أوزجان تيكيت - صحيفة خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس

التصريحات التي أطلقها بابا الفاتيكان في زيارته إلى لسبوس (مدللي)، كانت في مجملها سياسية بحتة، برغم أنه أعلن بأنّ زيارته إلى الجزيرة اليونانية تعتبر في إطار "السياحة الدينية"، وقد كان يُدرك تماما الهدف الذي يريد إصابته بكل حجر ألقاه هناك.

ولا شك أنّ الهدف الأول الذي أراد تحقيقه زعيم الكاثوليك، هو مقابلة اللاجئين من أجل التأكيد على القيم الدينية والإنسانية التي يُفضل زعماء أوروبا نسيانها، ولذلك قال البابا: "اللاجئون ليسوا مجرد أرقام، وإنما هم بشر، ولكل شخص منهم اسم مختلف، ووجه مختلف، وله قصة مختلفة"، وهو يدعو بذلك أوروبا إلى العودة إلى المعايير الإنسانية، وهو ضرب بذلك الاتفاق المتوقع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا حول أعداد اللاجئين المسموح بمرورهم من اليونان إلى أوروبا، والأعداد التي يتوجب عودتهم إلى تركيا، والهدف من هذا التصريح هو مخاطبة ضمير الاتحاد الأوروبي.

أما الحجر الثاني الذي رماه زعيم الكاثوليك، كان صوب هدف أثقل من الأول، فقد وجه الرسالة إلى زعماء العالم الإسلامي الذين اجتمعوا في إسطنبول دون الخروج بحلول حقيقية وفاعلة للأزمة السورية وأزمة اللاجئين، حيث اصطحب البابا معه إلى الفاتيكان 12 لاجئا، وهؤلاء ال12 كانوا جميعا لاجئين سوريين مسلمين، وهؤلاء كانوا مختارين بعناية من البابا نفسه قبل أنْ يصل إلى مدللي.

ربما يكون البابا بذلك سعى إلى التأثير على زعماء العالم الإسلامي الذين يتحدثون عن اللاجئين، وعند الحديث عن استقبال المسلمين من سوريا، لا يفتح أحد أبواب دولهم الإسلامية لهم، لكنني مع ذلك اعتقد أنّ هناك مشكلة في هذه النقطة، وهي أنّ عدد الزعماء المسلمين الذين من الممكن أنْ يتأثروا بهذا الحجر الذي ألقاه البابا قليل جدا، فلو كان هناك دولا إسلامية كتركيا تُدرك مثل هذه المعاني، لما احتاجت في الأساس لمثل هذه التحذيرات والرسائل من بابا الفاتيكان.

تركيا هي الدولة الوحيدة التي لم تتعرض لاي انتقادات حول تعاملها مع قضية اللاجئين، فماذا عن الدول الغنية والتي تحارب الأسد وفي نفس الوقت لا تقدم أي شيء للاجئين؟ هل لديهم كلمة يقولونها للاجئين الذين أجبروا على ترك ديارهم، وجاء البابا لاستقبالهم في الفاتيكان؟

لنتجاوز قليلا زعماء الدول الإسلامية، فماذا عن منظمة التعاون الإسلامي التي تمثل 1 مليار و700 مليون مسلم؟ كم ملياردير يعيش وسط هذا المجتمع؟ وخصوصا في دول الخليج؟ وكم منهم يقدم زكاة أموالهم المفروضة عليهم كونهم مسلمين؟ ألا تكفي زكاة أموال هؤلاء لتغطية حاجات ملايين من اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل؟

وانطلاقا من ذلك، دعونا نأتي الآن إلى السؤال المُر:

ماذا لو اتخذ أصحاب المليارات من الخليج قرارا بإيداع زكاتهم السنوية لدى منظمة التعاون الإسلامي من أجل أنْ تغطي حاجة اللاجئين السوريين؟ وماذا لو تُصرف هذه الأموال من أجل فتح مصانع وشركات لتشغيل اللاجئين في الدول التي يتواجدون فيها؟ هل سيضطر السوريون للمخاطرة بحياتهم واللجوء نحو أوروبا؟ هل كان البابا سيجد لحجارته التي يلقيها علينا أهدافا ليصيبها؟

عن الكاتب

أوزجان تيكيت

كاتب في صحيفة خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس