ندرات آرسنال - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

هناك اتجاهان للتغيرات في أولويات السياسة الخارجية الإيرانية، ففي الشرق كانت الدفة الإيرانية تميل نحو الهند، وفي الغرب نحو الولايات المتحدة، وروسيا، وسوريا، والآن هي في اتجاه إسلام أباد وأنقرة.

هذا لا يعني التخلي عن الآخرين أو استبعادهم لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن إما أن بعضهم يعيد التموضع وتنظيم العلاقات مع طهران، وإما أن طهران عازمة على إعادة التموضع بسبب التحولات الاستراتيجية.

إن ميول إيران نحو تركيا باكستان حكيمة وفي ذات الاتجاه، ذلك أنها مرتكز لمسالك دولية وليس فقط إقليمية. مرتكزات السياسات الباكستانية الهندية في مجال الأمن القومي واضحة، فإن العداوة التاريخية بين الدول النووية تضطر دولا أخرى أن تكون طرفا إلى حد ما.

غير أن السبب وراء فتور العلاقات الإيرانية الهندية، هي إسرائيل، فنيودلهي تبدو وكأنها وجدت أن إسرائيل أكثر ملائمة لمصالحها الاستراتيجية، كما أنها لم تشأ أن تخالف حرص إسرائيل في حصار إيران. وبالطبع هناك مساهمات أمريكية كذلك.

وبناء عليه، قام الرئيس الإيراني روحاني بزيارة رسمية إلى باكستان في الخامس والعشرين من الشهر الماضي استقبله خلالها رئيس الوزراء شريف. هنا ندمج الصين في المشهد، فإن الزعيم الصيني عندما لم يلمس تقاربا استراتيجيا خلال زيارته التي قام بها في عام 2014 إلى الهند، بادر إلى زيارة باكستان في زيارة مثيرة للاهتمام. إن أهم مخرجات زيارة الرئيس روحاني إلى باكستان هي التوقيع على اتفاقية خط الغاز الطبيعي الإيراني الباكستاني.

خط الطاقة هذا يبدأ من بكين، وهو أحد النقاط المفتاحية/ العصيبة في مسار "طريق الحرير" العملاق، والذي سيمر قسم منه عبر "مرمراي والجسر المعلق الثالث"، وقسم آخر من الأراضي الروسية المتنازع عليها مع القرم وصولا إلى بريطانيا.

على هذا المنوال، هناك نقطتان إضافيتان على المفترق العالمي لمسارات الطاقة، البحار واليابسة. إحداهما ميناء جوادار تحت السيطرة الباكستانية وتشغله الصين، والأخرى ميناء شاباهار الإيراني والذي تقوم الهند بمشروع تطويره. المسافة بينهما 72 كيلومترا فقط.

ميناء شاباهار، يربط أفغانستان كذلك بالبحر. كلاهما مناطق تتبع بلوشستان المضطربة، وكلاهما كذلك تشكل مع خط الغاز "فسيفساء". (قلنا سابقا "سنكتب عن ذلك"، الإنفجار الحاصل في لاهور يوم 27 آذار/ مارس هذا هو، نكون قد أشرنا إلى الفاعل كذلك).

إيران تلعب على الخطوط الشرقية الواصلة إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا الاتحادية. وتحصل على الدعم الأمريكي كذلك.

إن أحد الدوافع الرئيسة لحب طهران المتصاعد لتركيا وباكستان، هو تحقيق التوازن مع المملكة العربية السعودية في الكتلة السنيّة. وكذلك فإن طهران ترى أنقرة وإسلام أباد كوسيلة لكسر العزلة التي تغذّيها السعودية وإسرائيل، ولكن... دعونا نترك "لكن"...

صنع في أنقرة

يرجى الانتباه، فإن باكستان ينظر إليها خليجيًا كونها الركيزة الأساسية في منظومة "الأمن الإسلامي"، دعونا نتذكر تصريحها إبّان اندلاع الحرب في اليمن بأن "أي اعتداء على السعودية يُعد اعتداءً علينا"، كان تحذيرا موجها إلى إيران، برغم أن إسلام أباد لم تقم بأي مساهمة عسكرية فعّالة في اليمن.

ليس معلوما ولا مُعلنا، ولكن تولي قيادة وإدارة التحالف الإسلامي قد عرضت على باكستان من قبل الرياض, مع ضمان تغطية كافة التكاليف على نفقة دول الخليج. ويمكن وصف ما أثارته حالة كهذه في طهران بأنه "مشاعر من الذعر".

الآن ما الذي تقوم/ ستقوم به باكستان؟ إنها تقوم على إعادة التوازن في علاقاتها مع السعودية وإيران, فهي تولي أهمية لعلاقاتها الاقتصادية مع السعودية ولا ترغب بفقدانها، غير أن عودة إيران إلى اللعبة يجب أن لا تفسد الاستقرار الإقليمي والدولي.

حسنٌ، ما الدور التركي هنا؟ كلمة "دور" لا تفي بالمراد، دعونا نطلق عليه  ما يشبه "كاتب السيناريو".

قلنا إن "باكستان تقوم على موازنة علاقاتها الإيرانية والسعودية"، تركيا توازن بين السعودية وإيران، من الآن فصاعدا "وتحت إشراف" إسلام أباد وأنقرة، ستعود طهران إلى اللعبة، عذرًا "ستنضم".

إذا كانت باكستان، أو جيشها، أو استخباراتها، وغيرها، لا تستدرج إلى عدم استقرار – بسبب ارتفاع القوة التدميرية لقنابلها، ورد الفعل الذي قامت به قواتها المسلحة عبر استجواب 5000 شخص خلال يومين- ففي إيران تستقر الأمور في أيدي الحرس الثوري الإيراني الممسك بزمام الحكم, والذي اتخذ قرارا بوضع كامل ثقله في الاقتصاد والعلاقات التجارية، لأنهم هم من يديرون الأموال.

التصريحات الأخيرة لرئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني ملفتة جدا حيث قال: "بعض أذرع الدولة تلقي بظلالها على بيئة الأعمال الإيرانية، إن تدخلهم في الحكومة يضر بالاقتصاد" ("يقول لاريجاني إنه يجب فسح المجال أمام الشعب في الاقتصاد"، 26 آذار/ مارس، إيران).

اللقاءات السرية بين الاستخبارات الأمريكية والاستخبارات التركية، والأمريكية والروسية قنطرة العملاء

إن كان لا أحد يعلم ما هي الخطط التي ترسم، والمكائد التي تحاك من أجل أي توازن، أو مصلحة في المنطقة، وإذا أغفلنا كيف جرت أحداث وأعمال ملتوية مماثلة للتي قرأتم في كوبا أو في البحر المتوسط، على سبيل المثال، فإننا لا نستطيع أن نفهم الاعتقالات التي تمت في إزمير بينما كان الوفد التركي يدخل ويخرج في اجتماعات رمادية في واشنطن، في أثناء استضافة الضيوف الروس.

أو لماذا تمت إعادة غرس النصب التذكاري "أيستيفانوس" من جديد في إسطنبول!

وأما نحن، فمع أي الأغلال العالقة في أقدامنا يتوجب علينا أن نتعامل... القناصل والسفراء الذاهبين إلى المحكمة، أعضاء البرلمان الذين تولوا أخبار شاحنات الاستخبارات، أم المنظمات التي ما زالت تتمتع بحماية الولايات المتحدة الأمريكية كحزب الاتحاد الديمقراطي (بي يي دي) والكيان الموازي، وغيرها.

حتى لا ترفعوا رؤوسكم

أين كتّاب الأعمدة الذين يجب أن يقولوا "ارفعوا رؤوسكم"؟ يلمّعون أصفادهم.

العنوان الفرعي الذي في الأعلى، هو عنوان مقالتي القادمة، أعلن ذلك متعمدا لكتّاب الأعمدة ذوي العلاقة في الصحف المنافسة.

إن الممارسات المنظمة التي تؤسس حاليًا في المنطقة، كانت على تلك الطاولات، أكثر منه لا يمكن أن يكون، تفضلوا اكتبوا ودعونا نرى، بدأت المهلة...