نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

يواصل وباء كورونا تأثيره على حياتنا بمختلف مجالاتها. الجيش التركي هو من المؤسسات التي تواجه أعقد الأوضاع وأكثرها حساسية. 

تسعى وزارة الدفاع من خلال بيانات بين الفينة والأخرى لتوضيح مدى خطورة الأمر وتعقيده بـ"لغة دبلوماسية". وبحسب ما يتضح من البيانات فإن من الممكن تأجيل بعض أنشطة الجيش في إطار تدابير مكافحة الفيروس. 

على سبيل المثال، المناورات العسكرية لأن معظم أنشطة القوات التركية تتطلب عمل العناصر بالقرب من بعضها البعض، وعملها في مجموعات. 

لكن هناك سلسلة من الأنشطة لا يمكن توقفها ومنها حماية أمن الحدود، وحركات الهجرة، والأنشطة المستمرة في سوريا وشمال العراق، والعمليات ضد تنظيم "بي كي كي". 

لا يمكن تغيير طريقة عمل القوات التركية فيما سبق ذكره لأربعة أسباب: 

السبب الأول، تكون الوعي بأضرار فيروس كورونا مرتبط بالوقت والتطلعات السياسية والثقافة. على سبيل المثال، يمكن لبلدان مثل فرنسا وألمانيا سحب قواتها بسرعة من العراق بحجة كورونا. 

لكن ذلك لا يعني أن جميع البلدان ستتصرف بنفس الطريقة. فالدول والتنظيمات والمؤسسات والمدنيون في مناطق الاشتباكات كسوريا، ستحتاج إلى وقت كي تدرك خطورة الأمر، وتغير فكرها، وتتأقلم مع الوضع الجديد. 

لن تغير الأطراف مواقفها ولا أهدافها السياسية إلا عندما تتلقى التأثيرات المدمرة للوباء. فبالنسبة الأسد، حتى وفاة بعض قادة حزب الله بالفيروس وانتشار العدوى بين الميليشيات الإيرانية، لا يبدو أنهما غيّرا المشهد الحالي. 

وبطبيعة الحال، سيستمر وباء كورونا كعنصر يزيد من صعوبة مهمة القوات التركية، لكن لا يغيرها. 

السبب الثاني، اختلاف أولويات الدول والتنظيمات الموجودة في نطاق العملية. على سبيل المثال، السيطرة على إدلب أولوية بالنسبة للأسد. 

غير أن تفشي الوباء قد يتحول إلى "حادثة استراتيجية" تؤدي إلى فقدان الأسد، الذي يحلم بالسيطرة على إدلب، كل شيء. 

من جهة أخرى، انتشار الوباء بين اللاجئين خلال فترة قصيرة قد يتحول إلى مشكلة "عملياتية" بالنسبة إلى تركيا. وهذا لن يغير دور القوات التركية، لكنه قد يزيد أعباءها. 

السبب الثالث، محدودية القدرات الطبية في مكافحة كورورنا، وهي صعوبة أخرى أمام القوات التركية. رغم أن وزارة الصحة توفر هذه الخدمة إلا أن من الضروري التفكير بالاختلاف الثقافي بين المنظمات واحتلال الوباء صدارة قضايا الساعة في البلاد والمصاعب الميدانية. 

وأخيرا، من المصاعب التي تواجه القوات التركية في زمن كورونا هي أن التقييمات والقرارات حول التأثيرات المحتملة للوباء لا تتخذ بناء على التطورات الميدانية وإنما تُصاغ وفق الأهداف السياسية والعلاقات المدنية/ العسكرية التي أصبحت مسيسة. 

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس