ترك برس

لُوحظ في الآونة الأخيرة اتجاه التلفزيون التركي نحو تناول عددٍ من أحداث وشخصيات التاريخ العثماني عبر مسلسلات ممولة ومدعومة بشكل قوي من قبل الحكومة التركية.

وفي سياق متصل، يُشير الناقد الفني التركي "عبد الحميد كايهان" إلى أن حكومات تركيا السابقة لم تُعطِ التاريخ العثماني حقه، حيث لم تنتج أيًا من الأفلام والمسلسلات التي ترعى تناول المواقف القوية والشخصيات المشهورة في التاريخ العثماني، ولم تكتفِ بذلك؛ بل غضت طرفها عن إنتاج العديد من الأفلام والمسلسلات التي تشوه سمعة التاريخ العثماني، وتصور السلاطين والأمراء العثمانيين على أنهم سلاطين قصور ونساء، مبينًا أن هذه المسلسلات لا تمت للتاريخ الحقيقي للدولة العثمانية بأية صلة موضوعية، بل تهدف إلى تشويه التاريخ العثماني لترغيب الناس بالجمهورية التركية الحديثة ومؤسسيها على حسابه.

ويُنوه كايهان إلى أن الحكومة التركية اعترضت على مسلسل "القرن العظيم"، ما يعرف عربيًا باسم "حريم السلطان" اعتراضًا شديدًا، ووجه رئيس الوزراء السابق ورئيس الجمهورية التركية الحالي "رجب طيب أردوغان" انتقاداته اللاذعة لمن يقف خلف هذا المسلسل، لما يحتويه من أحداث ومواقف وشواهد مغلوطة، ولكن الحكومة لم تتمكن من إيقاف تصويره، لإصدار محكمة التمييز العليا قرارًا يقضي بإمكانية إكمال عملية التصوير، لعدم رفع القضية من قبل أقرباء السلطان "سليمان القانوني"، مشيرةً بذلك إلى أحفاده.

ويبيّن كايهان، في مقاله الفني "الأمرار العثمانيون والمنفى"، المنشور على موقع "قلب الفن والحضارة" الفني، أن الحكومة التركية أيقنت أنه لا مناص من تمويل ودعم المسلسلات التي تتناول التاريخ العثماني بطريقة صحيحة، لكبح عمليات تشويه التاريخ العثماني الأصيل، فأنتجت، عبر قناة الدولة الرسمية "تي ري تي"، عددًا من المسلسلات التي تتناول الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية للدولة العثمانية، ومن أشهر المسلسلات التي تُعرض بدعم قوي من قبل الحكومة؛ مسلسل "يوسف ماصالي" (أسطورة يوسف) الذي يتناول الجانب الاجتماعي والثقافي للدولة العثمانية، ومسلسل "سعد الله" الذي يتناول الحقبة التاريخية الأخيرة للدولة العثمانية ويتطرق إلى المؤامرات الغربية التي حيكت لتفكيك أواصر الدولة العثمانية، ومسلسل "أطلال الدولة العثمانية" الذي يتناول بعض الشخصيات العثمانية الحقيقية التي اتصفت بالشجاعة، ليعكس بذلك الأصالة التي تميز بها المجتمع العثماني، وليس ما تصوره الأفلام والمسلسلات المشبوهة التي تجعل من الدولة العثمانية دارًا للفساد والرشوة والظلم وغيرها من الأغاليط البعيدة كل البعد عن التاريخ الحقيقي للدولة العثمانية.

وفي إطار سعي الحكومة التركية لإنقاذ إحدى الشخصيات العثمانية التي حاولت الكثير من الجهات المحلية والدولية تشويهها لوقوفها سدًا منيعًا ضد خططهم لتقسيم أجزاء الدولة العثمانية ونشر الانحطاط في أوساطها، دعمت الحكومة تصوير مسلسل "الإمبراطور الأخير عبد الحميد خان" الذي يتناول شخصية السلطان العثماني الرابع والثلاثين "عبد الحميد الثاني"، وفقًا لصحيفة "خبر ترك" التي تطرقت إلى الموضوع من خلال تقريرها المدرج تحت عنوان "12 مليون دولار لإعادة التاريخ الحقيقي لشخصية عبد الحميد الثاني".

وأوردت الصحيفة أن هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية وجدت أن شخصية السلطان عبد الحميد الثاني من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولاحظت أن هنالك الكثير من الأمور غير الحقيقية الصادرة عن جهات محلية وأجنبية، تُنسب للسلطان عبد الحميد الثاني زورًا وبهتانًا، لكونه عارض بشدة الأفكار القومية وتمسك بالفكر الجامع للأمم كلها على صعيد محلي، وعارض بكل حزم الخطط التوسعية للدول الأوروبية في الشرق.

وأوضحت الصحيفة أن المسلسل سيتناول حياة السلطان عبد الحميد الذي بقي في العرش لمدة 33 عامًا، منذ ميلاده وحتى وفاته، بمشاهدة مختصرة لمراحلها كلها، وسيتم إعداد سيناريو المسلسل من قبل كاتب السيناريو "أرتان كورتولان".

هذا وأشارت الصحيفة إلى أن كلفة المسلسل الكلية قُدرت بـ12 مليون دولار، منوّهةً إلى أن البدء في عملية التصوير سيتم في مطلع حزيران/ يونيو للعام الجاري، وستتم عملية البث عقب الانتهاء من تصوير عددٍ من الحلقات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!