذه المشاكل والأمراض يتم صرف مليارات من الدولارات سنويا. بينما في المقابل نرى وحسب التقارير الواردة أيضا من الأمم المتحدة بأن حوالي 800 مليون نسمة مهددين بالموت جوعا، و600 مليون لا يستطيعون الحصول على طعام بشكل منتظم. هل تصح مثل هذه المعادلات الغريبة؟ 1.4 مليار إنسان يعانون من السمنة و1.4 مليار يعنون من الجوع على نفس الأرض! إنها الفوضى...

ألا يجب أن نتكلم عن أولئك النفر الذين فقدوا الأمل في الحياة فالتحفوا أحزمتهم الناسفة واختاروا أماكن مزدحمة بالسكان ليفجروا أنفسهم؟ إن التباين الكبير بين الذين لديهم ما يخسرونه وبين الذين لا يملكون ما يخسرونه يشعل ويوقد نار الحروب الدامية.

تعتبر القوى الإمبريالية نفسها بانها تبحث عن العدالة وحفظ الحقوق، بينما هي توقد للحروب وتسعر لها في بعض المناطق الجغرافية بتزويدها بأحدث الأسلحة المصنعة...

أظهرت أوروبا وجهها الحقيقي عندما تباهت وتبجحت باستضافتها لبضعة آلاف من اللاجئين بينما استضافت تركيا ما يقارب ال2.5 مليون في إطار سياساتها الإنسانية المتبعة. يُظهرون لنا بأنهم ممتنون وراضون ولكنهم في الحقيقة غير ذلك. من الطبيعي أن نكون بهذه الأخلاق بسب اعتقاداتنا التي تتمحور حول "تقاسموا أرزاقكم مع القراء" و"ليس منا من نام وهو شبعان وجاره جائع".

كلنا حزنّا على القتلى الأبرياء في هجمات باريس الأخيرة، لكن المفارقة هنا ما ظهر من تباين في التفاعل والحساسية نحو قتل بضعة فرنسيين و 25 ألف طفل سوري! ففي الوقت الذي نعدّهم "أصدقاءنا اللاجئين" يعتبرونهم "قوى عاملة" وقوات بربرية أسقطت الإمبراطورية الرومانية! بتنا اليوم نعيش بدايات الفاجعة بسبب الإمبريالية والاستعمار وما يصحبهما من جشع وطمع...

عن الكاتب

أردان زنتورك

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس