الأناضول 

في قصر خشبي يكسوه اللون الأبيض بطوابقه الخمسة، تتوجه أنظار الكبار قبل الصغار إلى متحف "إسطنبول لألعاب الأطفال" الذي يضم بين جنباته أكثر من 10 الآف لعبة قديمة تم جمعها من كافة أنحاء العالم، تمثل فترات زمنية مختلفة يعود بعضها إلى 300 عام. 
متحف "إسطنبول لألعاب الأطفال" الذي يقع في منطقة "جوزتبة" بمدينة إسطنبول، تأسس عام 2005 على يد التركي "سوناي أكن"، ويعد واحداً من أكبر خمسة متاحف لألعاب الأطفال في العالم. 

ومن أكثر ما يميز المتحف دُمى الألعاب ذات الأصناف والأشكال المختلفة، التي تمت صناعتها منذ مئات السنين في عشرات من الدول حول العالم، جلبت من قبل المتحف. 

وترتدي الدُمى الأزياء التراثية المختلفة في تركيا وألمانيا وعدد من دول العالم، كالأزياء الشعبية والرسمية، وملابس النوم، وأزياء العمل في المحلات كالنجارة والحدادة ومحلات العطارين. 

ويزور المتحف الذي يتكون من قصر خشبي، المئات من المواطنين الأتراك شهريا، فضلاً عن السياح القادمين من دول العالم، لمشاهدة القطع والمقتنيات التاريخية لألعاب الأطفال، في مكان جمع بين فنون العديد من الدول، وأهمها تركيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. 

ويمكن للسياح بعد الانتهاء من الزيارة شراء دُمى حديثة للأطفال موجودة في قسم خاص، مصنوعة صناعة يدوية، مشابهة لما شاهدوها في المتحف. 

ويحتوي القسم الأول من المتحف على مجسمات من السكك الحديدية القديمة وقطاراتها التي كانت تعمل بالفحم، في أوائل القرن العشرين، وتجسيد للعمال الذين كانوا يعملون بها على شكل دُمى، مع توضيح لكل خط، ومكان وجوده وتاريخ إنشائه، بالإضافة إلى إصدار أصوات القطارات القديمة في كل غرفة، لتقريب الصورة إلى ذهن الزائر. 

ويضم القسم الثاني نماذج من القصور التاريخية في العالم، كألمانيا وبريطانيا، ودمى للأشخاص الذين يسكنون بها، ومجسمات للبيوت والجسور والموانئ البحرية في نهاية القرن الواحد والعشرين وبداية القرن العشرين، وجميع أنواع السفن والبواخر في الفترة ذاتها، بالإضافة إلى مجسمات للجرارات البدائية، والعديد من الآلات كالمنشار والشنيور، والألعاب القديمة كالبلياردو والتنس والسلة وكرة القدم. 

وحول أدوات الدفاع المدني فقد تم تخصيص قسم ثالث يحوي صناديق تحوي أدوات بدائية للدفاع المدني في القرن العشرين، وصور لرجال الدفاع المدني والمسعفين على شكل دمى مصنوعة صناعةً يدوية، كالطائرات ومبنى المركز والسيارات والجرارات، وتم عرض الأدوات التي كانت تستخدم في الولايات المتحدة عام 1930، وفي اليابان عام 1950، وفي ألمانيا عام 1920، والبرتغال عام 1950، بالإضافة إلى تركيا عام 1960. 

ويصور القسم الرابع في المتحف للزائر مشهد الشوارع وحركة السير في بداية القرن الماضي، بواسطة مجسمات تجسد سير الحركة، من خلال إشارات المرور والسيارات وعربات نقل الخيول ومحطة البنزين البدائية، بالإضافة إلى السيارات العسكرية التي كانت تستخدم في الحرب العالمية الأولى، وتجسيد حركة الناس وجلوسهم على شكل دُمى الأطفال. 

ويوجد قسمٌ خامس يضم صندوقاً به عشرات من الدراجات النارية الألمانية، على شكل مجسمات صغيرة، في الفترة الواقعة بين عامي 1910 الى عام 1960، بالإضافة إلى السيارات القديمة في تركيا عام 1960، مع مجسمات لأزياء للأشخاص من الذين كانوا يقتنون الدراجات حينها. 

وجسّد القسم السادس الحروب التي وقعت بين الهنود الحمر والأمريكان، ومعارك رعاة البقر عام 1930، بالإضافة إلى عرض جميع أنواع الطائرات الحربية منذ بداية صناعتها في كل من اليابان وأمريكا وألمانيا وفرنسا، خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 1910 حتى عام 1950، كطائرات نقل الجنود والإنزال والطائرات البرمائية، بالإضافة إلى مطار قديم يضم تلك الطائرات. 

وضم القسم السابع للمتحف دُمى لمقاتلين أتراك في الحرب العالمية الأولى والثانية، بالإضافة إلى العديد من الدمى لجنود أتراك من عام 1900 إلى 1920، وتم تجسيد العروض العسكرية التي كانت في ألمانيا من عام 1930 إلى عام 1944، مع صوة مجسمة للزعيم النازي أدولف هتلر وهو يخطب أمام الجنود، بالإضافة إلى قصور داخل العاصمة الألمانية برلين. 

وقال "سوناي أكن"، صاحب متحف إسطنبول للألعاب، للأناضول إن "قمت بتأسيس المتحف عام 2005، وأخذت فكرته من خلال زيارتي إلى إحدى متاحف الألعاب في ألمانيا، قبل نحو 25 عاما، ورأيت أن هنالك فرصةً لأقوم بتطبيق الطموح الذي أرنو إليه، وهو إقامة متحف تاريخي خاص للأطفال في تركيا، وبالفعل نجحت بتطبيق الفكرة كما تشاهدون". 

وأضاف أكن أن "الزائرين يأتون إلى المتحف من كافة دول العالم، لأن هذا المكان يخاطب الجميع، ويتكون المبنى من خمسة طوابق، ويحتوي على أهم الآثار في تاريخ الألعاب في العالم، ويعد متحفنا من بين أهم خمسة متاحف على مستوى العالم". 

وأشار إلى أن" أقدم الألعاب في المتحف يمتد عمرها من عام 1700 وما بعدها، وقمنا بشراء هذه الألعاب من مقتني التحف". 
"أصله سيكو"، إحدى زائرات المتحف، قالت للأناضول: "أعجبني المتحف كثيرا، واصطحبت صديقتي معي وهي معجبة مثلي، وهذا المتحف له مكانة خاصة عندي من بين المتاحف التركية". 

وتابعت: "ما فاجأني في المتحف هو رؤية الألعاب القديمة التي كان يلعب بها أجدادنا في طفولتهم، لذلك أحببت أن أقوم بزيارة له، خصوصاً أني سمعت مدحا كثيراً عنه". 

ويأخذك المتحف في رحلة إلى ماضي الطفولة البريئة، والتي أصبح من الممتع العودة إليها، لاسيما إذا كانت مع العائلة والأطفال، وبعد أن ينتهي الزائر من جولته في أنحاء المتحف، يستطيع احتساء كوب من الشاي أو القهوة، في مقهى صغير ملحق به.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!