
ترك برس
في إطار التقارب التركي الروسي الذي ظهر بعد انقطاع الطرفين لأكثر من 7 شهور، رأى الخبير في شؤون الشرق الأوسط أيتون أورهان أن ذلك التقارب سيكون له دوره الملموس في تقريب التوصل إلى حل مناسب لحسم النزاع في سوريا.
وأكّد أورهان، الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية "أورسام"، أن التكاليف السياسية والاقتصادية الجمّة التي تكبدتها بها الأطراف الراعية للأزمة، دفعتهم إلى التفكير الجاد للنظر في حل وسط يُنهي الأزمة ولكن بأقل الخسائر الاستراتيجية.
عدم تمكن النظام السوري من القضاء على الثورة المسلحة في السنوات الأولى من ظهورها، جعله يستعين بإيران وميليشيات حزب الله. لم تسر الرياح كما اشتهى النظام السوري، إذ أثبتت الثورة السورية بأنها عصية عن الانكسار أمام تعاونه مع إيران وميليشيات حزب الله، فأرغم على طلب العون علنًا من روسيا.
استمرار النظام السوري في طلب العون من الخارج، رفع من وتيرة تبعيته للخارج، وبات أمر حل الأزمة السورية ليس خاضعًا لسيادته، كما تصور وسائل إعلامه، بل صار تابعًا لمسار مصالح دول المحور التي دعمته ضد الثوار، لا سيما روسيا الاتحادية.
وعلى صعيد التأثير الخارجي على الثوار، يشير أورهان إلى أن الدعم الخارجي للثوار يتصف بالغموض، فهناك دول عدة تدعم المعارضة السورية ولكن كل دولة تدعم مجموعة معينة من مجموعات المعارضة وفقًا لمصالحها وأهدافها وتوجيهاتها التي قد تختلف كثيرًا مع دولة أخرى تدعم مجموعة معارضة أخرى.
وفي مقاله "سوريا والتقارب الروسي التركي" يوضح أورهان أن تركيا وروسيا مختلفتان في موقفهما من الثورة السورية منذ اشتعالها وحتى يومنا هذا، مبينًا أن الطرفين أظهرا مثالًا نموذجي في البراغماتية السياسية الواقعية، وذلك من خلال توثيق علاقاتهما الاقتصادية المتبادلة بمعزل عن الخلاف السياسي الحاد بينهما في سوريا.
براغماتية الطرفين كادت أن تتهاوى لولا تحكيم الطرفين للعقلانية على حساب الروح الحماسية، على حد وصف أورهان الذي أكد ارتياع الطرفين التركي والروسي من تدهور تعاونهما الاقتصادي الضخم وخسارتهما الاقتصادية المستمرة لسنوات في دعم سوريا، ولكن بدون فائدة، خاصة الطرف الروسي الذي خطط لإرجاع إدلب لسيطرة النظام عبر السيطرة على جسر الشغور، ودحر الثوار من حلب بالكامل عبر حصارها وضربها من عدة محاور، ولكن لم تفلح أي من خططه في إحراز النجاح المنشود.
ومن جهة أخرى، يرى أورهان أن تركيا التي أصبحت عرضة لإرهاب داعش وحزب العمال الكردستاني، وصارت تحت تهديد استراتيجي لأمنها القومي بعد تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي "قوات سوريا الديمقراطية" بشكل ملموس في ريف حلب وعدد من مناطق شمال سوريا.
ووفقًا لأورهان، فإن التقارب الروسي التركي جاء بعد قائمة الخسائر والتهديدات الباهظة لكلا الطرفين بسبب قطع العلاقات، وقد تُرجمت نيتهما للتصالح سريعًا بقبول بوتين رسالة أردوغان التي عبر من خلالها عن حزنه الشديد لما أصاب الطيار الروسي ورفع كل من الطرفين الحظر المفروض على قطاعي السياحة والتجارة وتأكيدهما على ضرورة إيجاد حل توافقي للوضع في سوريا.
وبحسب أورهان، فإن تركيا، الآن، على قناعة بأن جعبة الغرب أصبحت فارغة من أي حل توافقي للأزمة السورية، خاصة بعد دعمه لرؤية الأكراد التقسيمية التي تشكل خطرًا استراتيجيًا لها، وهي لذلك تُفعّل تعاونها مع روسيا بشكل أكبر ولكن دون قطع أواصر التعاون مع الغرب.
كما يبيّن أورهان أن توافق تركيا وروسيا يمكن له أن يساهم في مشاركة الطرفين بمكافحة قوات داعش المتواجدة في إقليم ما بين جرابلس وأعزاز، مشيرًا إلى أن تخفيف تركيا لموقفها الحاد ضد النظام أمر وارد، وهذا ما سيحرك خطة الانتقال السياسي المرحلي التي سيبقى بها الأسد ومن ثم يسلمها لمن يحدده الأطراف.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!