مراد يتكين - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

بينما كان وزيرا دفاع الولايات المتحدة وفرنسا يجتمعان في بروكسل في السادس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول لإجراء تقييم للوضع في الموصل والعراق بشكل عام، كانت أنقرة تركز على مساعدة الجيش السوري الحر في السيطرة على المدن التي تعد مفتاحا لأمن حدودها.

في اليوم نفسه قال الرئيس، رجب طيب أردوغان، إن تركيا مصممة على تطهير منبج من قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يمثل التهديد الرئيس لتركيا بعملياته الإرهابية. انتزع جيش سوريا الديمقراطي مدينة  منبج من أيدي تنظيم الدولة "داعش" في وقت سابق من هذا العام. ويتألف هذا الجيش أساسا من وحدات حماية الشعب الكردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وقد سيطر على المدينة بهجمات جوية ودعم عسكري من القيادة المركزية الأمريكية.

في اتصال هاتفي في مايو/ أيار بين الرئيس أردوغان والرئيس الأمريكي باراك أوباما، وافقت تركيا على غض الطرف عن تزويد الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي بالسلاح، في مقابل وعد بأن تنسحب قوات الاتحاد الديمقراطي من منبج في وقت لاحق، وتتراجع إلى شرقي نهر الفرات. كان الهدف هو منع حزب الاتحاد الديمقراطي، أي حزب العمال الكردستاني في تركيا، من إقامة منطقة سيطرة على طول الحدود التركية مع سوريا البالغة 900 كم.

وعندما تيقنت الحكومة التركية من أن الأمريكيين لا يستطيعون أو لن يخرجوا الاتحاد الديمقراطي من منبج، على الرغم من الطلبات الكثيرة التي تقدمت بها أنقرة، وبعد هجوم داعش الإجرامي على مدينة غازي عنتاب الحدودية، دخلت القوات التركية لدعم الجيش السوري الحر، فانتزعت السيطرة على مدينة جرابلس الحدودية من تنظيم داعش في اليوم الأول للعملية في ال24 من أغسطس/ آب، وقبل وقت قصير سيطرت قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا على بلدة  دابق ذات الأهمية النفسية من داعش. وفي النهاية ضمنت السيطرة على منطقة بعرض 90 كم، وبعمق يتراوح بين 20- 25 كم. ضربت القوات التركية أيضا وحدات حزب الاتحاد الديمقراطي في القطاع الغربي من هذه المنطقة بعد محاولة الأخيرة التحرك نحو بلدة الباب الواقعة على بعد نحو 45 كم من الحدود التركية.

مدينة الباب هي مفتاح مستقبل تركيا في سوريا. تقع المدينة التي يسيطر عليها داعش في الوقت الحالي على الطريق بين منبج وحلب. لا يريد حزب الاتحاد الديمقراطي/ العمال الكردستاني أن تسيطر القوات المدعومة من تركيا على الباب؛لأن ذلك من شأنه أن يدق إسفينا بين المناطق الخاضعة لسيطرتهم بين عفرين شرقي سوريا وكوباني شرقي نهر الفرات. لا يحبذ الأمريكيون أن يسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي على مدنية الباب أيضا، لكنهم في الواقع ليسوا معنيين بغرب سوريا، بسبب استمرار الدعم الروسي القوي للنظام السوري هناك.

إن سيطرة الجيش السوري الحر على مدينة الباب هي أمر جوهري بالنسبة لتركيا لإبعاد داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي عن حدودها.

بلدة سورية أخرى مهمة بالنسبة لتركيا، ولكنها ليست الرقة التي تبعد 120 كم عن الحدود التركية، بل بلدة تل أبيض. تقع تل أبيض على تماس مع مدينة أقجة قلعة التركية، وكانت من قبل هدفا لكثير من الهجمات التي شنها داعش. يسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي حاليا على المدينة، لكن مصادر أمنية تركية تعتقد أن هذه السيطرة ليست مستقرة. لا تريد أنقرة أن يسيطر الاتحاد الديمقراطي ولا داعش على المدينة؛ لأن موقعها سيمنح الفرصة لأي منهما لتسلل المسلحين إلى تركيا.

تمسُك أنقرة بهاتين البلدتين يمكن أن يتحول قريبا إلى مشكلة أخرى بين أنقرة وواشنطون بسبب الدور الذي يلعبه حزب الاتحاد الديمقراطي. وهذا هو أحد المعاني الكامنة وراء تصريح وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، يوم 24 أكتوبر، الذي قال فيه" إن تركيا قادرة على اتخذا خطوات لحماية نفسها في سوريا والعراق" لكنه لم يكن يشير بذلك إلى عملية الموصل فقط.

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس