محمود القاعود - خاص ترك برس

"في تلك اللحظة التي أنا فيها على وشك مفارقة الحياة ، أتمنى السعادة الأبدية للدولة والأمة" كانت تلك آخر كلمات على عدنان مندريس رئيس وزراء تركيا من عام 1950- 1960، الذي انقلب عليه الجيش التركي وأعدمه عام 1961م، لميوله الإسلامية وإعادته الأذان باللغة العربية ومطالبته بعودة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية، وفق لائحة الاتهامات التي ساقها الجيش.

كان الانقلاب أمريكيا بامتياز... فأمريكا تكفر بالديمقراطية في حال جاءت بأي تيار إسلامي... الديمقراطية لدي أمريكا لا بد أن تأتى بمن يحاربون الإسلام وإلا فحرق الأخضر واليابس هو البديل الأمريكي... وبالنظر لمن قاموا بالانقلاب ضد مندريس نجد العقيد ألب ارسلان تركش، الذي بث بيان الانقلاب الدموي في الإذاعة، من بين أول ستة عشر ضابطًا تم تدريبهم عام 1948 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

دخل الشهيد مندريس التاريخ... وذهب الانقلاب الأمريكي إلى مزبلة التاريخ... لكن أمريكا لم تقنط من تفخيخ تركيا وتقسيمها وزرع بذور الفتنة بين صفوف شعبها، فجلبت بِخَيْلِها وَرَجِلِها لمواجهة الإسلام في تركيا، واحتشدت الصليبية العالمية من خلف أمريكا... فإما العودة للعلمانية الشوفينية الكارهة للإسلام والمعادية لتراث الأجداد العثمانيين الفاتحين وإما التفكيك والحرب الأهلية.

تحاول أمريكا الآن تكرار سيناريو مندريس مع الرئيس رجب طيب أردوغان ، ولا تكل ولا تمل من استغلال كل مناسبة ، لتوظيفها في طريق الانقلاب المنتظر .. فالمستهدف ليس شخص أردوغان، إنما الاسلام برمته واستهداف كل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.

لذلك فإن الاستخبارات الأمريكية تلعب الآن علي عدة أوتار: إطالة أمد تدمير سوريا ودعم السفاح بشار الأسد  – تفكيك العراق وتسليمه لإيران – دعم حزب العمال الكردستاني الإرهابي – تحضير عفريت الإرهاب الطائش لتدمير السياحة وتطفيش الاستثمار ومن ثم خلق رأى عام يري في حزب العدالة والتنمية سببا للويلات والحروب، حتى يتمكن الجيش من اتخاذ خطوات الانقلاب بزعم أنه استجاب لنداء الشعب التركي!

سيبقي الإرهابي بشار الأسد الورقة الرابحة في يد أمريكا والعصا الغليظة التي تدمر بها الجمهورية التركية... وهو ما يُحتم اسقاطه قبل أن تدخل تركيا في النفق الأمريكي الصليبي المظلم... وحتى لا تتكرر مأساة مندريس.

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس