خلوق شاهين – صحيفة يورت – ترجمة وتحرير ترك برس

كلنا يعلم أن الإنسان يتميز عن باقي المخلوقات بأنه يميل إلى العداء والاقتتال أكثر من غيره.

لقد أثبت العلماء أن هناك أنواع معينة من المخلوقات لا يتجاوز عددها أصابع اليد، تحارب فصيلها بشكل منظم وجماعي. وهذه المخلوقات هي من فصيل النمل.

يقال أن للحروب أوجه تشابه كثيرة. فعلى سبيل المثال هناك نوع من النمل المنتشر في جبال أمريكا الجنوبية المعروفة بغزارة أمطارها. هذا النوع من النمل يستخدم الانتحاريين للقضاء على خصومه. ففي أثناء الحرب يخرج بعض النمل الفدائي فيشدون على عضلاتهم حتى تنفجر ويخرج منها السم الذي يقضي على العدو.

إن الحيوانات والحشرات تمتنع عن القتل إلا في حالات الشعور بالخطر أو في حالات الدفاع عن النفس.

هل يجب علينا أن نفتخر لأننا ننتسب إلى فصيل يميل إلى القتل، أم علينا أن نخجل من هذه الصفة التي تلازمنا منذ وجودنا على المعمورة؟

عندما أنظر إلى الجغرافية المحيطة بنا، أقول أنه يجب علينا أن نخجل لكثرة ما حصل ويحصل من دمار. إن العلاقة بين شعور الميل إلى الاقتتال و العنف الجماعي مع الاديان، يجب أن يعالج بالطرق العلمية.

بشكل عام نستطيع أن نقول أن الاديان جميعا تقف في وجه العنف وتحاول أن تمنع وقوعه في أي مكان. فالاشخاص المتدينون، يستطيعون أن يكبتوا انفسهم وغضبهم أكثر من الذين لا يؤمنون بالدين. وكذلك المجتمعات المتدينة تكون عادة متسامحة.

لكن لو نظرنا إلى التاريخ البشري، نرى عكس ما نقول تماما. كما أننا نلاحظ أن الديانات التي تامر بالكف عن الحروب، هي نفسها تكون سببا لحروب طاحنة. فهذا الامر مستمر منذ العصور الوسطى  حتى يومنا هذا.

فخلال العصور الوسطى كانت المذاهب المسيحية تطحن بعضها البعض. وها نحن نجد هذا الشيئ يتكرر اليوم لكن مع الدين الاسلامي هذه المرة.

على الرغم من اعتناق الناس لنفس الديانة، إلا انك تراهم يقتلون بعضهم لمجرد اختلاف بسيط في تفسير الكتاب المقدس لديهم. حيث أنهم لا يكتفون بقتل الطرف المخالف بل يعتقدون أن بقتله ستفتح لهم أبواب الجنة على مصراعيها.

لا شك أن هذا الوضع لا يريح علماء الدين. وهنا لا أستطيع إلا أن أذكر ما قاله البروفسور الدكتور "محمد كورمز" رئيس الشؤون الدينية في خطبة صلاة عيد الفطر، حيث قال:

"أعلم أن نفوسكم يأسة، قلوبكم مكسورة، فنحن نحتفل بالعيد والمسلمون يقتلون في العراق وسوريا و الشام وفي كركوك. حيث تنفجر القنابل و تزهق الارواح ويقتل المسلم أخاه المسلم. المسلمون يقتُلون ويُقتلون وسط نداءات التكبير فالقاتل والمقتول يتجهان إلى نفس القبلة ويكبرون عندما يقتلون ويقتلون".

لقد اكتشف العلماء أن الميل إلى الحروب والعنف الجماعي هو ميزة خاصة بالبشر. فهذه الميزة موجودة في فطرة الإنسان. وبناء على هذه الميزة جاءت الديانات لتردع بني البشر من الانجرار وراء هذه الغريزة. حيث كانت تعاليم جميع الاديان تهدف إلى نشر التسامح والمحبة بين الناس.

لكن الواقع الذي نعيشه اليوم يختلف كثيرا عن الشعارات التي تنادي بها هذه الاديان. لأن تأويل وتحريف تعاليم الاديان تنتج نتائج عكسية. وهذا ما يحدث الان. فالكثير من قادات الجماعات تؤول تعاليم الدين بما يلائم مصالحها ومصالح جماعتها. وهذا الامر ينطبق على الدين المسيحي المعروف بدين التسامح وعلى الدين الاسلامي المعروف بدين السلام. فقد حل الكره بدل المحبة وجاء العنف وحل مكان السلام.

لننظر إلى دول الجوار من حولنا مثلا. كيف سيتم حل مشكلة تحريف تعاليم الاديان؟

كيف سيكون دور علماء و فلاسفة الدين في هذا الشأن؟

لقد مضى زمن طويل على العصور الوسطى لكن هناك أسئلة كثيرة تطرح حول هذا العصر. هل فعلا مضى أم ما زال مستمرا.  

عن الكاتب

خلوق شاهين

كاتب في صحيفة يورت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس