ناغيهان ألتشي - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

أحدث التصريح الأخير للرئيس رجب طيب أردوغان بشأن منح الجنسية التركية للاجئين السوريين أصداء قوية في أنحاء العالم ولاسيما في أوربا. لكن ردود بعض الجماعات في تركيا حركتها استجابة يمكن تصنيفها على أنها جزء من موقف يميني متطرف. وفي هذا السياق برز التحامل والتعصب الصريح. إن ردود الفعل المشينة تلك التي تجسدت في شعار" لا نريد السوريين" تذكرنا بردود فعل النازيين الجدد ضد الأتراك الألمان.

الإحساس السائد في أوربا الآن هو الإحساس بالعار منذ أن انكشف نفاق الاتحاد الأوربي بعد أن أدار ظهره لآلاف اللاجئين، بما يتعارض مع القيم التي يعتز بها الاتحاد في الظاهر مثل الإنسانية وحقوق الإنسان. ونظرا لأن تركيا فتحت أبوابها للاجئين، وأعلنت منحهم الجنسية، فإن أوربا تحاول أن تأتي بأعذار لموقفها الرافض. وهذه الأعذار لها جذورها في الخطاب الفاشي في أوربا مثل التهديدات الأمنية، ومعدلات البطالة، وهلم جرا.

ومهما يكن الأمر فإن منح الجنسية للسوريين سيطبق في إطار مجموعة من المبادئ. وبطبيعة الحال فإن تركيا لا تعتزم تبني الإرهاب أو التحريض عليه. وبالتالي ما الذي يكمن في مبدأ مسألة الجنسية؟

تركيا بلد يرتكز على تراث الدولة العثمانية، وهو ما يعني أن لديها ماضيا مشتركا وتراثا تاريخيا مع جزء كبير من سوريا والشرق الأوسط. وقد تصرف أردوغان بإحساس بالمسؤولية تجاه هذه الروابط، وتحرك بما يتفق معها منذ بداية الحرب الأهلية السورية. والآن يريد الرئيس احتضان اللاجئين السوريين الذي يرغبون في البقاء بشكل دائم في تركيا، ويريدون أن ينتجوا ويساهموا ويصنعوا أمجادا لتركيا. برزت الولايات المتحدة بفضل اللاجئين. وبفضل الطاقة التي دعمها الملايين الذين لم يتمكنوا من العثور على مرادهم في بلدانهم،صارت الولايات المتحدة أكبر بلد في العالم. لماذا لا نمنح مثل هذه الفرصة للسوريين الذين توافدوا على بلدنا من أجل البقاء على قيد الحياة، والمحافظة على آمالهم حية؟

يقال إن دخلنا القومي سينخفض، وسترتفع معدلات البطالة، إذا حصل السوريون على الجنسية التركية. هذا ليس صحيحا، حيث تتعارض هذه المزاعم مع المبادئ الأساسية للاقتصاد الليبرالي. قوة العمل الجديدة تعني المزيد من الطاقة، والمزيد من الإنتاج،ومزيدا من الديناميكية. وإلى جانب ذلك، فإن الجنسية لن تمنح لكل لاجئ سوري، فهناك معايير معينة للجنسية يجب أن يفتح النقاش حولها.

أعتقد أن المعيار الوحيد يجب أن يكون السجلات الشخصية. يجب التحقق بدقة إذا كان المتقدمون على علاقة من أي نوع بالإرهاب، أو اشتركوا في جريمة في بلدهم. يجب ان تمنح الجنسية فقط لمن كانت سجلاتهم نقية. أما الشروط الأخرى مثل الكفاءة اللغوية فلا ينبغي أن ينص عليها. ففي الحي الصيني في مدينة نيويورك، اليوم، هناك جزء من الصينيين لا يتحدثون اللغة الإنجليزية، ورغم ذلك لا يزالون من أهالي نيويورك. الكوزموبوليتية بعد بارز جدا في تكوين نيويورك.

 يوجد في تركيا مليونان و750 ألف سوري مسجل، وهم يعيشون حاليا في مختلف المدن التركية. وبإضافة غير المسجلين يرتفع العدد الإجمالي إلى أربعة ملايين. وعلى أي حال فإن المسجلين في تركيا ليس لديهم الوضع القانوني للاجئ، نظرا لأن القادمين من الدول الأوربية هم من يمنحون وضع اللاجئ تنفيذا لاتفاقية جنيف. وبعد تمرير لائحة  22 أكتوبر/ تشرين أول 2014 منح اللاجئون السوريون الذين قدموا إلى تركيا الحماية المؤقتة، واتيحت لهم فرصة الاستفادة من البرامج الاجتماعية والعمل في تركيا. لكن الحصول على تصريح الإقامة يتطلب إجراء مختلفا.

والآن فإن منح الجنسية للسوريين الذي يجتازون الفحص الأمني، وأقاموا في تركيا لمدة خمس سنوات على الأقل، وأن نقول لهم هذه بلدهم أيضا، يشير إلى قدر كبير من الإنسانية والثقة بالنفس. وبهذه الوسيلة سوف تزيد الطاقة الجديدة المفيدة، شريطة أن نتمكن من دحض ادعاءات الفاشيين التي تلقي بظلالها الباهتة على هذا التطور. 

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس