رداد السلامي - خاص ترك برس

الحقيقة أن ثمة تبادل أدوار، فروسيا تحمي شيعة سوريا وتمكنهم وأمريكا تمكن شيعة العراق وإيران تغير التركيبة الديموغرافية لصالح وجودها المهيمن في المنطقة بمساندة روسية وأمريكية، والضحية هم السنة من عرب وترك وأكراد، التغييرالديموغرافي والتقسيم لن يتوقف في سوريا والعراق، سيمتد مع المدى إلى تركيا والسعودية ودوّل الخليج ولن يستثني مصر والجزائر، اليمن دخل قلب اللعبة أيضا منذ زمن بسبب السياسة السعودية والإماراتية السابقة التي انشغلت بعدو وهمي صنعته القوى الغربية بالشراكة مع الأنظمة التي ثارت ضدها الشعوب العربية المغلوب على أمرها.

إن تركيا والسعودية مع بقية دول الخليج العربي والدول العربية المنضوية في مسارهما هما الضمانة الوحيدة لبناء نظام إقليمي عربي إسلامي موحد ومتماسك قادر على الهيمنة على مختلف التفاعلات والأحداث وتحقيق توازن مستقر في المنطقة، إن هذا التعاون والتساند والترابط المنظم والمستمر يراكم تحولات إيجابية في مستقبل المنطقة ككل ويوفر الضمانات الواقعية الأكيدة لبناء نظام أمني إقليمي عربي واسلامي قوي ومستقر، فتركيا ستلعب دورا محوريا في تأكيد هذا التوجه وتحويله الى واقع يفرض فرضا في ظل التحولات في هيكلية النظام العالمي الجديد.

اعتنقت القبائل التركية الإسلام في القرن الثامن الميلادي ايّام الخلافة العباسية فاستقوى بهم الخليفة العباسي وعهد الى أمراءهم إدارة الدولة والجيش وكان أحمد ابن طولون أول والي تركي على مصر يستقل عن الخلافة  عام 868 ويضم سوريا إلى ولايته وقد امتاز عهد الطولونيين الذي استمر 37عاما بالعمران والازدهار.

وعندما نشبت الحروب الصليبية أبلى الأمراء الأتراك أحسن البلاء في الدفاع عن الديار الإسلامية، ومن أبرز أعلامهم الظاهر بيبرس وابنه الأشرف وصلاح الدين الأيوبي القائد التاريخي المسلم الكردي الذي دحر الصليبيين في معركة حطين وحرر القدس.

كما تصدى المسلمون الأتراك أيضا للغزو المغولي، وفِي العصر الحديث حافظوا على الشرق الإسلامي ضد الغزو الأوروبي البرتغالي الإسباني ثم الفرنسي والبريطاني ولَم يسقط العالم العربي بين مخالب هذه القوى إلا بعد تمزيق الإمبراطورية الإسلامية العثمانية على النحو الذي تنبأ به السلطان عبد الحميد الثاني واليوم إذ لم يكن هناك تكامل في توزيع الوظائف الاستراتيجية، فسيكون هناك تشابك في الأدوار، وتداخل في الآراء وتباين في الخيارات، والأولويات، ويتحتم تجاوز الكثير من عقد الماضي (مخلفات الحرب العالمية الاولى وما بعدها) لإرساء قاعدة جديدة لعلاقات إسلامية "عربية- تركية" متماسكة ذات رسالة حضارية تمكنهما من تبؤ مركز محترم في لعبة الأمم ومواجهة اللعبة الدولية الخطيرة التي تستهدف المنطقة وتغيير خارطتها وإضعاف الوجود الاسلامي السني الأصيل وتذويبه.

عن الكاتب

رداد السلامي

صحفي يمني


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس