ترك برس

رأى الخبير والباحث في العلاقات الدولية "علي حسين باكير"، أن تركيا كانت المتضرر الأكبر -بعد الشعب السوري- من التدخل الروسي في سوريا، في الوقت الذي استطاعت فيه دول أخرى كإيران والولايات المتّحدة وإسرائيل أن تضمن مصالحها هناك بفضل التدخل الروسي، لاسيما بعد التعاون والتنسيق مع موسكو سواءً على المستوى السياسي أو الدبلوماسي أو العسكري.

جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة "العرب" القطرية، أشار فيه إلى أن الملف السوري عاد إلى الواجهة من جديد بالتزامن إعادة التطبيع التدريجي للعلاقات بين تركيا وروسيا، لناحية إمكانية توقّع مستجدات إيجابية نتيجة لهذا الانفراج في العلاقات بين الدولتين، لاسيما أنّ تصريحات بهذا الخصوص كانت قد صدرت من الجانبين.

وقال "باكير" إن "الاتفاق الإسرائيلي مع روسيا سمح بمواصلة الأخيرة توجيه ضربات جويّة ترى أنه لا بدّ منها لحماية أمنها القومي، كما استطاعت إيران الاستفادة من التدخل الروسي من أجل مواصلة دعم الأسد وحفظ مصالحها الاستراتيجية المرتبطة به، أمّا واشنطن فقد استطاعت عبر التدخل الروسي أن تعفي نفسها من المزيد من المسؤوليات وأن توثّق تعاونها الدبلوماسي مع موسكو".

وتابع "باكير": إن ما تأمله تركيا حالياً من إعادة وصل العلاقات مع روسيا فيما يتعلق بالملف السوري، يتراوح بين تجنّب ضرب موسكو للمعارضة السورية المسلّحة التي تقوم بمحاربة على عدّة جبهات (جبهة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، جبهة داعش، وجبهة الأسد)، وبين عدم الاعتراض على إمكانية استئناف تركيا لغارات جوية في الشمال السوري عبر التحالف الدولي، وبين موافقة بوتن على رحيل الأسد والدائرة المحيطة به ممن شربوا من دماء السوريين السلطة في بداية المرحلة الانتقالية.

مثل هذه الآمال ترتبط بحسابات تقول بأنّ هناك مصلحة روسيّة في أن تنتهي من الملف السوري في أسرع وقت ممكن قبل رحيل إدارة أوباما ومجيء إدارة جديدة، وهي مصلحة تنبع من الخوف من الغرق في المستنقع السوري خاصة مع تدهور المؤشرات الاقتصاديّة الداخلية الروسية واستمرار العقوبات الأوروبية من جهة، وتزايد المصاعب المتعلّقة بإمكانية الاعتماد على ما تبقى من جيش النظام والميليشيات المتحالفة معه والتشكيلات المختلفة التابعة لإيران لحسم المعركة على الأرض.

لكن في المقابل، توقّع حدوث تحوّل كبير في الموقف الروسي من الملف السوري جراء إعادة وصل ما انقطع مع تركيا سيكون إفراطاً في التفاؤل، ما لم يتم إمّا حصول تقدّم كبير على الأرض ضد قوات الأسد والميليشيات الإيرانية لاسيما في المناطق الاستراتيجية، وإمّا التوصل إلى اتفاق شامل وحقيقي يقضي بقيام تحالف إقليمي ودولي لمكافحة الإرهاب بفاعلية مع رحيل الأسد.

لكن إلى أن يحصل الأمر الأوّل أو تقتنع موسكو بالأمر الثاني، فإن الأولويّة الروسية في سوريا لا تزال كما هي، دعم النظام والحيلولة دون سقوطه، وإبقاء الأسد إلى مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية بحيث يتم تقرير مصيره في تلك الانتخابات (وما أدراك ما الانتخابات في سوريا الأسد)، وتهيئة بديل له في السلطة وبديل سياسي حزبي ليحفظ مصالح روسيا المستقبلية في سوريا، وليس هناك أي مؤشرات حتى هذه اللحظة على حصول تغيير في هذه الأولويات، وهو الأمر الذي سيتم اختباره قريبا ربما.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!