محمد حسن القدّو - خاص ترك برس

من المؤكد ان الدول الأكثر تضررا من الأزمة السورية بصورة مباشرة هي الدول الأوربية بعد تركيا والأردن وذلك للجوء الأعداد الهائلة من المواطنين السوريين إليها، ورغم صدور اتفاقات  حول وقف إطلاق النار بصورة مؤقتة في المدن السورية وآخرها سريان وقف إطلاق النارلمدة 48 ساعة في حلب، إلا أن تلك الهدنة في الواقع هي غير مجدية وتعد من الأساليب التي تلجأ إليها الأطراف في حالة عدم وجود رؤية مشتركة للحل مع حالة انعدام الرغبة في إيجاد حل جذري للمشكلة.

إن الهدنة في سوريا وعلى لسان وزير الخارجية البريطاني ليست الحل لأن الحل هو بدء تنفيذ قرارات ترجع لصالح الأطراف ويستفيد منها المواطنون بالدرجة الأساس وتكون بصورة دائمة وغير مؤقتة تحفظ ماء وجه الأطراف اللاعبة أمام المنظمات الإنسانية التي تسعى بكل جهدها لإيصال المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء إلى المنكوبين والمحاصرين.

هذه من ناحية ومن ناحية أخرى فإن أوروبا المنظمة في حلف شمال الأطلسي بزعامة أمريكا تشعر بالغرابة من مشاركة الجانب الروسي لأمريكا في قراراتها حول سوريا وفي نفس الوقت من عدم مشاركة دول حلف الأطلسي الأوربيين في محادثات الاتفاقيات بصورة رئيسية. والأكثر من ذلك استغرابا من الأوربيين أن أمريكا التي أمرت في الماضي القوات السورية بالخروج من لبنان في ظرف ثلاثة أيام وهي كانت من أكثر الدول المتحالفة مع الاتحاد السوفيتي  في الماضي، تترجى الآن روسيا بالتخفيف من القصف الروسي والسوري على المدن السورية.

لكن من المهم القول ورغم أن لروسيا اليوم القول الفصل في سوريا بعد تراجع الدور الأمريكي غير المفهوم إلا أن الروس رغم هذا متوجسون خيفة من جملة من الأمور التي لم تكن في حسبانهم، ولكنهم استمروا في مواقفهم في سوريا ورغم إعلانهم المفاجئ لسحب قاصفاتهم لكنهم تواقون لرؤية المشهد الأخير لأحداث سوريا بالرغم من عدم معرفتهم لنهاياتها بالتأكيد.

1- إجراء السعودية ومعها أكثر من ثلاثين دولة لأكبر مناورات عسكرية في التاريخ.

2- وصول الطائرات السعودية وبعض الطائرات الكويتية إلى قاعدة إنجرليك التركية المحاذية للأراضي السورية.

3- الإصرار الأوروبي على إيجاد حل دائم للأزمة السورية.

4- دعوة ألمانيا وفرنسا للقاء المعارضة في برلين مع حضور المبعوث الأممي (ديمستورا)  ودون الوفد الروسي مع تهميش الدور الأمريكي.

ولكن ورغم عدم وضوح الازدواجية في النظرة حول المسألة السورية بين أوروبا وأمريكا إلا أن هناك بعض المعطيات التي تؤكد أن تلك الازدواجية لا بد أن تظهر للعلن بعد تزايد اللاجئين السوريين إلى أوربا وظهور الخلافات بين دولها حول نسبة قبولها للاجئين وما تعانيه بعض دولها من أزمة اقتصادية خانقة إضافة إلى الصمت الأمريكي حيال قبول اللاجئين السوريين على أراضيها.

ومع أن قسما من دول أوروبا وعلى سبيل المثال لا الحصر بريطانيا وغيرها والتي ترغب بالرجوع بقوة إلى الشرق الأوسط والعالم العربي وبالموكب الأمريكي، فمن المؤكد أن الموقف الأوروبي حيال سوريا سيكون أقوى فيما إذا كان تحت الرعاية الأمريكية وخير مثال على ذلك هو مواقفه المعلنة في بداية الأزمة السورية بعد ارتكاب النظام السوري فظائع بحق الشعب السوري ومطالبة أوروبا برحيل النظام كشرط أساسي لحل الأزمة.

إن الاختلاف الذي سيظهر في المستقبل القريب بين السياستين الأوروبية والأمريكية حول سوريا وبعد الإصرار الأمريكي على دعم بعض الفصائل السورية ومنها المليشيات الكردية والتي هي مدعومة في الخفاء من قبل النظام السوري وكذلك من الروس وكل هذه الجهات الداعمة، لها مآرب مختلفة تقضيها مصلحتها في دعمها، لكن هذه المليشيات المدعومة تعلن عدائها لتركيا بصورة متبادلة، وقد تشترك مع بعض الفصائل الإرهابية في عمليات إرهابية داخل تركيا، وهذا الذي يخشاه الأوربيون لأن تركيا هو الجدار المانع وأول المتاريس الصادة في تغلغل الإرهاب إلى أوروبا وكما كانت سابقا أولى المواقع الدفاعية للتغلغل الشيوعي السوفيتي إلى أوروبا وحتى إلى الدول العربية وعليه فإن أوروبا تدرك الخطر التي لحقته أمريكا بسبب موقفها المتهادن في القضية السورية مع الروس وتركها الساحة التركية لوحدها.

إن الزيارات المتكررة للزعماء الأوربيين لتركيا ودعمهم المتواصل المادي والمتمثل بمنح تركيا هبات مالية تعينها على احتواء اللاجئين السوريين إضافة إلى الموافقة على دخول المواطنين الأتراك إلى الدول الأوروبية بدون شرط الحصول على تأشيرة الدخول هي دليل واضح على استعداد الجانب الأوربي للوقوف بجانب تركيا جدار أوروبا الشرقي والمهم إلى أمن اوروبا واستقرارها وخصوصا بعد تزايد الهجمات الإرهابية على المدن الأوروبية.

بقي أن نعرف أن الروس يدركون تخوف الأوربيون من عدم إيجاد حل عادل للأزمة القائمة في سوريا سيؤدي إلى إضعاف حلف شمال الأطلسي في شرق القارة ويدركون تماما أن أوروبا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي خطر يهدد مصالحها وإن كانت بدون التنسيق مع أمريكا.

وفي الختام إن أي حل خارجي سواء أمريكيا أو أوروبيا أو روسيا سيكون تحت عنوان تقاسم المصالح والخوف على الأمن الوطني والقومي للاعبين الكبار وليس تحت بند حماية المدنيين من القتل والتهجير وأن ما يدعوه من حماية المدنيين هي أوراق خريف تتساقط في أول توزيع الغنائم وأول قرعة جرس إنذار في دولهم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس