كمال اوز ترك – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

هل حارت بكم اذهانكم؟ ما الذي يحصل؟ تتغير وتتبدل الأوضاع السياسية في هذه الأيام على قدر ما تغيرت في العشر سنوات السابقة، فمن تصويت بريطانيا الى التطبيع مع إسرائيل وإعادة العلاقات مع روسيا. لقد كثرت وارهقت اقلام الكُتّاب والمُحللين وأصبح السياسيون مشغولون بسبب كل هذه التغيرات...

البارحة كنا نُخاصمهم، فلماذا نصالحهم اليوم؟

بعد اعلان إعادة العلاقات السلمية مع إسرائيل وروسيا لم يترك البعض كلمة جارحة او نعت خادش الا وقذف به الحكومة وسياساتها الخارجية ورئيس الجمهورية اردوغان، ففي حينا مثلا ترى أناس يهللون ويمجدون في اردوغان ويعتبرون اتفاقه مع إسرائيل تركيع لها، بينما نرى اخرين يُشيطنونه ويلعنون سياسته. فهكذا هو الامر حيث تراهم يبجلون أحدهم في اول النهار ثم يلعنونه اخره! لكن ما يجهله هؤلاء المراهقون سياسيا هو ان السياسية متغيرة كالطقس والمناخ، فتراها يوما ما مشمسة كالربيع او الصيف ويوما اخر ممطرة ومظلمة كالخريف والشتاء...

كيف يصبح العدو صديقا؟

يتبدل حال الصداقة والعداوة بين الدول كما تتبدل احوالها الخاصة، ونرى في ذلك امثلة كثيرة، مثل تحول العداوة بين أمريكا وكوبا الى صداقة لاحقا، وتحول الشيطان الأكبر أمريكا الى حليف استراتيجي لإيران في هذه الأيام، كما ويمكن ان تجتمع العداوة والصداقة في ان واحد كما هو الحال في العلاقة التي تجمع الصين وامريكا، فهم متفقون في الجانب الاقتصادي ولكن متخاصمون في نفوذ المحيط الأطلسي. ونرى أيضا انه ومن الممكن ان يتحول العدو الى بطل كما فعلت إنجلترا بنلسون منديلا الذي كان عدوهم وهو يقود حرب العصابات ضدهم، لكن وعندما اتفقوا على ان يعطوه كرسي الرئاسة مقابل الذهب والالماس سوقه الانجليز للعالم على انه بطل قومي واممي.

القانون الدبلوماسي الذي لا يقبله اردوغان

قال الرئيس السابق لإنجلترا لورد بالميرستون (1784-1865) واصفا السياسية والدبلوماسية "لا يوجد هنالك أي أصدقاء واعداء ابديين لإنجلترا ولكن يوجد هنالك مصالح دائمة يجب عليها حمايتها"، بهذه الكلمات ومن تلك الأيام تأسست الدبلوماسية العالمية وبات العنوان الأساسي الذي تقوم عليه السياسية العالمية، فهل هذا المبدئ والمنطلق هو منطق لاأخلاقي؟ بالتأكيد نعم، فهو وبلا ريب عين البرغماتية اللاأخلاقية. عندما اشتد عود اردوغان ومن حوله رفض وبصوت عال هذه المبادئ اللاأخلاقية وقال بانه لن يقتاد بها كغيره من السياسيين؛ الامر الذي أزعج معظم دول العالم فبدأت تفتعل معه الازمات كأمريكا وروسيا وإسرائيل وألمانيا...

علمت تركيا حقيقة قوتها ومدى تأثيرها

واجهنا الصعاب تلوا الصعاب، وقاومنا بكل ما نملك من مبادئ وقوة، لكن لم نستطع وقف الحروب الدامية التي تقتل الأطفال والمستضعفين، عندها وبعد تجربة كل ما في يديها علمت تركيا مدى تأثير قوتها ومبادئها، وتعلمت حينها متى يجب عليها ان تتكلم ومتى لا يجب ذلك، كما وتعلمت بان التغيير يحتاج الى قوة مع المبادئ، وأنها لو كانت قوة عظمى لاستطاعت حماية المستضعفين من النساء والولدان...

يجب ان نعمل كثيرا ونتكلم قليلا

ما زالت تركيا تؤمن بصحة مبادئها ولكن تحتاج لان تكون اقوى من اجل تحقيق هذه المبادئ واقعا يعيشه الناس، ولهذا فإنها الان ستعمل على حل مشاكلها، والقضاء على الإرهاب، وتطوير اقتصادها، وتقوية صناعاتها العسكرية، ومواكبة التطور التكنلوجي العالمي، ورفع المستوى التعليمي في البلاد...وستسمر في ذلك حتى يأتي اليوم الذي ستستطيع فيه تغيير قواعد اللعبة، فتركيا ما تزال الصوت الإنساني الحنون والفاتح الشجاع الذي ارتبط به امل الشعب، ومن اجل ان تصبح قبطان البحر وحاكم السماء وسيد الأرض يجب ان نعمل كثيرا كثيرا كثيرا ونتكلم قليلا.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس