محمود عثمان - خاص ترك برس

لماذا يهدد حيدر العبادي تركيا بحرب هائلة؟ ولماذا يهدد قاسم سليماني كلا من السعودية والبحرين؟ ولماذا يصرح نصر الله علنا بأن الدعم الإيراني بالمال والسلاح ما زال مستمرًا دون انقطاع؟ ولماذا تستمر معارك الساحل السوري دون تغطية جوية روسية لقوات النظام؟!.

تهديدات حيدر العبادي لتركيا

في لقائه مع مراسلي القنوات الفضائية حذر رئيس وزراء العراق حيدر العبادي تركيا من حرب أسماها بالهائلة إن هي تدخلت في مدينة الموصل.. العبادي عبر عن مخاوفه من "أن الأطماع التركية في الموصل حقيقية"، كما حذر من أن "تمدد أو تدخل تركيا في الموصل سيؤدي إلى حرب هائلة غير حرب داعش"!.

لم يخبرنا السيد العبادي كيف ومتى وأين تدخلت تركيا في الموصل.. ولم يقدم دليلا واحد على ماهية وطبيعة هذا التدخل.. في المقابل يدرك السيد العبادي جيدًا أنه وجيشه عاجزان عن هزيمة تنظيم داعش، رغم الدعم اللامحدود الذي تقدمه دولتان عظميان هما أمريكا وروسيا، وتحالف دولي يضم أكثر من ستين دولة، بالإضافة إلى دولة إقليمية بحجم إيران جاءت بقضها وقضيضها، بجيشها وحرسها الثوري، وميلشياتها الطائفية التي شكلتها تحت مسميات عدة وجمعتها تحت قيادة الحشد الشعبي!. 

كما أن من غير المعقول أن ينسى السيد العبادي هزيمة جيشه أمام تنظيم داعش في الموصل، حيث لم يصمد بضع ساعات ليلوذ بالفرار، تاركًا كامل أسلحته وعتاده وراء ظهره غنيمة لداعش. بالرغم من أن تعداد الجيش وقوات الأمن العراقية المتمركزة في الموصل يومئذ تزيد على الستين ألفًا. مجهزة بكامل العتاد والعدة ومدعومة بغطاء جوي محلي ودولي، بينما تعداد مسلحي تنظيم داعش لا يتجاوز الألفين!.

تهديدات قاسم سليماني للبحرين والسعودية

هدد قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مملكة البحرين، بأعمال عنف وما أسمّاه "مقاومة مسلّحة" ضد السلطة الشرعية في البلاد على خلفية إسقاط الحكومة البحرينية الجنسية عن عيسى أحمد قاسم بتهمة التحريض على العنف الطائفي.

تصريحات سليماني جنرال الإرهاب الذي عرف العراقيون واليمنيون إجرامه عن قرب، لا يمكن اعتبارها تعبيرًا عن رأيه الشخصي، بل هو موقف رسمي من الحكومة الإيرانية ردًا على قرار مملكة البحرين إسقاط الجنسية عن عيسى أحمد قاسم، وذلك كون سليماني قائدًا عامًا للفيلق المعروف باسم "فيلق القدس" وهو مؤسسة رسمية إيرانية.. كما أن تهديدات قاسم سليماني لم تقتصر على البحرين فقط، فقد تابع سليماني تهديده لتصل إلى المنطقة بأسرها، معتبرًا أن من أسقطت عنه الجنسية البحرينية هو "خط أحمر" وسيشعل تجاوزه النار في البحرين والمنطقة"!.

الأمين العام لحزب الله اللبناني – الإيراني حسن نصر الله في معرض رده على إجراءات البنوك اللبنانية بالتحفظ على أموال حزب الله تطبيقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي يقول: «كل الأمور المالية لـ(حزب الله) تأتي من إيران وليس عن طريق المصارف، وكما تصل إلينا الصواريخ التي نهدد بها إسرائيل يصل إلينا المال». في تحد سافر للشرعية والإرادة الدولية.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يطلق كل من حيدر العبادي وقاسم سليماني وحسن نصر الله وغيرهم من المسؤولين الإيرانيين تهديداتهم بإشعال الحروب في المنطقة بأسرها؟!

دعونا نستعير الجواب من الكاتب السعودي المخضرم جمال خاشقجي إذ يقول: (لأنهم أعضاء في «التنظيم الدولي الإيراني»، يسعون بجهد ودأب شديدين، في مشروع أصولي طائفي، لمد نفوذ «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» إلى خارج حدود إيران السياسية، التي لا يرونها دولة ذات حدود محكومة بالشرعية الدولية) .

واضح أن المشروع الإيراني في حالة هبوط وتعثر، وخصوصا بعد الهزائم التي مني بها حزب الله في الجبهة الجنوبية لحلب، وتقهقر نظام الأسد في جبهات الساحل، ولعل السبب الأهم والدافع الأكبر لتصريحات فريق ايران هو إرهاصات عودة المياه إلى مجاريها بين تركيا وروسيا، وترجمة ذلك على الأرض بترك الروس لقوات الأسد دون غطاء جوي في معارك الساحل، في وقت بلغ فيه التعارض بين المصالح الروسية والمصالح الايرانية ذروته، ويعزو كثير من المراقبين للشأن السوري أن تضارب المصالح بين روسيا وإيران تسبب في خسارة الأخيرة قيادات ميدانية هامة، وضباط كبار في الحرس الثوري كانوا يديرون المعارك في جبهة حلب.

كذلك ارتفعت في الآونة الأخيرة الأصوات المعترضة داخل الحاضنة الشعبية لحزب الله اللبناني جراء الخسائر الفادحة التي تعرض لها الحزب في حربة العبثية التي لا هدف لبنانيًا لها سوى خدمة المشروع الإيراني. ويفسر القادة الميدانيون سبب الخسارة في صفوف حزب الله إلى هروب جنود النظام من المعارك مع الثوار ثم يتبعهم جنود الميليشيات الطائفية المرتزقة، فلا يبقى في الميدان سوى قوات حزب الله التي ارتفعت حصيلة ضحاياها إلى درجة اضطرت قيادة الحزب الميدانية بأنها لن تشارك في العمليات العسكرية على جبهة حلب الجنوبية.

تفجيرات داعش في إسطنبول وجدة والكويت

عودنا تنظيم القاعدة بعمليات من العيار الثقيل كلما تعرضت أمريكا لأزمة داخلية أو خارجية، كما نرى الآن تنظيم داعش يلعب نفس الدور كلما تعثر المشروع الإيراني أو تعرض لأزمة!.

التفجير الانتحاري الذي استهدف مطار أتاتورك الدولي قلب إسطنبول ورئة تركيا، واضح الرسائل والدلالات. ما جعل الرئيس رجب طيب أردوغان يصرح قائلا: "نعرف الجهات التي بعثت برسائلها من خلال تفجيرات إسطنبول، وقد فهمنا رسائلها، لكننا لن نتراجع عن مشروعنا في بناء وطننا، والثبات على مواقفنا مهما كان الثمن غاليًا".

هذه الليلة قام انتحاري بتفجير نفسه بحزام ناسف أمام القنصلية الأمريكية في مدينة جدة، مما أدى إلى مقتله، وإصابة رجل أمن سعودي. 

وأعلنت الداخلية الكويتية أنها قامت بثلاث ضربات استباقية داخل الكويت وخارجها أوقعت عناصر إرهابية تنتمي لتنظيم داعش، مؤلفة من ستة أشخاص، خمس رجال وامرأة، كانوا يخططون لاعتداءات أواخر رمضان وخلال عيد الفطر.

جميع ما تقدم ما هي إلا إرهاصات أفول المشروع الإيراني المدمر. والتحرك التركي الأخير سوف يساهم في تطويقه، وتضييق مساحات نفوذه، والتقليل من تأثيره.

عن الكاتب

محمود عثمان

كاتب سياسي مختص بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس