أمين بازارجي – صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

محاولات كثيرة في إسبانيا لكنها لم تنجح، وفي فرنسا صرف الإخوان المسلمون أكثر من 300 مليون دولار لكنهم لم يحصدوا النتائج المطلوبة. مساعي كثيرة في ألمانيا استمرت حتى مجيء ميركل التي وضعت حدا لذلك؛ لكن في هولندا تحقق النجاح ووجد السبيل لتحقيق ذلك، إذ أسست جامعة روتردام الإسلامية التي تمارس نشاطها منذ عام 1998م، ففي الجامعة اليوم 300 طالب إضافة إلى ما يقارب 250 طالب يدرسون دراسات تحضيرية للالتحاق بالمقاعد الجامعية. تقدم جامعة روتردام الإسلامية من خلال كادر تعليمي من 6 أمم مختلفة  خدماته لطلبة من 19 أمة وشعب. روتردام الإسلامية أصدرت حتى اليوم ما يقارب 40 كتابًا أكاديميًا وتنوي البدء بالتعليم باللغة الإنجليزية منذ مطلع الفصل الدراسي القادم وبذلك ستحتل مكانه عالمية مرموقة وستملأ فراغًا كبيرًا ومهمًا، فالعلوم العربية الإسلامية قد انتهت مع العصر العباسي لتنتقل بعدها إلى السلاجقة والعثمانيين أما اليوم وفي هذا العصر تأتي جامعة روتردام الإسلامية لتاخذ العلوم العثمانية وتنقحها وتنشرها في كتب متخصصة عددها إلى الآن ثلاث كتب، يتم تدريسها في خمس جامعات أوروبية.

هناك بالطبع أعداء لنجاح هذه الجامعة ولنشاطاتها وبالتأكيد هناك من يشعر بالحنق عليها، ولهذا السبب نوقش أمر الجامعة 27 مرة في المجلس البرلماني الهولندي وفتحت ضد الجامعة ما يقارب الـ127 دعوى قضائية.

إذا ما أردنا الحديث عن أصحاب هذه الدعاوى سنجد نوعا من الغرابة، إذ إن حزب العمال الكردستاني الإرهابي الانفصالي على رأس القائمة ثم الأرمن ويتبعهم المثليون الجنسيون. التنظيم الموازي كان داعما لجميع هذه الفئات في الدعاوى المرفوعة ضد الجامعة، هذا الأمر لست أنا من يقوله وإنما السيد احمد أقكوندوز عميد الجامعة، إذ يقول إن الجامعة تحت مرمى النيران، وإن فتح الله غولن وتنظيمه هو من يقدم الدعم اللوجستي للإعلام بصدد التعرض للجامعة ومهاجمتها...

***

حسنا، لكن لماذا يسعى تنظيم غولن لمهاجمة جامعة إسلامية في هولندا؟

السيد أقكوندز يقول إن السبب غاية في البساطة!

لأن الجامعة لم تتنازل عن القيم الإسلامية، الأمر الذي أثار حنق وامتعاض غولن وجماعته. فغولن قد قال قبل ثماني سنوات من الآن "إذا استمر أقكوندز في إصراره ولم يقدم تنازلات لن يحلم بجامعة إلى يوم القيامة". إضافة إلى أننا لم نتنازل عن مبادئنا الوطنية، كذلك بسبب موقفنا من القضية الأرمنية تم فتح أكثر من تحقيق في البرلماني الهولندي ضددنا.

أحمد أقكوندز أعطى مثالا على ذلك وقال: النائب في البرلمان الهولندي سعادت أقبولوت يتصرف وكأنه متحدث باسم حزب العمال الكردستاني ويدافع عن الإلحاد، وعلى مدار سنوات خلت كان على النقيض من جماعة غولن ويعمل ضدها أما اليوم فنراه يتحرك مع التنظيم ويسير وفق تعليماته وعلى خطاه، فكلاهما يعمل ضد مصالح تركيا.

الأمر نفسه بخصوص يوجل كيكليك، فعلى حد تعبير أقكوندز، كيكليك "علوي ملحد" لكنه يعمل الآن مع جماعة غولن.

أقكوندز يقول: "إنني على قناعة بأن هناك اتفاقًا سريًا بين التنظيم الموازي والدولة هُنا في هولندا"، ويقول كذلك: "إن الاستخبارات الهولندية وبي بي سي (BBC) يعملان معا وكلاهما يساند التنظيم الموازي، فهولندا أصبحت بمثابة الولايات المتحدة الثانية للتنظيم الموازي، لكن الجميل في الأمر أن الشعب الهولندي قد وعي لما يحدث، ليتراجع الكثير من رجال الأعمال عن تقديم الدعم للتنظيم الموازي".

***

هناك أمر غريب لافت حصل في هولندا ولم ننتبه له في تركيا ولم تتم مناقشته بالقدر الكافي هنا، رغم أنه على علاقة وطيدة بتركيا.

إنه مشروع قانون يقسم المنظمات الإرهابية إلى قسمين الأول هو "الأحزاب الإرهابية المفيدة" مثل حزب العمال الكردستاني، وهؤلاء يتم تقديم العون والحماية لهم ولا يتم سحب الجنسية الهولندية منهم دون الرجوع للمحاكم. أما القسم الثاني فهو "الأحزاب الإرهابية الضارة" مثل القاعدة وداعش، العناصر التابعة لمثل هذه التنظيمات يتم سحب الجنسية منهم بقرار من وزارة الداخلية دون الرجوع إلى القضاء.

هذا القانون أثار نقاشًا وصخبًا في هولندا...

فجامعة روتردام الإسلامية والكثير من مؤسسات المجتمع المدني اعترضت على مشروع القانون. الجمهورية التركية بدورها حاولت التأثير تحت أطروحة "لا يوجد أمر مخزٍ أكثر من ذلك، لا يمكن تقسيم الإرهاب ولا يمكن التفريق بين التنظيمات الإرهابية". بالنهاية وبتدخل الملك الهولندي تم إسقاط مشروع القانون.

نعم القانون لم يخرج لكن التطبيقات والتوجهات ووجهات النظر كلها بهذا الاتجاه وليس في هولندا فقط وإنما في معظم أوروبا، فالتنظيمات الإرهابية برأيهم قسمين الذي ينتفعون منه ويضربون بيده ويستخدمونه والقسم الآخر الذي يكافحونه مثل القاعدة وداعش.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس