نهاد علي أوزجان – صحيفة ميلييت - ترجمة وتحرير ترك برس

الصراع في سوريا والعراق ما زال مستمرا، وبالنظر للصورة العامة للصراع يمكننا أن نستخلص أن الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والأسد وإيران وداعش كلها تقوم بعمليات عسكرية بشكل متزامن، هذا الإطار يوضح أن الحالة العسكرية في الشمال السوري وصلت إلى مرحلة جديدة وغريبة الأطوار.

داعش تتعرض للهجوم على أكثر من جبهة، ففي حين يتحرك الجيش العراقي في منطقة الفلوجة، يستمر ضغط عساكر الأسد على مدينة الرقة، أما حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب وبمساعدة الجيش الأمريكي فهو يحاول استغلال الفرصة الناجمة من التحركات على الجبهتين السابقتين ويحاول بسط نفوذه على الشريط المحاذي للحدود التركية في منطقة غربي الفرات والبالغ طولها 40 كم.

داعش وإلى جانب هذه الجبهات البرية الثلاث تتعرض كذلك لضربات جوية من قبل قوات الأسد وروسيا ومن قبل الولايات المتحدة كذلك. الولايات المتحدة التي تعاني من أزمة ثقة مع الجمهورية التركية قد استقدمت سفنًا حاملة للطائرات إلى منطقة البحر المتوسط تحسبا لحدوث مشاكل تتعلق بإقلاع الطائرات الأمريكية من قاعدة إنجيرليك التركية وتَستخدم طائرات من هذه السفن لتنفيذ عملياتها ضد داعش. سوف نرى هذه العمليات بأعيننا وسنشهد النتائج المترتبة عليها على المدى القريب. فمثلا، ستتأثر العلاقات التركية الأمريكية، وستتأثر كذلك السياسة التركية بخصوص القضية السورية كما أن الاستراتيجيات التركية المتبعة لمكافحة حزب العمال الكردستاني كذلك ستتغير، والسياسة السورية وأداء المؤسسات المسؤولة عن ذلك ستتأثر وتتغير.

الحقيقة أن التطورات على الأرض تختلف عن التوقعات التركية وتتخذ منحى مختلفا عن أماني أنقرة. فعلى الرغم من كل الاعتراضات والتحذيرات التركية عبر أفراد حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب المدعومين من الولايات المتحدة إلى الضفة الغربية من نهر الفرات وما زالوا في تقدم مستمر. إنه لدرس ذو عبر وفوائد نتلقاه من أحد أهم اللاعبين الدولين الذي وضع مصالحه فوق كل شيء وركز على منفعته الذاتية. الهدف من ذلك هو التخلص من الجوار المكاني بين داعش وتركيا وقلب الأمور ليصبح حزب العمال الكردستاني مكان داعش وبجوار تركيا، من الطبيعي لتحقيق ذلك أن يتم إقامة ذلك الكيان خارج خط عفرين -كوباني الذي يعد "في مرمى المدفعية التركية".

المسؤولون الأمريكيون يسوقون الادعاءات بأن داعش ما زالت تتلقى الدعم اللوجستي والشخصي من خلال تركيا لتبرير مرور عناصر حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب إلى غرب الفرات. ولكن الحقيقة أن تركيا تبذل جهود جبارة لغلق الحدود مع سوريا وفي سبيل ذلك تتحرك وحدات عسكرية وباستمرار على طول الحدود ويتم قصف أهداف داعش بالمدفعية.

الولايات المتحدة والتي لم تتخلى بشكل كامل عن علاقاتها مع تركيا وما زالت ترغب باستمرار العلاقة بين البلدين تحاول أن ترد بلطف ولباقة على الاعتراضات التركية أثناء تحركات واشنطن المركزة على الساحة السورية وتسوق تبريرات "لطيفة ومناسبة".

فعلى سبيل المثال تدعي واشنطن أن منطقة منبج ومطارها العسكري لم يتم تسليمه لحزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب وإنما حصل الحزب على دعم لوجستي فقط. تماما كما تدعي ازدياد عدد العناصر العربية في "قوات سوريا الديموقراطية" التي تتشكل بشكل أساسي من أفراد وحدات حماية الشعب.

سنرى من الذي سيتسلم المنطقة الواقعة غربي نهر الفرات في هدوء وسكينة وسنرى إذا كانت قوات الأسد ستعود إلى الشمال وهل ستستهدف آخر معاقل قوات المعارضة أم لا. قد تصل الحرب الداخلية السورية إلى مرحلة جديدة تمكن تركيا من قراءة الواقع وفهم الصورة بشكل أفضل.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس