إسماعيل ياشا - أخبار تركيا

تغلغل عناصر تنظيم الكيان الموازي الإرهابي في مختلف أجهزة الدولة والقطاعات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى الإعلام والتعليم والرياضة والفن وغيرها أمر مسلم لا يختلف فيه اثنان. ولذلك يتطلب اجتثاث خلاياه استنفار الجميع وتطهير كل واحد بيته من هذه الجراثيم الخبيثة التي تنخر في جسد تركيا.

الحكومة التركية في ظل حالة الطوارئ التي تم إعلانها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، تبذل جهودا حثيثة لاجتثاث جذور إرهاب الكيان الموازي وإزالة خطره، إلا أن ما تقوم به الحكومة لا يكفي وحده، بل لا بد من عملية تطهير شاملة يشارك فيها جميع الأطراف المعنية.

هناك تأييد شعبي واسع للجهود الرامية إلى تطهير أجهزة الدولة من خلايا تنظيم الكيان الموازي، وكما ذكرت في مقالي السابق، تشير نتائج استطلاع للرأي إلى أن تأييد الشارع التركي لمعاقبة الانقلابيين وداعميهم يصل إلى 97.2 بالمائة. ومما لا شك فيه أن هذا تأييد غير مسبوق ولا يمكن أن يعارضه أو يتجاهله أي حزب سياسي يتطلع إلى الحصول على مزيد من أصوات الناخبين في الانتخابات القادمة.

اللجنة التأديبية المركزية لحزب الحركة القومية وافقت قبل أيام بإجماع أعضائها على طرد رئيسة البرلمان التركي السابقة، مرال آكشنير، بشكل نهائي من الحزب، بتهمة "إلحاق الضرر بوحدة الحزب وتماسكه، وعدم الالتزام بالقرارات التي تتخذ من قبل إدارة الحزب، والإساءة المعنوية إلى زعيم الحزب وإدارييه، وانتهاك استخدام حقوق العضوية". وتقول آكشنير إنها سترفع دعوى قضائية لإلغاء قرار طردها من الحزب، ولكن بقاء النائبة السابقة بعد الآن في صفوف حزب الحركة القومية أمر شبه مستحيل.

آكشنير كانت تحلم بتولي رئاسة حزب الحركة القومية بدعم غير متناهٍ من تنظيم الكيان الموازي الإرهابي، ومن ثم تولي رئاسة الحكومة بعد نجاح محاولة الانقلاب التي قامت بها مجموعة من الضباط المنتمين إلى هذا الكيان. وكان كثير من المراقبين يعتبرونها حصان طروادة لجماعة كولن في داخل حزب الحركة القومية. ولذلك طردها من الحزب يعتبر جزءا من عملية تطهير الأحزاب السياسية من خلايا الكيان الموازي، وإفشال مخطط يهدف إلى ترتيب الساحة السياسية التركية بالتدخل من خارجها لصالح القوى المنزعجة من استقلالية قرار تركيا ودورها المتصاعد في المنطقة.

المطلوب من الأحزاب السياسية الأخرى أن تصغي إلى صوت الشعب التركي المطالب باجتثاث خلايا الإرهاب، وتقوم بتطهير صفوفها من عناصر تنظيم الكيان الموازي، على غرار ما قام به حزب الحركة القومية، حتى لا يجد الانقلابيون الإرهابيون متنفسا ومجالا للتحرك والمناورة وثغرة للتغلغل ليجمعوا قواهم ويراجعوا خططهم ويعيدوا محاولتهم مرة أخرى في المستقبل.

نجاح عملية اجتثاث تنظيم الكيان الموازي الإرهابي مرهون بالقضاء على رأس الحية الذي يتحرك في مزرعة فاخرة بولاية بنسلفانيا الأمريكية ويبث سمومه ويرسل من هناك أوامره المشفرة إلى عناصر التنظيم الإرهابي وخلاياه النائمة ليقوموا بعمليات خائنة تستهدف أمن تركيا واستقرارها. ولذلك تسليمه إلى تركيا ليحاكم وينال عقابه العادل في غاية الأهمية. وإن لم يتم تتويج الجهود المبذولة في إطار مكافحة تنظيم الكيان الموازي بمحاسبة فتح الله كولن، زعيم هذا الكيان الإرهابي، ومعاقبته فلن تصل تلك الجهود المشكورة إلى مبتغاها.

الحكومة التركية تدرك أهمية القبض على رأس الحية، وترى ضرورة إعادة زعيم التنظيم الإرهابي إلى تركيا. وفي هذا الإطار، طلبت وزارة العدل التركية رسميا من واشنطن اعتقال فتح الله كولن بتهمة توجيه أوامر بتنفيذ محاولة الانقلاب وقيادة هذه المحاولة الدموية، ما يعني أن الكرة الآن في الملعب الأمريكي، وأن تركيا حكومة وشعبا لن تنسى ما ارتكبه كولن المجرم وكيانه الإرهابي من خيانات وجرائم بشعة، وستطارده حتى ينال ما يستحقه من عقاب.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس