بولنت إرانداتش – صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

انتهى القرن العشرين ونحن الآن في القران الحادي والعشرين وجها لوجه مع عالم جديد ومع تركيا جديدة... في ضوء النقاشات الأخيرة هناك نقطتين أحببت أن ألفت أنظار جمهورنا الكريم لها.

أولا: أول دستور للجمهورية التركية عام 1921 كان ينص على أن الإسلام هو دين الجمهورية التركية. دستور عام 1924م ينص كذلك على أن الاسلام هو دين الجمهورية التركية لكن في دستور عام 1928م وبعد تعديلات دستورية تم حذف هذه المادة من الدستور. في دستور عام 1937م تم إضافة مادة تنص على علمانية الجمهورية التركية. متى حدث ذلك؟ عندما كان مصطفى كمال أتاتورك طريح الفراش. من الذي فعلها؟ تقدم عصمت إينونو ومعه 120 من أصحابه بمقترح لمجلس الشعب تم قبوله وتطبيقه.

ثانيا: لقد أصبح رجب طيب أردوغان رئيسا للاتحاد الإسلامي عقب قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في إسطنبول بمشاركة 56 دولة إسلامية. هذه القمة التي تمخضت عن قرارات كثيرة لعل أهمها المادة الرابعة ألا وهي: "يدعو المؤتمر الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لأن تشارك وتدعم التقارب الإسلامي وتؤيد وتساند وتتخذ القرارات التي من شأنها تحويل المنظمة إلى منبر سياسي يمثل الأمة الإسلامية جمعاء". تركيا في هذه المنظمة هي الدولة الأكبر والقائد الطبيعي والأخت الكبرى ولهذا السبب إن بث روح الحياة في المنظمة وتقويتها يقع على عاتق تركيا.

من قائد مناطقي إلى قائد منظمة عالمية. كنت قد تحدثت مع متين كولونك نائب حزب العدالة والتنمية عن ولاية إسطنبول وناقشت مع سعادة النائب النظام الرئاسي والدستور الجديد. سعادة النائب صرح في هذا الخصوص بإجابة غير معتادة إذ قال: "لو عايش مصطفى كمال تركيا عام 1946م لسعى لتحويل النظام إلى نظام رئاسي". فلو كتب لتركيا أن تنتقل عام 1946م للنظام الرئاسي بدلًا من التعددية الحزبية لكان عدد الحكومات المشكلة منذ ذلك الحين إلى اليوم لا يتجاوز الخمسة عشر حكومة. 15 حكومة قادرة على تحقيق استقرار يختلف بكل تأكيد عن الوضع الذي خلفه تناوب 64 حكومة على كرسي الجمهورية.

النائب كولونك تحدث كذلك عن دستور عام 1961م  ودستور عام 1982م. وأضاف النائب قائلا: "قبل عام 2002م وتسلم أردوغان للسلطة كانت السيطرة على تركيا تتم من خلال ثلاث خطوط عريضة وضعها وضمنها العقل المدبر الذي تسلم كرسي الجمهورية في الثلاثينيات، هذه الأمور الثلاث هي: أولا، عدم الاستقرار الاقتصادي. ثانيا، عدم الاستقرار السياسي. ثالثا، الانقلابات. عودوا إلى الوراء وانظروا بأي دواعٍ تمت الانقلابات وما السبب الذي دفع لها. عندما تتأزم الأمور ولا يجدون مخرجًا تراهم يتحدثون عن الرجعية والعلمانية، فالجماعة الحرة تم الزج بها في السجون بداعي العلمانية، وعدنان مندريس تم شنقه كذلك بداعي العلمانية، والانقلاب على نجم الدين أربكان كان كذلك بحجة العلمانية، أما تورغوت أوزال فقد تعرض للاتهامات وقدم للمحاكمة لمجرد الاشتباه بعدم إخلاصه للعلمانية. فحتى عام 2010م كانت محاولات الضغط على حزب العدالة والتنمية تتم من خلال حجة بالعلمانية".

نائب حزب العدالة عن ولاية إسطنبول السيد متين كولونك تابع حديثه الذي يكسر المحرمات القديمة ويختلف عن الكلام المعتاد وقال: "إن القوة التي استندت عليها الجمهورية التركية ليست ما نص عليه دستور الجمهورية لعام 1924م بأنها ملكية الشعب للجمهورية وإنما تسلط البيروقراطية وسيادتها وفهمها ونظرتها للأمور. إن طريقة فهم البيروقراطية الاستبدادية لمعنى السيادة هو ما أنتج العلمانية أولا والبيروقراطية العسكرية ثانيا، استخدامت العلمانية كوسيلة لتجريد المجتمع من دينه وتدينه. وتم تحويل تدين الجمهورية لمسألة وقضية كما تم تحويل إخواننا العلويين والأكراد إلى قضية ومسألة  كذلك، إذ أنه وفي سبيل زرع التفرقة تبنت البيروقراطية المستبدة فكرة أن الأكراد انفصاليون يسعون إلى الخراب".

الدستور الجديد: هناك احتياج حقيقي في تركيا لتغيير النظام. البرلمان البيروقراطي الاستبدادي مثله كمثل حصان طروادة. نموذج النظام النيابي الحالي فيه الكثير من المشكلات صعبة الحل. البرلمان يعني أن تكون الأقوى إذا كنت تملك ائتلافًا، والائتلافات تعني عدم استقرار تركيا.

بالنهاية، تغير الزمن وتبدل العهد ومن يجلس على كرسي أنقرة هو الشعب فالدولة عادت للشعب والجمهورية أصبحت للشعب وأنقرة في قبضة الشعب الآن. لا يأتي كل يوم رجل مثل طيب أردوغان. النظام البرلماني ينتظر دائما رجلًا مجددًا ومنقذًا مثل أردوغان. إذا تم التخلص من ذلك النموذج القديم عندها ستتمكن تركيا من أن تسمو وترتقي لنكون أمام تركيا جديدة وعالم جديد.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس