الأناضول

كانت ليلة 15- 16 تموز/ يوليو الماضي طويلةً بالنسبة للشاعر رأفت الميقاتي، الذي هاله مع الكثيرين من أبناء مدينته "طرابلس" الساحلية شمالي لبنان، محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، فلم يغمض له جفن حتى أطل "فجر الحرية" حاملا بشائر "النصر الأكيد"، واندحار الانقلابيين أمام الشعب الذي تصدى لهم، دفاعاً عن ديمقراطيته. 

مشاعر متضاربة عاشها "الميقاتي"، الذي يشغل منصب رئيس "جامعة طرابس"، تباينت بين خوف وقلق، تلاهما فرحة واعتزاز بالشعب التركي "الأصيل" الذي لبى نداء قائده "الحكيم" الرئيس رجب طيب أردوغان، الأمر الذي دفعه لأن ينظم قصيدة أهداها إلى الأخير، كما أرادها أن "تدوّن وتحفظ" ذاكرة تلك "الملحمة الإيمانية" التي تجلت بانتصار الشعب التركي وقيادته بوجه الانقلابيين. 

وفي مقابلة أجرته معه الأناضول، قال الميقاتي إن "تركيا قلب العالم الإسلامي، وتجربة السنوات الأخيرة فيها تعتبر بادرة حضارية إسلامية يمكن أن تنفض الغبار المتراكم، جراء حجم التآمر الدولي على العالم الإسلامي".

وحول متابعته للمحاولة الانقلابية، أضاف "ما كان يؤثر فينا، هو رؤية بعض الشاشات (القنوات التلفزيوينة) العربية والعالمية تحاول أن تسوّق لهذا الانقلاب، ولكن ما لبثت هذه الأكاذيب أن انهارت، وشعرنا بالراحة، عندما استجاب الشعب التركي إلى نداء قائده (في إشارة إلى أردوغان)، ونزل بقوة إلى الساحات والشوارع رفضا للظلم ومحاولة سرقة إرادة الشعب". 

وأشار أنه احتفل وأهل مدينته في تلك الليلة "بانتصار الشعب التركي المؤمن، على من أراد أن يخطف مستقبله، ويصادر قراره، ويغتال مصيره الثقافي والسياسي والاجتماعي". 

وحول قصيدته التي أهداها للرئيس أردوغان، قال الميقاتي إنها "جاءت من رحم ساعات القلق، قبل أن يظهر النصر على الانقلابيين (...) كتبتها لتدون هذا الحدث وتحفظ ذكراه". 

وخلال لقائه مع "الأناضول" قرأ الشاعر اللبناني أبيات قصيدته التي من أبرزها:

حتى أطلَّ رئيسُ الترك قاطبةً ....... في وجهه الحزمُ من جوَّاله وثبا 

وقال يا شعبُ هذا الليل فجرُكمُ ....... فَلْتقلبوا ثعلبَ المكرِ الذي انقلبا 

فأمطرَ الشعبُ بالتكبير غَدْرَتَهُم ....... وأشرقَ الزحفُ فيضًا فوقَ ما طُلبا 

إن النجومَ على الأكتاف قد جُعلت ....... لنصرة الحق لا للحكم مُسْتَلَبا 

يا أيّها المؤمن التركي يا علمًا ....... أُثْبُت فأنت بإذن الله من غَلَبا 

أُثْبُت فإن طغاة الأرض قد فَجَرُوا ....... فلن يُضيروا بما في اللوح قد كُتبا 

اليومَ أدركتُ ما قد قيل من زمنٍ ....... إنْ عِشْت في "رجبٍ" تُبْصِرْ به عجبا" 

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر، من مساء الجمعة 15 تموز/ يوليو الماضي، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة غولن الإرهابية، حاولوا خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ولمؤسساتها الأمنية والإعلامية. 

وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي. 

جدير بالذكر أن أتباع غولن - الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1999- قاموا منذ اعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!