محمد حسن القدّو - خاص ترك برس

توصف العلاقات التركية السعودية من قبل أغلب المراقبين الدوليين والسياسيين المتابعين للتطورات السياسية في المنطقة بـ "العلاقات الحتمية والمصيرية" ويذهب البعض الآخر إلى وصفها بـ "المقدسة".

يرجع  سبب وصفها بالعلاقات المصيرية والمقدسة حسب رأي المحللين السياسيين ألى أن الجانبين التركي والسعودي يدركان الأهمية الإستراتيجية لدولتيهما في المنطقة، فالزعامة التركية والأتراك يدركون  أن السعودية كانت ولم تزل بمثابة الكونغرس العربي والإسلامي، والذي باستطاعته أن يدير ويشرف على النشاطات السياسية والمصيرية الإستراتيجية في العالمين العربي والاسلامي.

وهذا الدور السعودي وكما نوهنا إليه هو دور أساسي تقوم به المملكة العربية السعودية والذي أصبح أكثر تأثيرا وأكبر حجما ودورا في السنيين الأخيرة بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم.

وعلى المسار نفسه  تدرك السعودية أن تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية قد استعادت دورها المركزي في المنطقة، وأن قيادة الرئيس أردوغان هي من استعادت  لتركيا دورها المركزي الحقيقي كسابق عهدها.

إن الإدراك والفهم الحقيقي لإمكانات البلدين من قبل القيادتين التركية والسعودية، والرغبة الحقيقية للدولتين في تادية دور مهم يصب لصالح المنطقة من أجل حل مشاكلها كلها، من خلال عملهما المشترك والمخلص، إضافة إلى وجود رؤيا واضحة ومتطابقة لكلا الطرفين فيما يخص مجمل مشاكل وحوادث المنطقة، هو الذي يمهد لأن تكون العلاقات مصيرية، بل ومقدسة إن صح التعبير.

وبنظرة سريعة إلى "كرنولوجيا" العلاقات التركية السعودية بعد بداية أول لقاء للقيادتين وللوقت الحالي باستثناء الخلاف في موقف البلدين من الانقلاب المصري العسكري، نرى أن كل لقاء تم بين مسؤولي البلدين سواء على المستوى الوزاري أم على مستوى لقاءات القمة الثنائية المتبادلة، كانت عبارة توقيتات متصلة لا تفصلها فواصل زمنية كبيرة،  بل إن بعضها عبارة عن زيارات فجائية غير مرتقبة، مما يعكس معنى التنسيق الشامل لمواقف البلدين من مجمل القضايا المصيرية.

ونحن هنا لا نتحدث عن العلاقات الاقتصادية أو التجارية الثنائية بين البلدين، والتي تحكمها المصالح المشتركة، والتي تعود بالمنفعة على الطرفين، فهذه ليست جل اهتمام القيادتين بقدر اهتمامهما بالأوضاع الصعبة والمصيرية التي تمر بها المنطقة بشكل عام، وهي في الوقت نفسه المنتظر من السعودية وتركيا من قبل دول المنطقة لإدراكها أن الدولتين باستطاعتهما أن تغيرا من الواقع السياسي للمنطقة من خلال تنسيقهما المشترك ورؤيتهما الموحدة، لأن المنتظر من الدولتين عبر هذه العلاقات الأخوية هي تأسيس دعائم للاستقرار السياسي في المنطقة برمتها.

وبقدر ما نتحدث عن العلاقات المترابطة الحميمية بين دول المنطقة يبقى الأمل معقودا على المساعي السعودية المخلصة لراب الصدع في العلاقات التركية المصرية، وخصوصا أن زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى تركيا قد سبقتها زيارة تاريخية إلى مصر، لذا فلابد أن تكون المباحثات السعودية المصرية قد تناولت العلاقات المصرية التركية بشيء من التفصيل والأولويات، على اعتبار أن زيارة العاهل السعودي إلى مصر تعقبها زيارة الى تركيا.

إن أنقرة تدرك تماما أن لمصر أيضا دورا مركزيا في المنطقة، وعلى هذا الأساس أسست العلاقات المصرية التركية الإستراتيجية الأخوية قبل الانقلاب العسكري المصري، وفي الوقت نفسه تدرك تماما أن قطع العلاقات الثنائية بين البلدين سيضر بمصالح البلدين والشعبين وكما هي الحال بالنسبة إلى المنطقة فالتنسيق الإستراتيجي بين تركيا ومصر إضافة إلى السعودية وقطر قد يؤمن جزءا كبيرا من عوامل الاستقرار في المنطقة .

وتدرك الدول العربية جميعها والأجنبية أن السعودية لوحدها هي من تملك المفتاح السحري في عودة العلاقات التركية المصرية، وأن خادم الحرمين الشريفين يدرك تماما أنه فقط من يستطيع أن يؤثر التأثير الأخوي على قيادة البلدين من أجل عودة علاقاتهما إلى وضعها الطبيعي كسابق عهدها .

إن عودة العلاقات التركية المصرية هي ضرورية للشعبين وللمنطقة والعالم الإسلامي، وخصوصا أن انعقاد القمة الإسلامية يبدأ بعد يومين في تركيا، ومصر التي كانت رئيسة القمة السابقة لابد من أن تسلم الرئاسة إلى تركيا .

هل أحضر الملك سلمان بن عبد العزيز المفتاح السحري الذي يفتح عصرا جديدا في العلاقات التركية المصرية ؟ هذا هو السؤال.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس