مولاي علي الأمغاري - خاص ترك برس

في تدوينة بليغة لأحد الفلسطينيين يبين فيها الفرق بين الرئيس التركي أردوغان وبين غيره في التعامل مع قتلة الأطفال نصها: (أردوغان لايترك جنازة إلا ويشارك فيها، وقطع آلاف الأميال في 9 حزيران/ يونيو الماضي للمشاركة بصلاة الجنازة على المرحوم "محمد علي كلاي" في أمريكا، لكنه لن يشارك هو وقادة حكومته في جنازة قاتل الأطفال "بيريز").

وعلق روبرت فيسك على وصف العالم لـشمعون بيريز بـ"صانع السلام" (عندما سمعت بموته، تذكرت الدماء والنيران والمذابح).

 أما الصحيفة التركية "يني عقد" فكان عنوانها الكبير "مات قاتل الأطفال" وكتبت أيضا: "ستحل اللعنة على بيريز، عضو منظمة إرهابية ومؤسس الكيان الصهيوني، سيتذكره العالم بأنه منسق المجازر في العالم".

أما العجيب الغريب ما جاء من موطن "أدولف هتلر" النازي، على غلاف جريدة "بيلد" الألمانية بالعنوان العريض: (القاتل الإسرائيلي الأكبر: شمعون بيريز توفي عن عمر 93 عاما، "شمعون بيريز" ذبح الآلاف من الفلسطينيين وارتكب مجازر جماعية بحق الشعب الفلسطيني، لقد كان النسخة الثانية عن هتلر، جعل الله روحة تتعفن في الجحيم).

فالهالك صاحب مجزرة قانا الأولى في 18 نيسان/ أبريل 1996 بمركز قيادة فيجي التابع ليونيفيل بقرية قانا بلبنان، يومها قصفت قوات الاحتلال المقر بعد لجوء المدنيين إليه هربا من عملية "عناقيد الغضب" التي شنتها الصهاينة على لبنان، وأدى القصف لاستشهاد 106 من المدنيين وإصابة الكثير بجروح، بسبب أطنان من الصواريخ وحمم النيران، التي صبها سلاح الجو الصهيوني على الأطفال والنساء والرجال والشيوخ أمام أعين العالم.

 ويتحمل الهالك كامل المسؤولية عن هذه المجزرة بصفته رئيس حكومة الاحتلال والذي أعطى الأمر بتنفيذ العملية العسكرية، ورغم هذا عندما تقرأ سيرة الإرهابي "شمعون بيريز" فتجدها تخلوا من عنوان هو أساس فكره وعقيدته وحياته" جرائمه الإرهابية"، وتجد بدلها وصف "صانع السلام" الذي ترك حزب "العمال" العريق وتوجه إلى حزب "كاديما" الحديث التأسيس، لأن الحزب الجديد يهدف لتشجيع السلام، هدف حياته كذبا وزورا.

صاحب الوجوه المتعددة هذا والذي أوغل في دماء الفلسطينيين واللبنانيين أذله الله تعالى في يوم من أيام منتدى دافوس المشهور، فلن ينسى العالم الملاسنة التي حدثت بين رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان"، ورئيس الكيان الصهيوني المحتل "بيريز"، وانسحاب الطيب أردوغان -بعد أن وبخ بيزيز وفضحه- احتجاجًا على محاباة مُسير الجلسة لبيريز وعدم منح الطيب أردوغان الوقت الكافي لرد على أكاذيب وافتراءات السفاح قاتل.

لم يحضر "الطيب أردوغان" جنازة هتلر الكيان الصهيوني -كما جاء في مجلة "بيلد"- لأنه لم ينسى أن الهالك من أهم رعاة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأشرس قادة عصابات "الهاغاناة الصهيونية" التي سفكت دماء كثير من الفلسطينيين والعرب، وأحد مهندسي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وأن فلسطين عاشت خلال فترة حكمة كرئيس للكيان العبري المحتل ما بين 2007-2014، أكثر السنوات دموية، وأنه مسؤول عن مجزرة غزة عام 2008.

مات "بيريز" وهو يتجرع سم فضيحة منتدى دافوس 2009، بعد كلمته المطولة التي برر فيها المجزرة الصهيونية في قطاع غزة، تبرير كله كذب وقلب للحقائق قال أردوغان منتقدا: (بيريز لقد استخدمت لغة قوية أشعر أنك ربما تشعر بالذنب قليلا لذلك ربما كنت عنيفا، أنا أتذكر الأطفال الذين قتلوا على الشاطئ وأتذكر قول أحد رؤساء وزرائكم  إنه يشعر بالرضا عن نفسه عندما يهاجم الفلسطينيين بالدبابات... أشعر بالحزن إزاء تصفيق الحضور لما تقوله لأن عددا كبيرا من أهل غزة قد قتلوا، وأعتقد أن من الخطأ وغير الإنساني أن نصفق لعملية أسفرت عن مثل هذه النتائج).

بسبب هذه الكلمات المحقة التي نصرت الحق وأبطلت الباطل وتضامنت مع  المظلوم، وقمعت الظالم، حفر الطيب أردوغان قبرا لشمعون بيريز قبل موته، واغتاله معنويا، وحطم حلمه في أن يستمر كذبه على العالم بأنه رجل سلام نذر حياته للتعايش والتسامح والسلم، وبيّن نفاق كثير من المؤسسات الدولية التي تحابي القتلة وتمنحهم جوائزَ وألقابًا لا يستحقونها إما رغبة أو رهبة من الصهاينة.

أما حال عرب اليوم فقد اختلط عليهم الحابل بالنابل، وأصبحوا لا يفرقون بين عدوهم الحاقد الباغض وصديقهم الأمين الناصح.

أردوغان وإن كانت بلاده في علاقة دبلوماسية قديمة مع الكيان الصهيوني المحتل، إلا أن أنه أظهر عزة ورجولة ومروءة وإنسانية في موقف أظهر فيه بعض العرب العار والخذلان والذل والمهانة.

أردوغان قتل بيريز معنويا بوصفه الوصف الذي يستحقه حينما قال له: "حينما يتعلق الأمر بالقتل، فإنكم تعرفون كيف تقتلون"، لكنه لم يمشي في جنازته.

لأن بطل دافوس ونجمها، لا يمشي في جنازة قاتل النساء والشيوخ والأطفال.

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس