أمين بازارجي – صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

إن ما يشهدونه ليس موقفًا شخصيًا، أو اختيارا ذاتيا، أو حتى نزوة عابرة. هو بمثابة مشرط سرعان ما أصاب دون أن يؤدي إلى جرح نازف ومشكلة جدية، وتفاقم للأزمات.

ولهذا السبب تحقق بسهولة كبيرة.

في الحقيقة، لم يكن تطورًا غير متوقع من قبلنا. ولا يمكن وصفه بالمفاجئ أيضًا.

وهناك من يتسأل "لماذا الآن؟".

الآن، لأنه...

1) ليس لدى تركيا وقت لإضاعته.

2) وفي حال انتظرت، وتركته للزمن لكي يحله وأهملته، سيكون من الصعب لمس هذا المشرط. وقد تدفع البلاد الثمن باهظًا.

في البداية لا بد من التأكيد على هذه النقاط:

إن حزب العدالة والتنمية، حزب سياسي مثل بقية الأحزاب الأخرى. ولكنه ليس مجرد حزب سياسي فحسب. بل حركة سياسية لديها أهدافها ومطالبها في الوقت نفسه!

وقد خطى خطوات هامة تجاه تحويل وتغيير تركيا. بالإضافة إلى وجود أهداف له تمتد إلى 2023، و2053، و2071.

وقائد هذه الحركة السياسية هو رجب طيب أردوغان.

ومسؤولياته لا تقتصر على حزب العدالة والتنمية وأعضاء الحزب فحسب. بل لديه تعهدات أعطاها للأمة خلال العملية الانتخابية الرئاسية في الوقت نفسه. ولهذا السبب لا يملك حق القول بأنني "أصبحت رئيسًا للجمهورية، وأقيم في المجمع الرئاسي، ولا يهمني البقية". وبجميع الأحوال، لا يمكن القول بوجود من توقع ذلك ضمن جماهير الـ 52 بالمئة من الناخبين له. فقد دعمت تلك الجماهير أردوغان ليصبح رئيسًا ساعيًا، ومجتهدًا، ويحل المشاكل. وانتخبته لتحقيق هذه الغاية.

وهذه هي الحقيقة سواء شاؤوا أم أبوا.

وفيما يتعلق بأحمد داود أوغلو...

فقد خرج هو أيضًا من الحركة السياسية ذاتها. وكما جرى في الماضي، لم يجلس على كرسي رئاسة الحزب ورئاسة الوزراء فيما بعد من خلال صراع سياسي من نوع بولنت أجاويد، وتقديم مطالب مختلفة. كما تولى المنصب من أجل إنهاء ما بدأوه من قبل ضمن مهمة وضعها الحزب بدعم من أردوغان. ولم يقل بإنه كان معارضًا لذلك بأي وقت من الأوقات. إذن هل هناك من رافض لذلك؟ لا يمكن ومن المستحيل أن يكون. لأن هذه هي الحقيقة. بالإضافة إلى قبول داود أوغلو هذا الأمر إعلانه مرات عديدة.

غير أن بعض المشاكل ظهرت فيما بعد. وبدأ بخوض صراعات أمام الرأي العام. وإن لم يبدي وجهات نظر منفصلة في مواضيع محاربة الإرهاب والقضاء على عصابة الكيان الموازي، بل كانت استعراضًا لمبادرات مختلفة بخصوص نظام الرئاسة.

وقد استغلت هذه الصورة داخلياً وخارجياً. كما شاركت أحزاب المعارضة في هذه النقطة بالذات. وشرعوا في توجيه الدعوات إلى داود أوغلو بمجرد ظهور أي خلاف بسيط. ومتابعة تصريحات بعضهم البعض التحريضية:

"أثبت قوتك داود أوغلو".

أما الآن ينبغي عليه التخلي عن حقه، وأن لا يتأثر بشكل كبير بهذه الدعوات المليئة بالتحريض. ولكن تأثيرات كادر المستشاريين الموجودين حوله وبعض البيروقراطيين عليه  بدأت بالظهور.

كما تراجعت الأحوال، وظهرت التعقيدات.

ولكن هل تعرفون ما الأهم؟

فقد بدأوا بالقيام بتقسيمات في أدوار "الرئيس" و"الأستاذ"، وتأجيج هذا الانقسام. ومحاولة تحويل وجهات النظر المختلفة الظاهرة إلى أزمة وتكييفها في هذا الإطار والمبالغة فيها. وإيجاد أطراف تعمل من أجل تحقيق ذلك.

لذلك كان لا بد من التدخل وفي الوقت المناسب. وأجريت العملية بلا إزعاج وألم. وفي هذا الإطار تعد أقوال رئيس الوزراء داود أوغلو بالغة الأهمية:

- كان تغيير رئاسة الحزب بالنسبة إلي اختيار من أجل استمرار وحدة وتماسك حزب العدالة والتنمية. وهذا بالضبط ما جرى! بالإضافة إلى قيامه بذلك من دون تخريب، وبأسلوب لطيف ومتقن، كما ترك بصمته على عملية متجانسة ستنتقل إلى التاريخ السياسي التركي!

كما قال داود أوغلو:

- "إن قدر حزب العدالة والتنمية هو قدر تركيا، وليس قدر الحزب فحسب". وهو حقيقة تركية سواء شاؤوا أم أبوا. وهكذا فإن المشرط الملقى على حزب العدالة والتنمية اليوم، والذي سيلقى على الحكومة في الأيام القادمة، قد مهد الطريق أمام تركيا. وهذا هو ملخص ما نشهده.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس